خبر تأجيل تقرير غولدستون يضع التمثيل الفلسطيني الخارجي في قفص الاتهام

الساعة 01:47 م|09 أكتوبر 2009

دعوات برفض تمثيل المنظمة ومغادرتها "لهيمنة والتفرّد بالقرار"

تحذيرات من مواصلة إضاعة الفرص والإضرار بالعلاقات مع العرب

تأجيل تقرير غولدستون يضع التمثيل الفلسطيني الخارجي في قفص الاتهام

كتب _ عبد الغني الشامي

ألقى تأجيل عرض تقرير غولدستون بشأن جرائم الحرب الإسرائيلية على غزة، على مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الضوء على وضع التمثيل الفلسطيني في المحافل والمؤسسات الدولية والدبلوماسية، ومدى تأثرها بتداعيات تأجيل هذا التقرير. ويثور جدل ساخن في الساحة الفلسطينية حالياً، بشأن أهلية من يتخذ القرارات عن الجانب الفلسطيني في تلك المؤسسات، مع تزايد الاتهامات بالتفرد وإلحاق الأضرار الفادحة بالقضية الفلسطينية، كما حدث في طلب تأجيل عرض تقرير غولدستون على مجلس حقوق الإنسان.

 

وتوقعت شخصيات فلسطينية أن يكون لطلب السلطة الفلسطينية تأجيل عرض تقرير غولدستون على الهيئات الدولية، تداعيات مختلفة على تمثيل الفلسطينيين في المحافل الخارجية، لاسيما في ظل الاتهامات المتبادلة بين أقطاب السلطة والمنظمة والشخصيات الرسمية في تحميل المسؤولية عن ذلك. وما يفاقم الموقف هو محاولة إلصاق هذه التهم بالمجموعة العربية والإسلامية، بذريعة أنّ فلسطين عضو مراقب في الأمم المتحدة وليس دائماً.

 

وكان مندوب فلسطين في الأمم المتحدة، إبراهيم خريشة، قد طلب من المجموعة العربية والإسلامية في المنظمة الدولية تأجيل عرض تقرير غولدستون حول الحرب على غزة، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهو ما أثار غضباً كبيراً لدى الجماهير والفصائل الفلسطينية.

 

ودعا النائب الفلسطيني مشير المصري، أمين سر كتلة "التغيير والإصلاح" التابعة لحركة "حماس"، كافة المؤسسات الدولية والعربية المعنية، وفي مقدمتها جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، إلى "اتخاذ مواقف عربية وإسلامية وقومية واضحة لصالح القضية الفلسطينية".

 

وحثّ المصري بصفة خاصة على عدم قبول تمثيل منظمة التحرير وجناح السلطة في الضفة الغربية ورئيسها محمود عباس، وإعادة النظر في هذا التمثيل للشعب الفلسطيني في هذه المواقع، بعد الكشف عن ما وصفه بـ"دورهم في الحرب على غزة، ومحاولتهم حماية الاحتلال من خلال طلب تأجيل عرض تقرير غولدستون على الأمم المتحدة".

 

وأكد المصري لـ "قدس برس"، أنّ "ما قامت به سلطة رام الله ومنظمة التحرير من الطلب إلى مجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بتأجيل عرض تقرير غولدستون الذي يدين الاحتلال بجرائم حرب؛ يؤكد صوابية موقف حركة "حماس" من عدم اعترافها بالمنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، باعتبارها أقلية في الشعب الفلسطيني، ولما جلبته من ويلات لهذا الشعب على مدار تمثيلها له، ليس أقلّها توقيع اتفاقية أوسلو"، مشيراً إلى أنّ أغلبية الشعب الفلسطيني هو خارج تمثيل هذه المنظمة.

 

وقال النائب الفلسطيني إنّ "هؤلاء (السلطة والمنظمة) لا يمثلون الشعب الفلسطيني لا من قريب ولا من بعيد، وينبغي أن تتخذ كل المؤسسات الدولية وفي مقدمتها جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي مواقف عربية وإسلامية وقومية واضحة لصالح القضية الفلسطينية؛ بعدم قبول تمثيل من اغتصب السلطة وانقلب على نتائج الانتخابات للشعب الفلسطيني، وأن يكون في موقع التمثيل من اختاره الشعب الفلسطيني عبر صناديق الاقتراع. آن الأوان أن تخرج مثل هذه المواقف الجريئة والمسئولة ابتداءً من المؤسسات العربية والإسلامية؛ وصولاً إلى كل المؤسسات الدولية، لأنّ هؤلاء في مواقعهم وبموقفهم وقراراتهم إنما هم أقرب إلى تمثيل الاحتلال الصهيوني من الشعب الفلسطيني. والممثل الحقيقي للشعب هو الذي يعبِّر عن نبض الشعب الفلسطيني ويدافع عن قضاياه؛ لا أن يتحالف مع عدوه ضد شعبه"، وفق وصفه.

 

وأضاف المصري "إنّ أغلبية الشعب الفلسطيني خارج منظمة التحرير الفلسطينية، لأجل ذلك فإنّ المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، مطالبة بإعادة النظر في تمثيل الشعب الفلسطيني في هذه المواقع، وإعادة النظر في التعامل مع عباس وفريقه كونهم وقفوا مع الاحتلال ضد شعبهم خلال الحرب على غزة ومحاولتهم توفير الحماية له حينما أراد المجتمع الدولي محاسبته (الاحتلال) على ذلك من خلال تأجيل عرض تقرير غولدستون في الأمم المتحدة".

