خبر تشريح الانتصار.. يديعوت

الساعة 05:37 م|10 أكتوبر 2009

بقلم: ناحوم برنيع

في فرقة يهودا والسامرة في بيت ايل قاموا بالتدرب مرتين على مراسيم تغيير القادة. نوعام تيفون مغادر، نيتسان آلون يدخل للمنصب. قبل سنة وشهر كنت هناك بما بدى بنظرة للوراء علامة فارقة في التاريخ المتعرج والمشبع بالدماء في علاقات اسرائيل – فلسطين. قادة اجهزة الامن الفلسطينية جاؤوا الى قائد الفرقة تيفون والى رئيس الادارة المدنية بولي مردخاي. هم عرفوا ان صحفيا سيشارك في اللقاء وينشر مضمونه. ورغم ذلك قالوا امورا مفاجئة بصراحة استثنائية. في خلفية هذا الحدث كانت عملية سيطرة حماس على غزة وتهديدها بالسيطرة على الضفة ايضا. قادة الاجهزة شعروا ان حياتهم وحياة عائلاتهم في خطر. وعندما يكون السيف موضوعا فوق الرقاب تفتح الافواه.

"ليس هناك خصام بيننا" قال قائد الامن العام الفلسطيني ابو الفتح فيما قاله "لدينا عدو مشترك".

"نحن في معركة صعبة جدا" قال رئيس الاستخبارات العسكرية ماجد فراج. "قررنا خوض الكفاح حتى النهاية. كل شيء  مكشوف وكل شيء على الطاولة. حماس هي العدو ونحن قررنا الخروج في حرب ضدها. من يريد قتلك عليك ان تسارع الى قتله".

والمزيد المزيد.

رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن ورئيس الحكومة فياض قاموا بعد نشر المقال بشطف قادة الاجهزة الامنية. حماس ستستغل هذه الكلمات في دعايتها، قالوا محذرين. هي ستعتبركم متعاونين خونة. وبالفعل ابتهجت حماس ليوم او يومين الا انها لم تستطع تغيير صيرورة العملية.

الرسم البياني الذي اعد في فرقة يهودا والسامرة في الجيش الاسرائيلي يجسد الانقلاب الذي حصل. في 2002 قتل في العمليات التي خرجت من الضفة 260 يهوديا في اسرائيل و 150 في يهودا والسامرة. في 2008 قتل اربعة في اسرائيل ولم يقتل اي واحد في يهودا والسامرة، وفي 2009 لم يقتل اي واحد في اسرائيل بينما قتل طفل واحد في مستوطنة بات – عين، في يهودا والسامرة. الاعداد لا تقل اهمية عندما يتعلق الامر بالفلسطينيين: في 2007 قتل 76 وفي 2009 قتل 15. هذا يعتبر انتصارا ضمن المفهوم العسكري وليس هناك اسم اخر للمسألة.

كيف حدث الانقلاب؟ في هذا الاسبوع انتقلت لمحادثة خلفية مع ضابط كبير في الجيش الاسرائيلي كان مشاركا في العملية منذ صيف 2007. "المهمة الاولى كانت معالجة الارهاب" قال. "المال الذي يأتي من الخارج، قادة الخلايا، الانتحاريون. في الشارع الفلسطيني سيطرت العصابات. نقطة ضعف التنظيمات الارهابية كانت خبراء المتفجرات. اخذنا الـ 200 مطلوبا في يهودا والسامرة ووضعنا علامة على 15 مطلوبا يعتبرون خبراء في المتفجرات. قتلنا اغلبيتهم واعتقلنا الاخرين الامر الذي ضمن النجاح كان التعاون بين الجيش الاسرائيلي والشاباك. النجاج في مواجهة الارهاب يقوم على ثلاثة امور: التفوق الاستخباري وحرية التحرك الميدانية والسيطرة على الغلاف. في صيف 2007 كانت لدينا استخبارات جيدة وحرية تحرك متوسطة وجدار مليء بالثغرات. وحينئذ برز امر: حماس احتلت غزة".

قائد المنطقة غادي شميني وقائد فرقة تيفون ورئيس الادارة المدنية مردخاي ادركوا ان قواعد اللعبة قد تغيرت. "قمنا باعادة صياغة للعدو. سابقا تحدثنا عن التنظيمات الارهابية اما الان فقد اصبحنا نتحدث عن حماس. كانت لديهم دولة داخل دولة وقد توجهنا لهدمها. اكتشفنا ان لديهم مجمعات تجارية واسطبلات ومخابز وعيادات ومباني سكنية. من خلال المبالغ التي تأتيهم يقومون بتغذية الارهاب. قمنا ببلورة بنية تحتية قانونية لمصادرة املاكهم وقمنا باعتقال الاشخاص. السلطة الفلسطينية تغيرت امام ناظرينا. اقيمت حكومة فياض وكان واضحا انهم يريدون مقاتلة حماس. بدأنا في الالتقاء مع قادة الاجهزة. القرار كان اننا سنتحدث معهم فقط حول امور العمل – وليس حول حق العودة او عملية السلام. وضعنا على رأس جدول الاعمال القانون والنظام في المدن ومكافحة حماس. قلنا اننا سنعمل معهم مباشرة من دون وسطاء وقد فوجئنا من شدة استعداديتهم للتعاون.

