خبر أانتفاضة ثالثة؟.. هآرتس

الساعة 05:40 م|10 أكتوبر 2009

بقلم: آفي يسسخروف

بعد تسع سنوات وعشرة ايام بالضبط من اندلاع انتفاضة الاقصى (الاسم منحه لها النائب احمد طيبي) من شأن التوتر حول الحرم ان يبعث اليوم مرة اخرى اندلاعا للعنف بين الفلسطينيين واسرائيل. الانتفاضة الثالثة تبدو شبه خيالية في هذه المرحلة، ولا سيما في ضوء تعب الجمهور الفلسطيني في الضفة، الوضع الاقتصادي المتحسن وعدم رغبة السلطة في التدهور الشامل. ولكن من الصعب على المرء أن يتوقع الى أين ستؤدي المظاهرات والصدامات التي ستكون اليوم في ارجاء المناطق.

يحتمل ان تكون الاحداث في الحرم ضيقة في ضوء قيد العمر للمصلين ممن سيسمح لهم بدخول الحرم اليوم، ولكن يمكن القول على نحو شبه مؤكد انه في مناطق "غلاف القدس" مثل مخيم اللاجئين عناتا، راس العامود، قلنديا وغيرها من المتوقع لقوات الامن الاسرائيلية ان تتصدى لاعمال اخلال بالنظام غير بسيطة. في جهاز الامن جاهزون لمثل هذا السيناريو وعلى علم بالحاجة للامتناع عن قتل متظاهرين او اصابة شديدة لهم، بسبب التخوف من ان يؤدي الامر الى انتشار الاضطرابات. في الجيش الاسرائيلي وفي المخابرات يفهمون بان المظاهرات ستقع، السؤال كيف تمنع من ان تتواصل في الايام التالية. في كل الاحوال، في اسرائيل لا يرون في هذه اللحظة مصلحة فلسطينية حقيقية في انفجار في الضفة.

يحتمل أن يكون هذا التقدير دقيقا. ومع ذلك فان "الجندي الاول الاستراتيجي" قد يجد نفسه مرة اخرى في العناوين الرئيسة. جندي واحد يقرر اطلاق نار حية نحو راشقي الحجارة، او متظاهر واحد من فتح يقرر اطلاق النار من داخل الجمهور نحو جنود الجيش الاسرائيلي يمكنهما ان يغيرا الصورة تماما.

اضافة الى ذلك لا يمكن تجاهل حقيقة أن غير قليل من اللاعبين حرضوا الجمهور الفلسطيني ضد اسرائيل في الايام الاخيرة: الجناح الشمالي للحركة الاسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح، الذي قال هذا الاسبوع انه مستعد لان يصبح شهيدا دفاعا عن الاقصى، حماس، التي اعلنت عن "يوم غضب" ودعت رجالها للخروج في مظاهرات تأييد للاقصى، رجال الدين من اكثرهم تصدرا في العالم الاسلامي، مثل الشيخ يوسف القرضاوي الذين دعوا هذا اليوم "يوم الدفاع عن الاقصى". وهكذا ايضا سياسيون مختلفون في السلطة الفلسطينية ورجال دين فلسطينيون يحاولون بكل طريقة اقناع الجمهور الغافي في الضفة للخروج الى التظاهر اليوم.

ويمكن ان يضاف الى هؤلاء فتح، غير المعنية بتصعيد واسع مع اسرائيل، ولكن في ضوء الازمة التي علقت فيها في اعقاب قضية تقرير غولدستون والاتهامات بالخيانة، تجد نفسها تنجر بالقوة تقريبا الى "يوم غضب" في اطاره عليها ان تبرهن ما هي الوطنية. من هنا يمكن أن نفهم قرار اللجنة المركزية لفتح اول أمس في الاعلان عن اليوم اضراب شامل في المناطق ودعوة مؤيدي الحركة للمشاركة في المظاهرات. وبتعابير كثيرة، مظاهرات مرتبة ومنظمة لفتح داخل المدن الفلسطينية في الضفة ستكون ذات قدرة تفجير أدنى من اخلال النظام العفوي في مناطق الحواجز الاسرائيلية.

لقائمة اللاعبين المحترمين هذه تنضم الظروف السياسية التي تذكر جدا بايام ايلول 2000، عشية اندلاع المواجهة الكبرى: مفاوضات عالقة (او في الحالة الراهنة مفاوضات لم تستأنف) وخيبة أمل كبيرة للجمهور من السلطة الفلسطينية، الامر الذي سيدفعها لاستصعاب كبح جماح محاولات المواجهة مع الجيش الاسرائيلي. وفوق كل ذلك، في حينه مثلما هو الحال اليوم، الحرم في العناوين الرئيسة. صحيح ان الاستفزاز هذه المرة ليس اسرائيليا، ولكن جملة التطلعات السياسية والدعوات للحرب الدينية تثير التخوف الكبير في أن مسألة "من بدأ" ستصبح غير ذات صلة.

في تشرين الاول 2000 ارسل السناتور جورج ميتشيل من قبل الرئيس الامريكي في حينه، بيل كلينتون، الى اسرائيل والى السلطة الفلسطينية لفحص ملابسات اندلاع الانتفاضة وللتوصية بخطوات تمنع استمرار العنف (ميتشيل اوصى في تقريره بوقف البناء في المستوطنات وبوقف استخدام وسائل فتاكة ضد المتظاهرين الفلسطينيين). لا ينبغي حسد ميتشيل الذي يعمل كمبعوث امريكي خاص الى الشرق الاوسط، ويلتقي اليوم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) في محاولة لتحريك المفاوضات حيث في الخلفية ستتدفق انباء عن احداث "يوم النصرة للاقصى". بالتوفيق، يا رفيق.