خبر يديعوت -على ماذا يدور النزاع؟

الساعة 09:24 ص|14 أكتوبر 2009

بقلم: غيورا ايلند

(رئيس مجلس الامن القومي سابقا)

تضارب كبير يمكن ان نراه بين ثلاثة احداث وقعت في نهاية الاسبوع الماضي. من جهة الرئيس اوباما نال جائزة نوبل للسلام بسبب الامل  في ان ينجح في دفع اتفاقات السلام في العالم. في بؤرة ذات الامل يوجد ايضا انهاء النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. من جهة اخرى انتهت بلا شيء زيارة اخرى الى البلاد من المبعوث الخاص ميتشل، واضافة الى ذلك اتخذ ابو مازن خطوة "مفسدة للثقة" في انه استأنف الطلب الى الامم المتحدة للبحث في "جرائم" ارتكبتها اسرائيل في غزة.

التضارب هو بين الامل، الرغبة والنشاط الامريكي لدفع السلام الاسرائيلي الفلسطيني الى الامام في المستقبل القريب وبين الرغبة البارزة لدى الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني، للمشاركة في ذات الجهد. هذا الفارق يعكس سوء الفهم الامريكي الاساسي بالنسبة لمسألة: على ماذا يدور النزاع.

في الـ 16 سنة الاخيرة سمعنا المرة تلو الاخرى مفهوم "المواضيع اللباب"، فيما ان المقصود هو كل تلك المسائل المركزية التي توجد قيد البحث، كالحدود، المستوطنات، القدس، اللاجئين وما شابه. ولكن هذه المواضيع لا تعبر عن "لب النزاع". لب النزاع هو الرفض التام من الطرفين لـ "رواية" الطرف الاخر.

الرواية الفلسطينية هي كالتالي: في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، في اعقاب المساعدة التي قدمها العرب لبريطانيا في حربها ضد الاتراك، اعطى البريطانيون (وبعد ذلك الفرنسيون ايضا) دولة لسكان العراق، لسكان السعودية، لسكان الاردن، وكذا لسكان سوريا ولبنان. وبالذات السكان العرب في فلسطين لم يحظوا بالحصول على دولة، بل اضطروا الى اقتسامها مع اجانب معظمهم جاؤوا من اوروبا. هكذا حسب توصيات لجنة بيل (1937) وكذا حسب مشروع التقسيم (1947). الفلسطينيون لم يقبلوا في حينه، وهم لا يقبلون الان، هذه المعاملة المفرقة.

وهم بالتأكيد لا يقبلون ما يبدو في نظرهم معاملة "قتلت وورثت ايضا"، والتي بموجبها اللاجئون، سواء من العام 1948 ام من العام 1967 ، لا يمكنهم ان يعودوا الى اراضيهم "السليبة". واكثر مما يرغب الفلسطينيون بدولة صغيرة ومنقسمة في حدود 1967، يرغبون في اعتراف بكونهم ضحايا، يرغبون في "العدل"، يرغبون في الثأر، يرغبون في "العودة الى الديار". صحيح انهم يرغبون اليوم في التخلص من الاحتلال الاسرائيلي، ولكن سيكون من الصعب ترجمة هذه الرغبة الى تطلع لنيل الدولة.

الرواية الصهيونية معاكسة. حسب هذه الرواية، فان هذه البلاد (كلها) كانت تعود في الماضي للشعب اليهودي وقد اعترف بهذا الحق من جديد من عصبة الامم (1923). والاهم، نحن شعب وليس فقط دين. الحق في العيش هنا ليس حق السكان اليهود في الحاضر، بل حق كل اليهود بصفتهم هذه. في الماضي كنا مستعدين لحل وسط، غير ان هذا رفضه الطرف الاخر، وعليه فان المشكلة الاساسية هي رفض العرب الاعتراف بحق الشعب اليهودي بالعيش ككل الشعوب في دولة مستقلة خاصة به.

رفض عرفات الموافقة على عروض باراك وكلينتون في العام 2000 لم ينبع من الفوارق الكبرى بالنسبة لما يسمى بالخطأ "مواضيع اللباب"، بل من فهمه بأنه في اقامة دولة فلسطينية صغيرة ومحدودة يضطر الى الاعتراف بالرواية الصهيونية. عرفات لم يكن بوسعه ان يقبل هذا في العام 2000 وابو مازن لا يمكنه ان يقبل هذا في العام 2009. الحكومة في اسرائيل ايضا وكذا السلطة الفلسطينية لا يمكنهما ان يتساوما في موضوع "الرواية"، وبعد ذلك مواصلة البقاء سياسيا. هذا هو موضوع اللباب الحقيقي، وهذا ما يجد الامريكيون صعوبة في فهمه.