خبر كل حجر يصبح الواح العهد .. معاريف

الساعة 01:23 م|07 أكتوبر 2009

بقلم: هدار حورش

النضال العام الذي بدأه عدد من سكان القدس للحفاظ على "بركة القدس" في المستوطنة الالمانية يبلغ بوسواس حماية المدينة ذرى جديدة من السخف. يشعر كثير من سكان القدس وكأن كل حجر في المدينة مهما يكن بلا قيمة، مقدس كأثر من آثار ماض قومي. لديهم اسباب جيدة: فالمدينة مليئة بشواهد على ماضيها المركب. والاسطورة والواقع يأتلفان بحيث انه لا يمكن التفريق بين حجر تاريخي في الحقيقة أو ركام عرضي ألصق به صاحب اسطورة ما علامة تعريف تاريخية. ان من يعرف فقط محبي الحفاظ على القدس لا يعجب من ان يرى انهم يصابون بالبلبال اكثر من مرة بين أثر تاريخي وغرض حنيني.

في خلال عقد من السنين عصف النضال البطولي الذي قام به محبو الحراسة لمنع هدم مبنى ما، قديم قبيح يريد ان ينقض، فقط لانه مكث في احدى الغرف في طابقه السفلي، بحسب الاشاعة، صاحب نبوءة الدولة بنيامين زئيف هرتسل الذي أتى القدس في 1898 للقاء القيصر وليم الثاني. اصبحت الغرفة شبه معبد، وعندما استقر الرأي على هدم بيوت المسكينات في المدينة وبناء بيوت جديدة بدلا منها أثير صراخ كبير لم يهدأ الى ان التزم المقاول، الفرد اكيروف، ان ينقض المبنى لبنة لبنة، وان يعلم الحجارة المقدسة بأرقام وأن يعود ليضعها داخل المبنى الجديد. كان لمحبي الحراسة فضل على البناة، بأنهم لم يطلبوا الحفاظ ايضا على الدرج التي صعد فيها صاحب نبوءة الدولة، وعلى حجارة الطريق التي سحقت تحت عجلات مركب هرتسل.

يبدو انه منذ كانت غرفة هرتسل الهاذية والامور في تدهور. فقد حارب محبو الحماية بقوة من اجل قطع ارض خضراء وحجارة مقدسة ولا يوجد في القدس سنتيمتر واحد من غير المقدس. في السنة الاخيرة بلغ النضال عن سينما سميدار، وهي مبنى اخر قديم غير جميل، كان مدة سنين طويلة من آخر طراز عند شريحة ما من السكان ويبرز في مجتمع القدس. يوجد في القدس مبان كثيرة ينبغي الحفاظ عليها لقيمتها التاريخية او العمرانية. لم يكن مبنى سينما سميدار واحدا منها. ان المناضلين للحفاظ عليه حاربوا ببساطة من اجل مشهد طفولتهم والجدران التي تثير فيهم ذكريات دافئة. لو كانت هذه القيم، مهما تكن حسنة وتثير العطف، تمنع كل هدم وبناء من جديد، لعلقنا كلنا في مكان ما في الخمسينيات او الستينيات: فواحد يريد الحفاظ على بيته، والاخر يدفع عن مدرسته بجسمه، ويوجد من سيعشقون شارعا ضيقا او عمود كهرباء، او سلكا او شجرة.

يحاول السكان هذه المرة منع هدم بركة "تاريخية". البركة صغيرة وقديمة، ويريد اصحابها حيازة الملك الذي يملكونه وان يبنوا بدلا منه مبنى ما. لا يسارع كثير من سكان المنطقة الذين استمتعوا بالبركة الى التخلي عنها، لكنهم يدعون على الملاك الذين اصبحوا فجأة "اسماك قرش عقارات" ان البركة "موقع تاريخي": في الخمسينات حاول حريديون اغلاق البركة لان صاحبها الفندقي حاييم شيف، لم يفصل بين النساء والرجال. هل سيهب محبو الحماية اذا تبين لهم قصد هدم المبنى الذي وجد فيه حانوت الادوات الجنسية الاولى التي احرقها الحريديون المقدسيون؟