خبر الدولاب يعود الى الوراء.. هآرتس

الساعة 09:39 ص|18 أكتوبر 2009

بقلم: شاؤول ارئيلي

خبير في شؤون جدار الفصل ورئيس مجلس السلام والامن

في ختام حملة "رصاص مصبوب" ترسخ التقدير بان نتائجها ستفحص اساسا من حيث الشكل الذي ينجح في اقرار سياقات اقليمية بعيدة المدى. مصر تمنع التهريب وتحقق المصالحة الفلسطينية الداخلية، بشكل يخضع حماس عمليا لقيادة محمود عباس؛ الولايات المتحدة تعمل على استئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية واسرائيل لسحب الاساس الذي تستند اليه ايران في محاولاتها لتحقيق هيمنة اقليمية.

جملة الاحداث في الاسابيع الاخيرة، والتي كانت ذروتها في توقيع فتح على اتفاق المصالحة، تدل على الفشل في تحقيق هذه الاهداف، وما حذرنا منه يتحقق – الدولاب يعود الى الوراء، حماس تتعاظم، ابو مازن يضعف، التسلل الايراني يتعمق، هناك مؤشرات على استئناف النار في القطاع، في شرقي القدس يوجد هياج وهناك تخوف من ضعضعة العلاقات بين اسرائيل ودول المنطقة.

في الاشهر التسعة التي انقضت، مع ان ابو مازن نجح في تحقيق اصلاحات سلطوية، بناء أجهزة امن بل والخروج قويا من مؤتمر فتح السادس، ولكن كل هذا عزز حكمه فقط في اطار فتح – م.ت.ف ، وفي منطقة الضفة، التي يعمل فيها الجيش الاسرائيلي. في المنافسة مع حماس، بمعونة الوساطة المصرية وفي ظل غياب ثمار سياسية، امتنع عن التعهد بتوقيعه اتفاق المصالحة الذي لا يسمح له بعودة جزئية الى غزة ولا يمنحه الشرعية العامة في تمثيل الفلسطينيين في المفاوضات.

وبينما هو مكبل بالرأي العام الفلسطيني بالمطلب الامريكي والاوروبي لتجميد تام للبناء في المستوطنات اضطر للوصول الى اللقاء الثلاثي العقيم في نيويورك والذي استغلته حماس لمواصلة التشكيك بشرعيته. وقد تضررت هذه اكثر من خلال قضية غولدستون. فامتناع السلطة الفلسطينية عن رفع التقرير الى مجلس حقوق الانسان للامم المتحدة اعتبرت في نظر الجمهور الفلسطيني خضوعا للضغوط الاسرائيلية (بالنسبة لرفض اسرائيل تخصيص ترددات لاقامة شبكة خلوية ثانية) والامريكية (التي طلبت ثمنا مقابل جر نتنياهو الى طاولة المفاوضات).

فشل المساعي الامريكية لتحريك المسيرة السياسية وتجميد البناء في المستوطنات وتحرير السجينات الفلسطينيات مقابل شريط جلعاد شليت – الى جانب اعلان نصر بان معبر رفح سيفتتح بشكل كامل في اطار اتفاق المصالحة – أكملت حاليا الانقلاب في موقفي ومكانتي حماس وفتح. الاولى، التي سعت الى اتفاق المصالحة لتحقيق شرعية وفتح المعابر تطلب الان من مصر تأجيل توقيعها العلني الى أن تتغير "الاجواء ضد ابو مازن"؛ وهي تقصد عمليا اعادة صياغة الاتفاق بشكل يحرم ابو مازن من حرية العمل السياسي بدعوى انه فقد ثقة الشعب الفلسطيني. اما الاخيرة فتضطر الان الى المسارعة الى تبني الاتفاق قبل أن يتغير، كيف تتمكن من البقاء سياسيا، سواء داخل م.ت.ف ام في المنافسة مع حماس على تمثيل الفلسطينيين.

المحاولة الامريكية لمنع المصريين من دفع اتفاق المصالحة، بدعوى انه سيمس بالمسيرة السلمية، بدت تهكمية في ضوء اتضاح الصورة السياسية حيال حكومة نتنياهو. جدير ان يسارع الامريكيون الى أن يضعوا امام الاطراف اقتراح التوفيق الاولي لاستئناف المفاوضات، منعا لتواصل التدهور في مكانة عباس، قبل أن يضطروا الى ابتلاع باقي مطالب حماس. الاستجابة الاسرائيلية للاقتراح يمكنها أيضا ان تساعد في ان تعيد الى مسارها شبكة العلاقات الاستراتيجية بين اسرائيل وتركيا، قبل أن تنهار هذه بالتوازي مع تعزيز العلاقات بين تركيا وسوريا.