خبر اتفاق غير معلن مع « نتنياهو » عبر « أوباما » دفع « أبو مازن » لتأجيل تقرير غولدستون

الساعة 07:09 ص|11 أكتوبر 2009

فلسطين اليوم – قسم المتابعة

كشفت مصادر فلسطينية وإسرائيلية أن الموافقة الفلسطينية على تأجيل مناقشة تقرير غولدستون في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، لم يكن «تبرعا مجانيا» من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، بل جاء في إطار تفاهمات سرية بينه وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تمت بمبادرة التزم نتنياهو في إطارها بعدد من الخطوات التي أثارت حماسا من أوباما وقبولا من عدة أطراف عربية. لكن مصدرا فلسطينيا اخر استبعد ان يكون ابو مازن قد اقدم على ذلك، كما شكك في نوايا نتنياهو.

وحسب هذه المصادر التي طلبت عدم ذكر أسمائها، فإن نتنياهو اتصل بالرئيس أوباما عشية جلسة بحث تقرير غولدستون الذي يدين إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وتمنى عليه أن يسعى لدى الفلسطينيين والدول العربية لوقف مناقشته، حتى يتمكن من تمرير عدد من الأمور المعينة للتقدم في المسيرة السلمية. وقال نتنياهو إن حكومته معنية بالتقدم في مسيرة السلام وتريد إدارة المفاوضات حول التسوية الدائمة ببالغ الجدية. وإن تحويل إسرائيل إلى مجرمة حرب ووضعها في خانة حركة حماس التي يتهمها التقرير أيضا بارتكاب جرائم، كما ورد في بعض فقرات من التقرير، يلحق ضررا بجهوده هذه، ولا يساعده على تمرير إجراءات إيجابية تتيح استئناف المفاوضات، مثل تجميد البناء الاستيطاني وإزالة البؤر الاستيطانية وغيرها.

وسأله أوباما: «كيف تريدني أن أطرح الموضوع على العرب؟ ماذا تقدم بشكل عيني؟.. وخلال الحوار بينهما توصلا إلى صيغة تتيح للرئيس أوباما أن يطرح الموضوع على العرب. ومن التعهدات التي قدمها نتنياهو تجميد البناء الاستيطاني بشكل فعلي في الضفة الغربية وفي القدس، وتخفيف التوتر في مدينة القدس، وإزالة البؤر الاستيطانية، وإلغاء الاعتراضات الإسرائيلية على مشروع إقامة مدينة فلسطينية جديدة شمال رام الله، وإزالة المزيد من الحواجز العسكرية والسواتر الترابية التي تحد من حرية تنقلات الفلسطينيين، وتوسيع شبكة الاتصالات اللاسلكية في المناطق الفلسطينية، وتقوية بث إذاعة صوت فلسطين، التي تبث بشكل محدود منذ انطلاق الانتفاضة الثانية بسبب التشويشات الإسرائيلية، وغيرها.

وطلب أوباما من نتنياهو أن يلتزم بهذه التعهدات بشكل مؤكد. وقال له: «أنا سأطرح هذه التعهدات بصفتي رئيسا للولايات المتحدة». فأجاب نتنياهو: «وأنا أتعهد أمام رئيس الولايات المتحدة».

عندئذ حسب المصادر، اتصل أوباما بعدد من القادة العرب وبالرئيس الفلسطيني، ونقل مضمون الحديث مع نتنياهو بالتفصيل، بما في ذلك لهجته وهو يعبر عن شكوكه بتعهدات نتنياهو وتحذيره من أنه سيطرح هذه التعهدات كرئيس للولايات المتحدة. وألح أوباما على ضرورة التجاوب معه، لكي يختبر جدية نتنياهو. وألمح إلى أن رفض عرض نتنياهو سيعطي الذريعة للتملص من مستلزمات المسيرة السلمية. وانضم قائدان عربيان إلى أوباما في إقناع الرئيس عباس، قائلين إن الحديث يجري عن «تأجيل وليس إلغاء البحث في تقرير غولدستون».

