خبر زواج مستحيل- يديعوت

الساعة 09:51 ص|15 أكتوبر 2009

بقلم: غي بخور

عرس، بدون أن يرى العريس والعروس الواحد الاخر؟ محرج بعض الشيء ولكن هذه هي الصيغة المصرية لاتفاق "المصالحة" بين فتح وحماس، وحتى هذا العرس الغريب يصعب على الطرفين قبوله.

مصر تعرف بان المشكلة التي تمنع الاتفاق الفلسطيني هي النفور المتبادل. ابو مازن مقتنع بان حماس تتآمر ضده، تجمع السلاح في غزة وفي الضفة، تعد ملابس تمويه لـ "الحرس الرئاسي" وتعد خطوة سرية للسيطرة. حماس من جهتها تقول ان ابو مازن لم يعد يمكنه أن يكون رئيسا وان من يعد مؤامرة للتصفية هي فتح بالذات، التي تحرض العالم على حماس وتعزلها. هكذا يشل الطرفان الواحد الاخر ويسحبان بساط الشرعية كل من تحت اقدام الاخر.

حماس غير مستعدة لان تدخل مقاتلي فتح الى غزة في اطار قوة مشتركة، خشية ان يشكلوا جواسيس ضدها تمهيدا لانقلاب عسكري. اما فتح فغير مستعدة لان تدخل مقاتلي حماس الى الضفة لذات السبب. وحشية رجال حماس ضد اخوانهم، حين القوا بمقاتلي فتح احياء من الشرفات العالية في غزة، لم تنسى. وبالمقابل، فان حماس واثقة من أن فتح هي التي نقلت معلومات استخبارية لاسرائيل إبان حملة "رصاص مصبوب"، من خلال نشطائها في قطاع غزة. التوتر بين الطرفين هائل، كل واحد يتهم الاخر بالخيانة وبتدمير المصلحة الفلسطينية.

حماس لن تتنازل عن غزة ابدا، فتح لن تتنازل عن الضفة ابدا، وعليه فهاتان هما "دولتان" منفصلتان، معاديتان الواحدة للاخرى. في مثل هذه الاجواء لا أمل في نجاح الحوار لاقامة حكومة وحدة وطنية. وبالفعل، جولات المحادثات حتى الان تميزت بتوجه الاتهامات المتبادلة، بالصراخ وبالجدال، ضمن امور اخرى على خلفية موجة اعتقالات ينفذها الطرفان الواحد بحق الاخر.

المصريون معنيون جدا بمصالحة فلسطينية تحرج اسرائيل وتجبرها على فتح معابرها الى غزة. وهكذا سترتبط اسرائيل مرة اخرى بغزة، بدلا منهم. ولهذا الغرض فانهم يتوجهون الى المصلحة المشتركة للفلسطينيين: من ناحيتهم فان النسغ الوحيد الذي يمكنه أن يربط الفلسطينيين هو المصلحة ضد اسرائيل.

حجتهم هي أن الفلسطينيين ملزمون بان يرتبطوا معا وان يقيموا حكومة وحدة، وعندها يأتي اوباما لينزل البلطة على اسرائيل. وهو سيجبرها على ان تقيم دولة فلسطينية. حماس وفتح ستحصلان على دولة، ذخر ذاتي أول، ومن هناك يمكنهما ان تواصلا ما تريدانه ضد اسرائيل. كونوا حكماء، لا تكونوا محقين، يقول المصريون لهم. اذا ما تصالحتم فستضعفون اسرائيل. اذا تنازعتم، ستنتصر اسرائيل عليكم. توجد الان فرصة قد لا تتكرر، اوباما بعيد عن اسرائيل، ينتظر مصالحتكم، وعندها سيفرض على اسرائيل الانصراف من المناطق.

كيف سيحسم الفلسطينيون؟ الرأس يقول تصالحوا، القلب لا يمكنه ان يقبل ذلك. المعضلة كبيرة، الاغراء هائل، ولكن النفور المتبادل كذلك ايضا. في هذه الاثناء يتغلب النفور. الطرفان يجدان صعوبة في الجلوس في ذات الغرفة، لهذه الدرجة. العداء والخوف هائلين بين الاسلام السياسي لحماس وبين الوطنية الفلسطينية او ما تبقى منها، لفتح؛ بين تأييد مصر والسعودية لفتح وبين تأييد ايران والشيعة لحماس. هذان ليسا معسكرين، بل مذهبان قطبيان، هما الاكثر قطبية، في الرحاب العربي. مجرتان مختلفتان.

الانجاز الرئيس لياسر عرفات كان خلق زعامة فلسطينية واحدة معترف بها، والان توجد اثنتان، إذن كيف يمكن على الاطلاق الحديث مع زعامتين معاديتين الواحدة للاخرى. الانشقاق الفلسطيني بالفعل يعزز موقف اسرائيل ويضعف كل حجة فلسطينية. فهل الفلسطينيون على معسكراتهم يعرفون بانه في سلوكهم هذا يعززون اسرائيل؟ (بالتأكيد). ولكن كراهيتهم المتبادلة وتخوفهم الواحد من الاخر يفوقان حتى عدائهم لاسرائيل.