خبر نكتة نرويجية- يديعوت

الساعة 10:02 ص|11 أكتوبر 2009

بقلم: ناحوم برنياع

الطريق الى جائزة نوبل للسلام تمر احيانا عبر جهنم: كلتاهما مبلطتان بالنوايا الحسنة.

في التاريخ الطويل للجائزة اعطيت غير مرة لشخصيات كان السلام منهم بعيدا. والمثال الاكثر اهانة في الجيل الاخير كان ياسر عرفات، ولكن كان هناك كثيرون آخرون، بينهم غورباتشوف الروسي، الذي نال الجائزة بعد أن فشل في محاولاته للحفاظ على صيغة مقلصة من الامبراطورية السوفييتية، وهنري كيسنجر الامريكي ولادوك – تو الفيتنامي الشمالي الذي نال الجائزة الى جانب آخرين لتوقيعهم على اتفاق سلام لم يكن (لادوك – تو تخلى باستقامة عن هذا الشرف، فيما أن كيسنجر اقترح التخلي عن الجائزة بعد أن انهار الاتفاق، ولكنه رد، المسكين، وبقيت مع الجائزة).

جوائز نوبل في مجالات اخرى تعطى لشخصيات كثيري الانجازات، بشكل عام بعد سنوات من توصلهم الى الاستنتاجات. يوجد منظور تاريخي. توجد نتائج. الجائزة للسلام تحمل طابعا مغايرا. الاغراء الكبير لاستخدامها من أجل التأثير على قرارات الزعماء في العالم، تشجيعهم على العمل في طريق معين، تطويقهم. هذا يحصل عندما يكون تأثير اوروبا، والنرويج من ضمنها، على السلام والحرب في العالم صفرا لدرجة اثارة الشفقة. جائزة نوبل هي القليل الذي تبدي الاستعداد لاستثماره من أجل أن تؤثر.

منح الجائزة لاوباما هي نكتة نرويجية. كل واحد في العالم يفهم ذلك، بمن فيهم اولئك الذين سارعوا الى تمجيد الفوز. مؤرخون في اوروبا وفي الولايات المتحدة حاولوا شرح القرار ليس كتعليل لانجازات اوباما، بل كتنديد باثر رجعي للرئيس بوش. اوباما فاز لانه يتخذ في اوروبا الصورة المعاكسة التامة لبوش: بوش آمن باستخدام القوة؛ اوباما مؤمن بالحوار. بوش استخف باوروبا؛ اوباما يغازلها؛ بوش يعتبر كامريكي، بالمفهوم السيء للكلمة: كفاحي، ذو نزعة قوة، جاهل، مغرور؛ اما اوباما فيعتبر كاوروبي، بالمفهوم الجيش للكلمة: مكبوح الجماح، متسامح، ثقافي، قيمي.

لكل هذا صلة واهنة بالواقع. اوباما هو رئيس لا يزال يحبو. وبالتأكيد كان رئيسا لا يزال يحبو حين اغلقت قائمة المرشحين، في واحد شباط بعد 12 يوما من ادائه اليمين القانونية. سياسته السلمية وعدت بالكثير، ولكنها لم تفي بشيء بعد. جائزة نوبل اعطيت له، بالتالي، ليس على الانجازات بل على الجهد، على الاجتهاد. هذا على ما يرام، ربما، حين يدور الحديث عن تلميذ جديد في مدرسة، ولكن ليس عندما يدور الحديث عن رئيس الولايات المتحدة.

من المشوق أن نتابع ما جرى في نهاية الاسبوع بعد الجدال الذي اندلع بين المعسكرات في الولايات المتحدة. فقد خرج اليمين الامريكي عن طوره. "الجائزة لاوباما مهينة اكثر من قرار اللجنة الاولمبية استبعاد شيكاغو"، قال راش ليمبو، البارز بين مذيعي الراديو لليمين. احد زملائه قال انه في السنة القادمة ستحصل على الجائزة ملكة جمال الكون: هي ايضا تقول في خطاب التتويج انها مع السلام العالمي وضد انتشار السلاح النووي.

اليمين المتطرف يرى في اوباما عميلا اجنبيا، خائنا، شيوعيا متخفيا. في نظر هؤلاء الاشخاص الجائزة هي المقابل الذي تعطيه اوروبا لاوباما على خيانته قيم امريكا، بشجاعتها، بمصالحها.

اليسار الراديكالي هو الاخر غير راض. الناطقون بلسانه مقتنعون بان الجائزة لا يستحقها. فكيف يمكن منح جائزة السلام لرئيس يواصل الحرب في جبهتين (وربما ثلاث، اذا ما فشلت المحادثات مع ايران). وفي اليوم الذي اعلنوا فيه منح الجائزة بحث اوباما في ارسال 40 الف جندي امريكي آخر الى افغانستان.

رئيس الكنيست روبي ريفلين يقدر بان منح الجائزة سيدفع اوباما الى تشديد الضغط على اسرائيل. اوبما سيرغب في الاثبات بانه جدير بالجائزة التي تلقاها. التجربة التاريخية لا تؤكد هذه المخاوف (والامال لدى الاخرين). لقد كان للجائزة تأثير هامشي على سلوك الاشخاص الذين نالوها. والامر صحيح على نحو خاص بالنسبة للرئيس الامريكي. فهو قد حصل على جائزة نوبل خاصته.

اذا كان سيكون تأثير للجائزة، فسيكون في الرأي العام الامريكي، ومن المشكوك فيه أن يكون ايجابيا. المواجهة بين اليسار واليمين في امريكا مشحون جدا هذه الايام، منفعل جدا، بحيث أن التدخل الخارجي، من منصة المشاهدين، يفسد فقط.

اوباما يمكنه أن يتعلم من تجارب الرئيسين الامريكيين اللذين تلقيا الجائزة قبله. ثيودور روزفيلت نال الجائزة بسبب وساطته الناجحة التي أنهت الحرب الروسية اليابانية. وفي كل ما يتيعلق بالمصالح الامريكية كان رئيسا حازما وكفاحيا. وقد اوصى الزعماء بان يتحدثوا برقة وان يتزودوا بعصا طويلة.

وودرو ويلسون نالها بسبب اتفاق السلام في فرساي، الذي انهار كبرج ورقي واخلى مكانه لصعود الفاشية والنازية في اوروبا والى افظع الحروب – الحرب العالمية الثانية.