خبر تشرشل وتلاميذه .. هآرتس

الساعة 01:25 م|07 أكتوبر 2009

بقلم: الوف بن

بنيامين نتنياهو يجل ونستون تشرشل ويراه مثالا يحتذى لا بسبب تدخين السيجار فقط، وحب التاريخ ومصادقة اصحاب الملايين. يجل بنيامين نتنياهو تشرشل بسبب تحذيراته من ازدياد المانيا النازية قوة، وهي التي كلفته عزلة سياسية وعرضه على انه مثير متطرف للحرب في فترة المهادنة البريطانية لهتلر. نتنياهو يتماهى وشعور القلة الصغيرة العادلة، التي تحذر من الخطر حتى عندما تتجاهله الكثرة وتشغل نفسها بملهياتها، الى ان يدعوه من الهامش السياسي لانقاذ شعبه.

شبه نتنياهو نفسه بتشرشل عندما عارض اتفاقات اوسلو، وجلب على نفسه عداوة "النخب" الاسرائيلية التي ايدت مسيرة السلام. وقد رأى انتخابه لرئاسة الحكومة في 1996 رسالة انقاذ وطنية لصد مسيرة اوسلو كما عين تشرشل رئيس حكومة بعد ان تحققت نبوءاته السوداء في الحرب العالمية الثانية.

في العقد الذي كان فيه نتنياهو خارج الحكم وجد المانيا النازية في ايران. لقد وقف على رأس المحذرين من خطر الذرة الايرانية ازاء عدم المبالاة عند الجمهور الاسرائيلي والجماعة الدولية. عندما أعلن قبل سنتين "السنة هي 1938 وايران هي المانيا"، كانت الرسالة الخفية هي ان "احمدي نجاد هو هتلر – وانا تشرشل". وبعودة نتنياهو الى الحكم عرض احباط التهديد الايراني على انه الهدف الرئيس.

شجعت الحربان في لبنان وغزة نتنياهو على ان يتبنى لبنة اخرى من تراث تشرشل وهي قصف مدن المانيا. عندما ينتقدون اسرائيل لقصفها بيروت وغزة، يذكر نتنياهو ردا على ذلك هامبورغ ودريزدن. واعتاد ان يقول ان بريطانيا وامريكا قتلت من المواطنين الالمان في الحرب العالمية الثانية قدرا اكبر من العكس، ومع ذلك كله واضح من كان المعتدي ومن كان الجانب العادل في الحرب. ذكر نتنياهو في خطبته في الجمعية العامة للامم المتحدة تشرشل كمحذر لم يصغوا اليه الى ان تحقق التهديد وذكر ضمنا ايضا انه من قصف بريزدن.

كان تشرشل قائد حرب كبيرا وفنانا في العلاقات العامة وفي تجنيد الرأي العام. لكن اكبر القادة ايضا غير قادر على أن يحول علاقات القوى بقوة حضوره فقط. ادرك تشرشل هذا جيدا، ولم يوهم نفسه اما بريطانيا ستنجح في التغلب على هتلر بنفسها لهذا بذل جهودا كبيرة لضم الولايات المتحدة الى الحرب.

ان تشرشل مثل نتنياهو ايضا آمن بأنه مبدأ "اذا اعطوا سيأخذون" هو مبدأ اساسي في السياسة. فقد كان للدعم الامريكي الذي حصل عليه ثمن هو حل عرى الامبراطورية البريطانية. عارض فرانكلين روزفلت الاستعمار البريطاني، وفي اول لقاء له مع تشرشل – في المرحلة التي ساعدت فيها امريكا البريطانيين لكنها لم تكن دخلت الحرب بنفسها – وقع كلاهما الحلف الاطلسي الذي ضمن حق الشعوب كلها في تقرير المصير.

لم يكن التخلي من الامبراطورية سهلا على تشرشل الذي عارض تحرير المستعمرات معارضة عميقة، ولا سيما اعطاء الهند استقلالها. فقد سمى المهاتما غاندي "وكيلا محرضا، يتظاهر بأنه فقير ويأتي شبه عار لمفاوضة ممثلي الملك". لكن ذلك كان عندما كانت بريطانيا في اوج عظمتها. اما عندما كانت مستنزفة جريحا ازاء العدو النازي، واحتاج تشرشل احتياجا يائسا للمساعدة الامريكية فقد رجع عن موقفه. بعد ثلاثة اشهر من بيرل هاربر، ارسل تشرشل الوزير ذا الشعبية ستافورد كريبس الى الهند، مع اقتراح استقلال تدريجي عوض تأييد الهنود في الحرب على النازيين واليابانيين. فشلت البعثة – فقد رفض غاندي والزعماء الهنود تأييد بريطانيا ووافق المسلمون فقط – لكن اقتراح الاستقلال لم يكن من الممكن اعادته. لخص تشرشل قبيل نهاية الحرب قائلا "ضاعت الهند". ان الخسارة في الانتخابات فقط بعد الحرب حذرت تشرشل من حل الامبراطورية التي يحبها، بيديه. يرى نتنياهو ان التهديد الايراني لاسرائيل يشبه التهديد النازي لبريطانيا. ونتنياهو مثل تشرشل ايضا يؤمل مساعدة امريكية تزيل التهديد؛ واوباما مثل روزفلت ايضا يطلب عوض ذلك حل امبراطورية اسرائيل الصغيرة في المناطق وتحرير الفلسطينيين من الاحتلال. سيكون من المثير ان نرى هل سيتعلم نتنياهو من الزعيم الذي يجله هذا الدرس ايضا، ام ان مماثلته التاريخية تنتهي بالقصف.