خبر تركيا لا سامية أم لا اسرائيلية؟ -يديعوت

الساعة 09:28 ص|19 أكتوبر 2009

بقلم: درور زئيفي

 (المضمون: كمحب لتركيا ومؤمن بان بوسعها أن تكون مثالا ونموذجا للانخراط في العالم الحديث واحلال السلام في المنطقة بأسرها، آمل بان يعمل الشعب التركي وحكومته على وقف هذا الانجراف والفصل بين اللا سامية التي هي غير الشرعية باي حال وبين الانتقاد المتوازن لسياسة حكومة اسرائيل - المصدر).

قبل بضع سنوات صور في تركيا فيلم "وادي الذئاب" الذي يعرض جنودا امريكيين يقتلون اطفالا ونساء، وطبيب أمريكي يسلب اعضاء من مواطنين قتلى. وأذكر جيدا ايضا المظاهرات الانسانية للاتراك ضد الاجتياح الامريكي للعراق، رفضهم السماح للامريكيين نقل القوات عبر الدولة ومقاطعة "كوكا كولا" من انتاج الولايات المتحدة.

كل هذا لا يظهر بالضرورة بان الاتراك هم لا مسيحيين أو لا غربيين، بل ان لديهم انتقادا حادا جدا على الخطوات الامريكية وعلى الطريقة التي يقاتلون بها في العراق. هذا الانتقاد تغذية "الجزيرة"، من خلال كشف التعذيب في سجن ابو غريب والحالات التي قتلت فيها القوات الامريكية عن قصد، وعلى سبيل الخطأ او من خلال الاهمال مواطنين عراقيين.

الانتقاد لاسرائيل اليوم يشبه جدا الانتقاد اياه، والان ايضا يجب تعبيره في عرض جنود اسرائيليين كقتلة في التلفزيون التركي، الغاء المناورة الجوية او ملاحظات توبيخ من جانب رئيس الوزراء اردوغان. الافتراض بان اللا اسرائيلية معناها لا سامية ليس بالضرورة صحيحا. كما ينبغي لنا أن نتذكر بانه الى جانب كراهية الاجانب، التي كانت قائمة دوما فيها بهذا القدر أو ذاك، فان تركيا كانت احدى الدول الوحيدة التي منحت ملجأ للعلماء والاكاديميين اليهود من المانيا عشية الحرب العالمية الثانية، والدولة الاسلامية الوحيدة التي اعلنت عن نفسها علمانية في ظل تآكل مكانة الاسلام كدين للدولة. بنبرة شخصية يمكنني أيضا أن اشير رغم أني اقضيت في تركيا أشهر وسنين فاني لم القى ابدا أي عداء على خلفية أصلي.

ولكن فحصا معمقا يظهر أنه حتى دون صلة بالسياسة الاسرائيلية، يبدي الاتراك ميولا عدائية، واللا سامية ترفع فيها رأسها.

اللا سامية وكراهية الاجانب لم تختفيا من تركيا وعلى مدى السنين وجدت فيها الى جانب الانفتاح التقليدي. "بروتوكولات حكماء صهيون" وكتب تربط بين اليهودية والبناة الاحرار والسيطرة على العالم كانت دوما شعبية في الاسواق. مؤخرا، في التفافة ذات مفارقة، صدر كتاب "ابناء موسى" الذي يدعي بان صعود اردوغان وحزبه الى الحكم هو جزء من مؤامرة يهودية دولية، وعلى الفور اصبح عظيم الانتشار.

قبل نحو اسبوعين نشر في تركيا استطلاع كبير "بتمويل الاتحاد الاوروبي" سعى الى فحص موقف الاتراك، من كل الاديان، من جيرانهم، ابناء الجماعات الدينية والعرقية الاخرى، ولا سيما اليهود. أكثر من الف شخص في شوارع الدولة شاركوا فيه، والنتائج ليست مشجعة. معظم المستطلعين (نحو 90 في المائة) لا يسكنون في مقربة من يهود وأغلبية كبيرة (نحو 75 في المائة) لا يعرفون شيئا عن اليهودية. ولكن لاغلبية المسلمين يوجد رأي سلبي نسبيا عن اليهود واليهودية، ونحو 61 في المائة منهم لا يريدون السكن بجوار يهود أتراك. نحو نصف المستطلعين أعربوا عن تحفظهم من انخراط اليهود في أدوار أمنية، سياسية أو تمثيلية في الدولة. وبالمناسبة، الوحيدون الذين هم أقل عطفا من اليهود في نظر الجمهور هم اولئك الذين يعرفون انفسهم بانهم لا دين لهم.

في ضوء هذه المعطيات والتطورات الاخيرة يمكن القول انه في السنوات الاخيرة تغلق اللا سامية في الدولة دائرة. الطرفان يتحدان فيها – اللا اسرائيلية التي تقترب احيانا من اللا سامية، السائدة في اليسار الغربي وممثلوها البارزون هم في الاكاديميا، واللا سامية التقليدية "للبروتوكولات" التي اصبحت خبزا مشروعا لدى عموم الجمهور في الدول العربية. بتعبير آخر، تركيا التي تشكل جسرا بين اوروبا والشرق تجد نفسها تشكل جسرا ايضا للربط بين هاتين الرؤيتين، اللتين تداخلهما مخيف ومنفر.

بصفتي باحث في شؤون الشرق الاوسط، وكمحب لتركيا ومؤمن بان بوسعها أن تكون مثالا ونموذجا للانخراط في العالم الحديث واحلال السلام في المنطقة بأسرها، آمل بان يعمل الشعب التركي وحكومته على وقف هذا الانجراف والفصل بين اللا سامية التي هي غير الشرعية باي حال وبين الانتقاد المتوازن لسياسة حكومة اسرائيل.