وتؤكد هذه المصادر أن أبو مازن بدا مترددا، ولكن ليس خوفا من رد فعل حماس وغيرها من فصائل المعارضة، بل خشي من رد الفعل داخل حركة فتح وبقية فصائل منظمة التحرير. وحسب قول المصادر الفلسطينية، فإن «آخر ما كان يفكر فيه عباس هو أن تعترض حماس، حيث إنها متهمة في تقرير غولدستون بوضوح بأنها ارتكبت جرائم حرب، واستخدمت المواطنين المدنيين في غزة دروعا بشرية، وأطلقت قذائفها من مواقع مدنية مثل ساحة مدرسة أو حي سكني، وهي تعرف أنها بذلك تهدد هذه الأماكن برد فعل قاس من إسرائيل».

وكتب ألوف بن، محرر المقالات في صحيفة «هآرتس» في ملحق السبت، أن الرئيس أوباما مارس الضغوط على أبو مازن، لأن نتنياهو قدم له وعودا، وأن هذه الضغوط ترافقت مع تهديدات معينة. وأضاف بن: «ليس واضحا ماهية هذه الوعود». وأضاف أن «تلخيص القضية يشير إلى أن نتنياهو ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان حققا نجاحا دبلوماسيا أكبر من المتوقع، فهما ليس فقط نجحا في تأجيل البحث في تقرير غولدستون، بل نجحا في مهمة أخرى يعملان عليها منذ فترة وهي إضعاف الرئيس الفلسطيني لدى شعبه وتعريضه لانتقادات شديدة اللهجة بلغت حد قيام حماس في غزة بدمغه بالعمالة لإسرائيل وأميركا».

وكشف محرر «هآرتس» أن نتنياهو كان منذ البداية يرى في أبو مازن خصما سيئا، إذ إنه يعتبره من الجيل الفلسطيني القديم الذي لا يتنازل عن القدس وقضية اللاجئين، بل يضع الثوابت الفلسطينية في مقدمة الاهتمام. ويسعى لذلك بالطرق الدبلوماسية التي تقنع الغرب، ويفعل ذلك وهو يحمل أينما يذهب ملفا دسما يحتوي على اتهامات لإسرائيل بارتكاب الجرائم. ويكتب أن هناك من مساعدي نتنياهو من يعتبر عباس شبيها بالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، حيث إن كليهما ينكر المحرقة، لكن عباس يفعل ذلك بدبلوماسية مضللة.

ويضيف أن نتنياهو كان يبني الآمال على رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، الذي هو، حسب وجهة نظره، قائد يعمل من أجل المستقبل وليس الماضي. وأنه يمكن التفاهم معه حول السلام الاقتصادي وبناء فلسطين من تحت إلى فوق، وليس مثل أبو مازن الذي يريد بناءها من فوق إلى تحت. ولكن نتنياهو غير رأيه وأصبح يرى أن فياض خطر أيضا مثل أبو مازن، منذ أن بدأ فياض في أغسطس (آب) الماضي ينفذ خطته لإعلان دولة فلسطين خلال سنتين، ووضعه في اللائحة الإشكالية نفسها في مكتب نتنياهو. وتم إعداد تقرير يظهر فكرة فياض على أنها خرق لاتفاقيات أوسلو.

وفي صحيفة «معاريف»، كتب المحرر السياسي بن كسبيت قائلا إن نتنياهو يدير سياسة تؤدي إلى إضعاف عباس، وتقوية حماس. وقال إنه يعتبر هذه السياسة غبية لأنها من الناحية الاستراتيجية تلحق الضرر بإسرائيل. لكنه لفت النظر إلى أوساط أخرى في إسرائيل ترى أن نتنياهو يفعل ذلك بشكل مخطط ومدروس ومقصود