"الانعطافة الثالثة كانت تعميق التدخل الامريكي. وهذا ايضا حدث اثر الفشل في غزة. الامريكيون أعدوا اربعة كتائب من الجنود الذين ينصاعون لقائدهم وليس للحمولة. كان هنا دمج نادر للمصالح ونحن شخصناه. الشاباك بدوره قام بخطوة رائعة – اتفاق المطلوبين. الاتفاق كان مخصصا لمطلوبي التنظيم فقط. هذا لائم ايضا خط ابو مازن – نقل الحرب ضد العدو من اسرائيل لحماس والقضاء على حكم العصابات. هم سلموا سلاحهم وكان ودخلوا السجن لفترة قصيرة ومن ثم حصلوا على العفو. اكثر من مائة مطلوب وقعوا على الاتفاق. 95 منهم التزموا به اما الاخرين فقد ضربناهم. يتوجب ادراك عمق التغيير: عرفات زار مخيم جنين للاجئين مرة واحدة في حياته فقاموا بحرق منصة الخطابة  المعدة له. كونداليزا رايس زارت مخيم اللاجئين عشية انهاء منصبها ولم تكن هناك اية مشكلة. تعلمنا الدرس الذي تعلمه الامريكيون من قتالهم في العراق. يأخذون مكانا واحدا كجنين مثلا ويقومون بتحطيم الارهاب به ومن ثم يقومون بجلب شرطة قوية ليغادروا الى مكان اخر. توجهنا الى جنين لانه كان هناك جدار ولم يكن هناك مستوطنون. الامر فشل في المرة الاولى. فياض قال سنجرب مرة اخرى فجربنا مرة اخرى ونجح الامر. كانت هناك حاجة للكثير من الصبر.

"بعد ذلك توجب اعطاء الناس املا وشعورا بأن الامور طبيعية. العمل على المستوى الاقتصادي. فياض شرع في سلسلة خطوات هامة من دون تنسيق معنا. هو أعطى مصدر رزق فوري لالاف الناس والان عندما اصبحت الازمة العالمية في مرحلة الانتهاء يتوجب التركز على الاستثمارات طويلة المدى. في نابلس بورصة، في ذروة الازمة انخفضت بنسبة 20 في المائة فقط اي اقل من البورصات الاخرى في العالم. الان هي في حالة صعود وهناك ارتفاع متصاعد في شراء السيارات: بعد ان ازلنا لهم الحواجز واصبح لديهم مكان يسافرون اليه.

"المفترق كان حادثة قلقيلية. كانت هناك خلية لحماس ادخلت سيارات متفجرة لاسرائيل ثلاث مرات لم ننجح في القبض عليها ولذلك اضطرننا لتسليم المدينة. الفلسطينيون هاجموا وفقدوا جنديين ولكنهم قضوا على الخلية. هم دفنوا جنودهم كأبطال وحذروا على حماس نصب بيت للعزاء.

"في عملية غزة كان الاختبار الاكبر: القرار كان تهدئة الامور. بدلا من اغلاق المحاور قمنا بفتحها. ايضا عندما وصلنا في غزة الى الف قتيل، كانت الضفة هادئة. مباريات كرة القدم الفلسطينية استمرت كالمعتاد. كانت هناك مظاهرات صغيرة تم تفريقها على يد الاجهزة الامنية الفلسطينية وعندما انتهت العملية قلنا من الواجب تحويل التسهيلات الى سياسة دائمة. الانجاز الاكبر هنا هو ان المعتدلين انتصروا على المتطرفين. في اماكن اخرى ينتصر التطرف. ولكن ليس في الضفة. وهذا حدث من دون ضجيج ومن دون اوسمة".

شعور الانجاز كبير جدا، حيث انهم عندما سألوا اللواء شميني وقائد الفرقة تيفون عما سيحدث ان قاموا باطلاق سراح كبار المخربين في صفقة شليت، ردوا من دون تلعثم، سنتغلب على ذلك.

المصيبة في هذه الحكاية الرائعة هي ان كل ما انجز فيها هش وقابل للتغير. ليست لدى حماس الان قدرة ميدانية على الشروع في انتفاضة حقيقية ولكن انتفاضة صغيرة تكفي لزعزعة الامن مرة اخرى بين نهر الاردن والبحر الابيض. من دون عملية سياسية لن تصمد المسألة وهذا ما يدركه الجيش الاسرائيلي – اجل الجيش الاسرائيلي قبل اي طرف اخر.

