خبر يهتمون بالحضارة النبطية.. معاريف

الساعة 12:23 م|08 أكتوبر 2009

بقلم: نداف هعتسني

زعزعت البلاد في الايام الاخيرة بسبب الافساد المتعمد للموقع الاثري في عبدات. امتلأت الصفحات الاولى بتقارير مؤلمة عن الافساد في النقب، بحيث كانت وسائل الاعلام تنافس بعضها بعضا في الاوصاف القاسية. توجت اداة اعلامية محترمة الافساد برسم "تدنيس الحرمة"، في حين ان أمين سر اللجنة الاسرائيلية في اليونيسكو اقتبس من قوله على نحو بارز وهو يقول ان الحديث "عن جريمة على الحضارة الانسانية". كذلك عملت السلطات بجد، وما ان مرت أربع وعشرون ساعة بعد تبين الدمار حتى اعتقل مشتبه فيهم. الرد العام والشرطي حق بطبيعة الامر. بيد ان ما يسوي بين الرد الجاد على عبدات والسكوت عن الدمار الذي يحدث في المواقع الاثرية الاهم في البلاد – في القدس – يعجب جدا. فمنذ سنين يتم تدمير وافساد منهجيان، واسعا النطاق، في جبل الهيكل واماكن اخرى. كل ذلك يتم خلافا للقانون وبقصد صريح الى محو كل أثر لثقافة وتراث من ليس مسلما. وهنا بخلاف العمل الحازم في عبدات – تقف سلطة الاثار، والشرطة والحكومة في شلل تقريبا، ومحكمة العدل العليا في تلعثم، والصحافة في صمت.

هكذا يتبين فرق غامض بين تناول التدمير في عبدات وبينه في جبل الهيكل. وجد في عبدات آثار للثقافة النبطية، وفي القدس تكمن علامات على جميع الحضارات التي كانت ها هنا وأقدس آثار مكان عبادة للشعب اليهودي. وهنا ازاء الافساد لاثار الحضارة النبطية نثب في استعداد، اما ازاء الابادة المنهجية المقصودة لمهد اليهودية فاننا في شلل. في شهر تموز الاخير فقط أنهت محكمة العدل العليا، بعد اربع سنين، علاجا واهيا لاستئناف قدمته لجنة منع تدمير الآثار في جبل الهيكل لمواجهة التدمير المنهجي الذي يقوم به المسلمون قرب قلعة سلوان في البلدة القديمة.

اصر الوقف على جعل جانب السور مقبرة اسلامية، لمنع الوصول الى مجد الماضي، الذي لا صلة له بالمسلمين. اما دولة اسرائيل، على اختلاف جهاتها، فأصرت على عدم فعل شيء خوف العنف العربي.

الشغب العربي ظاهرة بعيدة تتغذى بالعجز الاسرائيلي. فقد ازدادت حدة منذ منتصف التسعينيات واتفاقات اوسلو، ويبذل المسلمون كل جهد بقطع أي علاقة بيننا وبين هذه البلاد. فمن جهة يحاولون ايجاد تاريخ وعلم آثار فلسطينيا من العدم ومن الجهة الثانية يجتهدون في اقتلاع آثار جذورنا حتى من جوف الارض. لهذا أخرجت من أسفل جبل الهيكل مئات الشاحنات المليئة بآثار تزيد قمتها مئات الاضعاف على آثار كل مدينة نبطية. ولهذا بني مسجدان تحت الارض، واسعان، في اسطبلات سليمان. ان هدم الاثار مصحوب بالتحريض والعنف، كذاك الذي تجدد اخيرا بمبادرة من السلطة الفلسطينية والحركة الاسلامية. ورد سلطات القانون عندنا ضعيف بائس بطبيعة الامر. ان ما هو مفهوم ضمنا بالنسبة للافساد في النقب ليس ذا صلة بقدس الاقداس في جبل الهيكل. هذه هي المفارقة العجيبة لدولة اليهود.