خبر تغيير في السياسة الأمريكية.. إسرائيل اليوم

الساعة 09:33 ص|18 أكتوبر 2009

بقلم: دانييل بايبس

مدير منتدى الشرق الاوسط في معهد هوفر في جامعة ستانفورد

يكاد يكون دون ان يبرز الامر بما فيه الكفاية، انتصرت حكومة اسرائيل انتصارا كبيرا مؤخرا عندما تنازلت ادارة اوباما عن بعض جوانب في مبادرتها السياسية.

اذا كنت اعربت في الماضي عن تخوف من مستقبل العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة، في هذه اللحظة يبدو اتجاها اكثر ايجابية. وكما يذكر، قبل اربعة اشهر كشفت الادارة الامريكية الجديدة عن سياسة جديدة شددت بقوة على وقف البناء في المستوطنات. وبشكل مفاجىء، طلب الموظفون الامريكيون التجميد ليس فقط في الضفة الغربية بل وفي شرقي القدس ايضا – وهي ارض اسرائيلية حسب القانون.

وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، دشنت المبادرة في ايار، واعلنت بان الرئيس الامريكي "يريد أن يرى وقف الاستيطان – ليس فقط جزئيا، وليس فقط البؤر الاستيطانية، وبدون تبريرات مثل "النمو الطبيعي""، بل واضافت "نحن نعتزم الضغط في هذه النقطة". اما اوباما فثبت موقفها حين قال في حزيران ان "الولايات المتحدة لا تقبل بشرعية المستوطنات... حان الوقت للتوقف". كان يبدو أن وجهة الادارة هي نحو صراع لا هوادة فيه في هذه النقطة.

في ضوء ذلك، أبو مازن السعيد جلس مرتاحا في كرسيه، أجرى المقابلات الصحفية وأعلن بان "الامريكيين هم زعماء العالم... سأنتظر الى أن تجمد اسرائيل المستوطنات". حتى ذلك الحين كان ابو مازن ضالعا في اتصالات مع ستة رؤساء وزراء اسرائيليين ولم يطالب ابدا بتجميد المستوطنات. ولكن كان يمكن فهمه. لماذا يطلب اقل مما يطالب به اوباما؟

ولكن النتيجة كانت ان شعبية اوباما في اسرائيل هبطت، وشعبية نتنياهو – الذي وافق على تجميد مؤقت في الضفة الغربية – ارتفعت.

مع الزمن فهم المستشارون العباقرة في ادارة اوباما بان تصليب المواقف تجاه اسرائيل والغرور الذي قامت عليه خطتهم لتسوية النزاع الاسرائيلي – العربي في غضون سنتين – لم يثبت سوى سذاجتهم. وهكذا اضطروا الى التصالح مع الواقع. في اثناء المؤتمر في نيويورك في الشهر الماضي لم يعد اوباما يتحدث عن التقدم في "كبح جماح النشاط الاستيطاني" ولا عن "الوقف المطلق" ومنذ ذلك الحين من المهم التمييز للتغيير الذي حصل في السياسة الامريكية، التغيير ذي الاثار الهامة.

يمكن القول ان الجناح اليساري المتطرف في الادارة قد استسلم في واقع الامر للجناح اليساري المركزي. مسألة المستوطنات لم تعد تسيطر في العلاقات الاسرائيلية – الامريكية. المستوطنات لا تزال تثير اعصاب الامريكيين، ولكن يوجد لها دور هامشي في المفاوضات. ومع ان ابو مازن يواصل الاصرار على تجميد المستوطنات وكأن شيئا لم يتغير، ولكن هو الذي بات يبدو غريبا في العلاقات بين الثلاثي الامريكي – الاسرائيلي – الفلسطيني.

لشدة المفارقة، فان مؤيدي اوباما بالذات في الصحافة العالمية شخصوا فشل بدء خطواته في الحقل الاسرائيلي – الفلسطيني: افتتاحية في "واشنطن بوست" تطرقت في الشهر الماضي لـ "خطأ في الحساب" من جانب الادارة، بينما جوناثان فريدلنت من "الجارديان" أعرب عن تخوفه من أن "اوباما فقد من مكانته في منطقة المكانة فيها أمر هام". مما يعطي الانطباع بان منتقدي اوباما فاتهم سماع الاخبار.

صحيح أن السياسة الامريكية يمكنها ان تتغير مرة اخرى وان تتخذ اتجاها آخر، ولكن يخيل انه منذ لقاء القمة شبه السخيفة التي نظمها الامريكيون في نيويورك تظهر علائم حقيقية لاصلاح متواصل في السياسة الامريكية في كل ما يتعلق بالمسيرة السياسية.

ومثل من يعرب غير مرة عن قلقه من مستقبل علاقات واشنطن – القدس أشعر حاجة الى التشديد ايضا على الانباء الطيبة. حتى الان يمكن القول انه يجدر رفع القبعة امام رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على أنه نجح في ان يحول السياسة الامريكية الى مسار اصح.

الموضوع المهم التالي على جدول الاعمال السياسي في الشرق الاوسط هو الحاجة الى منع السلاح النووي عن ايران. دعونا نرى كيف يتم التقدم في هذا الشأن.