خبر كيف طُبخت عملية الانقلاب على تقرير « غولدستون » ؟

الساعة 05:44 ص|07 أكتوبر 2009

فلسطين اليوم : القدس المحتلة و الوكالات

تباينت الروايات حول الأسباب الحقيقية التي دفعت بالسلطة الفلسطينية إلى طلب تأجيل التصويت على تقرير غولدستون أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

ورغم السخط والغليان اللذين انتابا الشارع الفلسطيني، مضت السلطة، ممثلة برئيسها محمود عباس، في طلب التأجيل، ضاربة بعرض الحائط 1500 روح أزهقت خلال الحرب على غزة.

تأجل التصويت وأثيرت الشائعات، لكن أحدا لم يعرف الإجابة، حتى أنّ قرار عباس تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في «ملابسات التأجيل» كانت بدورها موضع تشكيك.

وقال رئيس اللجنة وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنا عميرة : «لم أتلق أي قرار تكليف برئاسة لجنة التحقيق في ظروف عملية التأجيل، وبالتالي ليست هناك لجنة قائمة الآن، ونحن بانتظار اجتماع اللجنة التنفيذية المقبل لمعرفة حقيقة موقعنا وصلاحياتنا اذا ما كلفنا». وأضاف «في حال كلفنا، سنسعى إلى معرفة ما هي الصورة التي تم ايصالها إلى الرئيس حول موضوع التأجيل، وسنرى إن كان قرار التأجيل جاء بناء على طلب فلسطيني أم استنادا الى اجماع اعضاء مجلس حقوق الإنسان».

ورغم كثرة الشائعات، فإنّ مصدراً مقرباً من الرئاسة الفلسطينية قال لـصحيفة  «السفير» إنّ كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات كان «وراء الطبخة كلها».

وأوضح المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، انه «كان هناك إجماع من القيادات الفلسطينية على مواصلة الضغط من أجل تبني توصيات التقرير، تمهيداً لعرضها أمام مجلس الأمن الدولي، لكن مكالمة هاتفية أجريت قبل ليلتين من التصويت بين عريقات والرئيس الفلسطيني، الذي كان في جولة عربية، دفعت بالأخير إلى إعطاء أوامره، من خلال عريقات، لطلب التأجيل من قبل سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة إبراهيم خريشة».

وأضاف المصدر أنّ «عريقات تلقى اتصالا هاتفيا من المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، الذي قال له حرفيا: إما أن يسحب التقرير أو إننا لن نضغط على اسرائيل لأنهم هناك غاضبون من موقفكم الحالي ولا يمكن لنا ان نقرب وجهات النظر الا اذا تعاونتم معنا».

وبحسب المصدر، فإنّ عريقات، بعد نقاش طويل مع ميتشل، اقتنع بوجهة النظر الأميركية، خاصة بعدما أخبره المبعوث الأميركي أن زيارته المقبلة إلى الأراضي الفلسطينية ستشهد تغيرا كبيرا في الموقف الأميركي، حيث سيكون هناك ضغط اقوى على اسرائيل للمضي قدما في عملية السلام. وأضاف المصدر أنّ عريقات اتصل برئيس السلطة وقال له إنّ «الأميركيين غاضبون، ويريدون منا سحب تقرير غولدستون، وإلا فضوا أيديهم من عملية السلام»، فرد عليه عباس بعد نقاش طويل: « فليكن. اسحبوه».

ويقول المصدر «بالطبع هذه الخطوة ستثير سخطا كبيرا في الساحة الفلسطينية، ومع الزمن، وكعادته، سينسى الجمهور هذه المسألة، وعندما تأتي الجلسة المقبلة (لمجلس حقوق الإنسان)، سيجري التأجيل، حتى يضيع التقرير في الكواليس».

وفي هذا الإطار، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن «جميع المتحدثين باسم الحكومة تلقوا تعليمات بعدم التطرق إلى موضوع التقرير في حال تم سؤالهم حوله»، مشيرة إلى أنّ هذا الإجراء يستهدف عدم إحراج السلطة الفلسطينية من جهة، وعدم إعادة إثارة الموضوع في العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام.

وقال مقربون من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في حديث لصحيفة «هآرتس»، إن القصة «حرّفت» وإن الفكرة كانت «مجرد طلب التأجيل بناء على توصيات خريشة التي أكد فيها أن هناك الكثير من المعوقات أمام عملية التصويت، وبالتالي التأجيل سيضمن تأييدا اكبر».

وفي هذا الإطار تساءل المصدر الفلسطيني «كيف يمكن الاقتناع بهذه الفكرة؟ نحن نعلم أن التقرير سيسقط في كل الأحوال، حتى إن وصل إلى مجلس الأمن، لكنا كنا سنكسب العقاب المعنوي، وسنحرج إسرائيل».

وأشار المصدر إلى أنه «يجري حاليا البحث عن كبش الفداء لتحميله المسؤولية، كرئيس الحكومة سلام فياض أو مستشار الرئيس نمر حماد، «على اعتبار أنه اقل أهمية من عريقات».

من جهته، نفى عريقات ما قيل حول عملية التأجيل، واكد أن القرار كله «جاء بإجماع أعضاء مجلس حقوق الانسان، وليس بطلب من السلطة الفلسطينية التي لا حول لها ولا قوة، فهي مجرد عضو مراقب ليست لديه صلاحيات». وقال إن عباس «يدرس بجدية إمكان الطلب من المجموعة العربية والإسلامية رفع تقرير غولدستون إلى المحافل الدولية بشكل رسمي، بما في ذلك مجلس الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي».

وهدد عريقات بكشف أسماء الدول التي ضغطت على القيادة الفلسطينية لتأجيل التصويت، مشيراً إلى أنّ «هذه الدول تمارس حاليا ضغوطا لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل بالرغم من استمرار الاستيطان وتحاول تبرئة نفسها عبر مهاجمة القيادة الفلسطينية واتهامها بالخيانة».

من جهة ثانية، نفت حركة حماس أن تكون قد وضعت شروطاً جديدة لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية بعد تأجيل التصويت على تقرير غولدستون، وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم «لم نضع أي شروط جديدة لأننا معنيون بالجهد المصري الذي يبذل، ومعنيون بتحقيق المصالحة»، لكنه اعتبر أنّ ما صدر عن السلطة في ما يتعلق بتقرير غولدستون «لا ينم عن لغة تصالحية أو نية لحماية مشروع المصالحة».

إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية في الحكومة الفلسطينية المقالة أنها بصدد «دراسة البعد القانوني لطلب اعتقال الشخصيات المتورطة في تأجيل التصويت على تقرير غولدستون».