خبر تقرير غولدستون -يديعوت

الساعة 09:26 ص|19 أكتوبر 2009

بقلم: دوف فايسغلاس

مستشار شارون سابقا

التطورات القانونية والسياسية المتوقعة من تقرير غولدستون تثير هما غير قليل، ولكن اساس القلق هو في الظاهرة: الاجماع شبه العام على هذه الوثيقة، التي احادية الجانب فيها بارزة، ورميها بغضب في وجه اسرائيل. التأييد الذي يحظى به التقرير في دول هامة، ليست كلها معادية لاسرائيل، يدل على ان صبر العالم على اسرائيل آخذ في التضاؤل.

النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني هو اساس الموضوع موضع الخلاف بين اسرائيل وامم العالم. معظم دول العالم تتمنى حله وتعنى به دون انقطاع، على نحو مغاير، لسبب ما، عن النزاعات السياسية الاخرى في العالم. العالم "معنا" او "ضدنا" اساسا وفقا لما يبدو، واحيانا بسطحية شديدة، كرغبة في "السلام" أو رفضه.

اسرائيل اخطأت حين اعتقدت بانها ستنجح في ازاحة النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني عن جدول الاعمال العالمي في أن "تشرح" – بالاساس للامريكيين – بانه "في هذه اللحظة غير مهم" ويجب "التركيز على ايران". لقد اخطأت اسرائيل حين اعتقدت انه سيكون ممكنا "نسيان" الجانب السياسي للنزاع بنشاط حثيث لتخفيف شروط حياة الفلسطينيين في المناطق وفي تقدم "السلام الاقتصادي". هذا لم ينجح. فالجميع يرون في النزاع السبب لمعظم الشرور التي تصيب العالم السياسي، والجميع يريدون انتهاء النزاع وبأسرع وقت ممكن. ولهذا السبب، فان اسرائيل مطالبة من كل صوب ونحب التقدم السياسي، والصلة بين موقفها من النزاع وبين مكانتها السياسية في العالم مطلقة، مباشرة وفورية.

في الماضي أيضا طرح الفلسطينيون ادعاءات عن "جرائم حرب" اسرائيلية، ولكن طالما اعتبروا اعداء للسلام – ولا سيما بسبب انشغالهم في الارهاب – نجحت اسرائيل في صدهم. هكذا مثلا بعد حملة "السور الواقي" ردت ردا باتا الدعوة الفلسطينية لتعيين لجنة تحقيق دولية بسبب المذبحة التي زعم ان الجيش الاسرائيلي ارتكبها في جنين. هكذا ايضا فشلت المساعي الفلسطينية لادانة اسرائيل في المحكمة الدولية في لاهاي على "جريمة انسانية" زعم انها ارتكبتها بفضل بناء الجدار الامني، وذلك لان الفلسطينيين اعتبروا في حينه اعداء للسلام.

اليوم، تغيرت الامور بشكل متطرف. في السلطة الفلسطينية، التي حتى قبل بضع سنوات اصطدمت رغبتها في أن تقيم وتدير دولة بسخرية، تبدو اليوم اكثر من أي وقت مضى كيانا سياسيا متزنا ومعتدلا وكطرف مؤهل وجدير في تسوية سياسية. حكم حماس في غزة لا يعتبر في العالم كمانع لمسيرة سياسية ولكن كسبب لتسريعها. الكثيرون يعتقدون بان تسوية بين اسرائيل والسلطة ستعمل على صد حماس واضعافها. العالم – يمكن وقبل الاوان – فرح. اخيرا الارهاب في معظمه اختفى وتوفرت قيادة فلسطينية مناسبة، الى هذا الحد او ذاك، لتسوية سياسية. غير أن حكومة اسرائيل كفت عن المسيرة السياسية، وبرأي الكثيرين في العالم تراجعت فيها الى الوراء.

الحكومة تتصرف بعناد كبير في السياق الاسرائيلي – الفلسطيني: فقد امتنعت حتى الان عن تأكيد التزامها بخريطة الطريق، واحتاجت اشهر طويلة كي تعترف، بشروط، بحل الدولتين. نجحت في تشويش مواقف اسرائيلية سابقة واضحة بالنسبة لصيغة التسوية الدائمة، لا تتفاوض مع الفلسطينيين في أي قناة كانت، وتمتنع – ضمن امور اخرى بسبب تركيبتها السياسية الداخلية – عن عرض موقف، ولو حتى عمومي، في المسائل الاساس للنزاع، مثل توزيع الارض بين اسرائيل والفلسطينيين، مستقبل المستوطنات الاسرائيلية في يهودا والسامرة ومستقبل مدينة القدس.

هذا الصمت مقلق ومثير لاعصاب الفلسطينيين ومعظم دول العالم. والاكثر اغاظة من ناحيتهم هو المعالجة المترددة والمتملصة من جانب الحكومة في مواصلة بناء المنازل اليهودية في داخل الاحياء الفلسطينية من القدس وفي استمرار تطوير المستوطنات الاسرائيلية حتى في الامكان التي واضح للجميع بانها في كل تسوية دائمة لن تكون جزءا من اراضي اسرائيل.

الثقة بجدية نوايا حكومة اسرائيل في تحقيق تسوية سياسية مع الفلسطينيين آخذة في النفاد. وهكذا فان جملة "العالم كله ضدنا" من شأنها ان تصبح واقعا. تقرير غولدستون هو مؤشر سيء جدا على ذلك.