عيد ومناسبة

الدراما الحقيقية في القدس في هذا الاسبوع لم تحدث على الارض التي كانت هادئة جدا وانما في المداولات اليومية التي اجرتها قيادة الشرطة مع الشاباك والنيابة العامة في الدولة. السؤال المطروح كان، هل سيتم فتح جبل الهيكل (اي الحرم) لليهود ام لا يتوجب فتحه. المنظمات اليمينية ضغطت لفتح جبل الهيكل وهددت بالتوجه الى محكمة العدل العليا. الشاباك بدوره ايد فتح ابواب جبل الهيكل وقال انه لا يوجد اي تقدير امني بحدوث اضطرابات محتملة في اسرائيل والمناطق. مواصلة اغلاق جبل الهيكل امام اليهود ستفهم على انها جبن وخضوع لاملاءات الشيخ رائد صلاح المحرض الاكبر. من المحظور اعطاؤه هذه الجائزة ومن المحظور المس بالردع.

قائد منطقة داود في الشرطة قال ليس هناك امر ملح فلدي عشرات آلاف اليهود في منطقة المبكى ولماذا نحدق ارواحهم بالخطر ولذلك يتوجب الانتظار حتى يوم الاحد. قائد اللواء اهارون فرانكو والمفتش العام دودي كوهين سارا في اخر المطاف في اعقابه. انا اعتقد ان نتنياهو اذا ما كان قد اشرك في المشاورات قد فضل الانتظار. قضية النفق في عام 1996 كانت احد الاحداث الاولى التي شهدها كرئيس للوزراء. هذا الامر بدأ على هذا النحو تقريبا وانتهى بعشرات القتلى وارتباك سياسي لم ينتعش منه. ومن اكتوى بالماء الذي يغلي يحذر في المياه الباردة.

يبدو انهم كانوا على حق: الخطورة كانت كبيرة والثمن محتمل. على فرض ان صلاة الجمعة في جبل الهيكل ستنتهي بهدوء فان الاختبار الاكبر سيكون في يوم الاحد . جبل الهيكل سيفتح امام الزوار من ابناء كل الديانات والشرطة ستضطر لايجاد وسيلة لاخراج الحرس الذين وضعهم هناك الشيخ رائد صلاح من جبل الهيكل. هي ستفعل ذلك بالتنسيق مع الاوقاف الاسلامية كما حدث الامر مرات عديدة في الماضي. الاوقاف لا تريد اليهود فوق جبل الهيكل الا انها ترغب بمسلمي الشيخ رائد صلاح بدرجة اقل.

الوضع الراهن فوق جبل الهيكل يتضمن زيارات اليهود والسياح وهذا الوضع الراهن يجب ان يفرض.

هناك اطراف ارادت رؤية القتلى في القدس في هذا الاسبوع. اولا حركة الشيخ رائد من ام الفحم من الصعب فهم تعامل المحاكم مع هذه الثلة المحرضة على سفك الدماء بلباقة وأدب. كان من الاصح الزامهم بالبقاء في ام الفحم على الاقل بهذه الخطوة.

ثانيا اليمين اليهودي المتطرف الذي ستتيح له موجة العنف القول، "لقد قلنا لهم – ليس هناك من يمكن التفاوض معه" وثالثا اليسار اليهودي الراديكالي الذي ستمكنه موجة العنف من القول، "لقد قلنا لكم – ان لم تتفاوضوا فان هذا ما سيحدث". وهناك اطراف اخرى في السلطة الفلسطينية ووزراء في حكومة اسرائيل لا يرغبون بالاضطرابات الدموية الا انهم معنيون جدا بالتوتر حول جبل الهيكل. هذه ليست صخرة وجودهم فقط: هذه ايضا ذريعتهم في مواجهة الانتقادات حول النزعة التفريطية السياسية.

ألم تعطي الشيخ صلاح جائزة، سألت اللواء فرانكو.

"انا لست في هذه اللعبة، لم نخشى اعتقال وابعاد ثلاثة من قادة الحركة الاسلامية. يتوجب اتاحة المجال لهذا الاسبوع حتى ينتهي".

"الدخول الى جبل الهيكل ينطوي على العنف" قال فرانكو. "ليست لدي مشكلة في استخدام القوة ولكن معنى ذلك هو تحويل القدس ومحيطها الى ارض معركة وامكانية لحدوث اصابات. من المحظور ان تسقط قطرة دم واحدة".

الطرف الذي بدأ الجلبة وفقا لفرانكو كان نشطاء اليمين الذين يتجوعون لاشهار انفسهم. البيان الذي نشروه في مواقع الانترنت التابعة لهم والذي دعى جموع اليهود للتوجه الى جبل الهيكل، تمخض عن صرخة انقاذ للاقصى من احتمالية سيطرة اليهود عليه.

فرانكو يأسف لانه قال في معرض الرد على السؤال بأن العرب جاحدون وناكرون للمعروف. هو ليس استاذا للعرب وسيدا عليهم. هو في اخر المطاف يريد اجتياز عيد العرش اليهودي بسلام.