 

وبدوره؛ توقع الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن يكون لتداعيات تأجيل تقرير غولدستون، تشويش على تمثيل السلطة في رام الله ومنظمة التحرير للشعب الفلسطيني في المحافل والمؤسسات الدولية، لاسيما في ظل تشكيك حركة "حماس" في ذلك، وكذلك تخريب علاقة السلطة مع أطراف عربية، لاسيما بعد تهديد السلطة بكشف أسماء الدول العربية التي نصحتها بتأجيل التقرير.

 

وقال عوكل لوكالة "قدس برس"، إنّ "طلب تأجيل التقرير يؤدي إلى تخريب أكثر في العلاقات العربية الفلسطينية، لكن على المستوى الدولي لا أظن أن يحصل ضرر على مستوى التمثيل الفلسطيني، إلا بنتائج التداعيات الفلسطينية التي تحصل حول هذا الموضع والتشكيك في التمثيل الفلسطيني في المحافل الدولية"، وفق تقديره.

 

وأضاف عوكل "هذا الأمر لا يخلق مشكلة في التمثيل الفلسطيني على مستوى المؤسسات الداخلية بين السلطة وحركة "فتح" ومنظمة التحرير، ولكن في المشكلة بين "فتح" و"حماس" سيؤثر ويشوِّش إلى حد كبير في التمثيل، لاسيما في ظل الدعوة لإقالة الرئيس محمود عباس ومحاسبته، وأنّ الرئيس عباس ومنظمة التحرير لا يمثلان الفلسطينيين، هذا الخطاب الفلسطيني التناحري يشجع إسرائيل أن تستثمر هذا الوضع للإساءة للشعب الفلسطيني حول تمثيله"، على حد تعبيره.

 

وأشار عوكل إلى أنّ لجنة التحقيق التي شكلها محمود عباس بشأن طلب تأجيل التقرير "لا لزوم لها بعد اعتراف صائب عريقات مسئول ملف المفاوضات في المنظمة بالمسؤولية عن ذلك"، مؤكداً في الوقت ذلك على ضرورة محاسبة المسؤول عن سحب التقرير.

 

واعتبر المحلل السياسي أنّ الاتفاق الفلسطيني وإنهاء الانقسام هو السبيل للخروج من هذا الوضع، قائلاً "لو وضعنا الفلسطيني قوي ومتماسك لكانت قدرته على مجابهة الضغوطات أكبر".

 

وأضاف طلال عوكل "لابدّ من مواصلة دفع نتائج تقرير غولدستون إلى أبعد نقطة، ومتابعته كمعركة في المحافل الدولية كمجلس الأمن والأمم المتحدة، ومحكمة الجنايات الدولية، والمحاكم والقضاء في البلدان الأوربية".

 

ومن جهته؛ دعا جميل مزهر، عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إلى "إعادة النظر في كل أشكال التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني، وذلك بالعودة إلى مؤسسات الشعب الفلسطيني وهيئاته المقررة، ومحاسبة كل من ساهم وشارك في هذا القرار (سحب تقرير غولدستون) الذي ألحق ضرراً فادحاً بالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني"، مطالباً بوقف ما سمّاها "سياسة التفرّد والهيمنة في مؤسسات منظمة التحرير".

 

واعتبر مزهر في حديثه لوكالة "قدس برس"، سحب التقرير بأنه "استهتار واستخفاف بدماء الشهداء التي سالت على أرض فلسطين وغزة في الحرب الأخيرة، وكذلك يعكس عدم مسؤولية من الجهات الرسمية ومن الرئيس محمود عباس، باعتباره المخوّل ورئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة ورئيس السلطة".

 

وقال القيادي في الجبهة الشعبية، ثاني أكبر فصيل في منظمة التحرير، "إنّ ممثل فلسطين في الأمم المتحدة لم يتخذ قرار تأجيل تقرير غولدستون من رأسه، بل جاءته تعليمات من قيادته وبناء عليها قدم هذا الطلب لمندوب باكستان على أساس منهجية وعقلية التفرّد في المؤسسات الفلسطينية التي تمثل مرجعية الشعب الفلسطيني، وهذا هو الخطر الكبير الذي يكشف منهجية التعامل في قضايا الشعب الفلسطيني وكيفية إدارة الشأن الفلسطيني".

 

وأضاف مزهر "هذا الأمر بحاجة إلى مراجعة شاملة لوقف كل أشكال التفرّد والهيمنة من أي شخص كان والعودة إلى المؤسسات الفلسطينية في القرارات التي تخص الشأن والوضع الفلسطيني، ووضع حد لهذه السياسة"، على حد قوله.

 

وشدّد جميل مزهر على أنه لم يعد ممكناً الصمت والسكوت تجاه ما يجري في مؤسسات وهيئات الشعب الفلسطيني، وقال "نادينا سابقاً بإعادة إصلاح مؤسسات المنظمة ولازلنا ننادي، وهذا الأمر يجب أن يعجّل، ويجعل الجميع يستعجل إعادة بناء مؤسسات الشعب الفلسطيني ومؤسسات منظمة التحرير بحيث تملى على أساس ديمقراطي ويشارك فيها الجميع، وبحيث نتخلص من حالة التفرد والهيمنة التي تعيشها مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية"، وفق ما شدّد عليه.