خبر وقعوا أو انتظروا المزيد من الحصار ..ياسر الزعاترة

الساعة 02:17 م|19 أكتوبر 2009

وقعوا أو انتظروا المزيد من الحصار ..ياسر الزعاترة

  

ـ الدستور الأردنية 19/10/2009

في حين ينكر بعض المسؤولين المصريين وجود أية تعديلات على ورقة المصالحة ، فإن مسؤولي حماس والجهاد والآخرين يعرفون أن النص الحالي يساوي تقريبا ثلاثة أضعاف النص السابق ، ما يعني حشدا من الكلمات التي حُمّلت بكل ما يشتهيه قادة السلطة من مضامين.

والحق أن رفضنا لهذه المصالحة الفاسدة لا يعود فقط إلى المضمون البائس للورقة المذكورة فقط ، بل أيضا لبرنامج الديمقراطية تحت الاحتلال برمته ، أقله من أجل الإبقاء على سلطة مصممة لخدمته (نقبل بها دون تردد في الداخل والخارج من أجل تشكيل مرجعية للشعب الفلسطيني) ، مع التذكير بأن ما يجري لا صلة له بالبكاء على الديمقراطية والمصالحة ، بل هو مخطط له هدف واحد ووحيد كما قلنا ألف مرة ، وهو إخراج حماس من الباب الذي دخلت منه.

هي "انتخابات دون حق الانتخاب" ، كما هو عنوان مقال الدكتور عزمي بشارة في الجزيرة نت ، لأنها تتم تحت سيف تهديد الفلسطيني ، ليس بقوته فقط ، بل بقوت أطفاله أيضا ، إذ عليه أن ينتخب طرفا بعينه إذا أراد التخلص من الجوع والحصار (يقترح بشارة أن تشترط قوى المقاومة إعلان الرباعية الدولية قبول نتائج الانتخابات مهما كانت ، وهي لن تقبل بالطبع).

تحدثنا في هذا الأمر ولا حاجة للمزيد ، أقله في هذه السطور ، وما يعنينا في واقع الحال هو لعبة التهديد التي تتعرض لها حماس من الطرف المصري من أجل التوقيع على الورقة من دون أي تعديل ، وهو ما يثبت أن هدف القاهرة من اللعبة هو ذاته هدف قيادة السلطة الذي أشرنا إليه آنفا ، وبالطبع لأن التخلص من "الإمارة الظلامية" ليس هدفا "عباسيا" فقط ، بل هو هدف مصري أيضا ، وكان أول من استخدم عبارة "الإمارة الإسلامية" هو مصطفى الفقي ، مسؤول الشؤون الخارجية في مجلس الشعب ، حين قال إن مصر لا تحتمل إمارة إسلامية (لم يقل ظلامية للأمانة) في خاصرتها الجنوبية.

يعلم الجميع أن قطاع غزة يعاني من حصار خانق تعالجه لعبة الأنفاق من زاوية مستلزمات الحياة (لا يشمل ذلك مواد البناء إلا بقدر محدود) ، وهي أنفاق لا يزعم أحد أنها تعمل خارج إطار الإرادة المصرية الرسمية ، بل إننا نزعم أنها لا تعمل خارج إطار الإرادة الإسرائيلية أيضا ، بدليل التسامح الأمريكي معها ، والنتيجة أن كل الأطراف المذكورة لا تريد للقطاع أن يبلغ مرحلة الجوع والبؤس الشامل ، لكنها لا تريد في المقابل أن يعيش بشكل عادي ، أولا لكي يقايض التهدئة بلقمة العيش ، وثانيا لكي يكون الحصار مصدر تهديد للناس كي لا ينتخبوا حماس في حال وافقت على دخول اللعبة مرة أخرى.

وفيما يعلم المعنيون أن الاحتلال ملزم بتزويد القطاع بالاحتياجات الأساسية بحسب مواثيق جنيف ، فإن الجانب الآخر من الحصار الذي يبدو أكثر أهمية هو معبر رفح الذي يشكل نافذة أهالي القطاع الوحيدة على العالم الخارجي.

المعبر المذكور هو أداة الابتزاز الرئيسة التي تستخدمها مصر لإخضاع حماس ، كما يستخدم أيضا في ترويض بعض القادة ، فمن كان "هينا لينا" منهم سيفتح له الباب بسهولة ويسر ، ويعامل معاملة القادة ، ومن كان غير ذلك ، كما هو حال سامي أبو زهري على سبيل المثال ، سيكون له شأن آخر ، بما في ذلك اعتقال شقيقه ووفاته في السجن.

الآن ، وفي سياق الضغط من أجل تمرير ورقة المصالحة ، تهدد القاهرة ، ليس فقط بإغلاق المعبر بالكامل ، بل بمحاربة الأنفاق أيضا ، وهو تصعيد خطير من دون شك ، لكن حماس لا يجب أن تخضع لهذا اللون من الابتزاز ، وعليها أن ترد على ذلك بالتلويح بإمكانية تكرار سيناريو هدم المعبر كما وقع مطلع العام الماضي ، مع فضح الحصار أكثر فأكثر عبر النشاطات الجماهيرية ووسائل الإعلام ، الأمر الذي سيثير المصريين الشرفاء ممن يرفضون حصار إخوانهم وتجويعهم ، ومن ورائهم الشارع العربي والإسلامي.

نعلم أن القاهرة الرسمية لم تكن يوما وسيطا متوازنا بين الفرقاء الفلسطينيين ، وإن كانت كذلك في الوساطة بينهم وبين عدوهم،، ، لكن حماس التي استعصت على الضغوط في مرات سابقة ، ينبغي أن تكرر ذلك هذه المرة ، ليس رفضا للمصالحة ، بل رفضا للعبة مبرمجة ليس فيها سوى خدمة برنامج الاحتلال القائم على تكريس واقع السلطة المصممة لخدمته عبر ضم قطاع غزة إليها.