خبر اطفاء نور للاغيار.. هآرتس

الساعة 09:34 ص|06 أكتوبر 2009

بقلم: اسحاق لاؤر

كان في الفزع الذي ألم بالمؤسسة الرسمية الاسرائيلية، مع نشر تقرير غولدستون، نسمة منعشة ايضا. الرجل الاسرائيلي المعتد بنفسه، بالنزعة الانسانية، لم يعد يظهر على غلاف "التايم" / "لايف"، بل في قائمة المشبوهين لمنظمات حقوق الانسان، وربما في المستقبل في المحكمة في لاهاي. فبعد سنوات طويلة من الاستخفاف التام بالاسرة الدولية خرق القوانين والمواثيق، حيث يصبح خبراء القانون في اسرائيل مثابة المحامي العمومي على جنرالاتنا، ثمة اخيرا في النخبة العسكرية من لا يمكنهم ان يطيروا الى سويسرا لغرض التزلج، او الى حضور اوبرا في "كوبنت غاردن" او الى معرض تكنولوجيا عليا في اسبانيا، دون ان يستشيروا اولا محاميهم. وهذا حسن.

الشعار الوقح لدافيد بن غوريون، "ليس مهما ما يقوله الاغيار، مهم ما يفعله اليهود"، رافق دوما دولة اسرائيل ومنح تخويلا "تمرديا" ليس فقط لاسرتها الامنية، من الموساد عبر الجيش وحتى الوحدات الخاصة، بل وايضا الوقود الوطني للجمهور الذي يلتف متراصا حول "العالم كله ضدنا". "نور للاغيار"، هراء اخر لبن غوريون من عهد قبية وعملية غزة، اصبح مع مرور الوقت اطفاء للانوار، كي لا يرى احد، ولا يعرف. باختصار، بنينا شربيت باروخ التي منحت مشورة قانونية للجيش في غزة، دعيت لدراسة القانون في جامعة تل ابيب، والعمل الحقيقي "لنور للاغيار" فعله القاضي اليهودي غولدستون (رجال القانون عندنا، الذين يروجون الان في صالح "لجنة فحص"، اين بالضبط كنتم في اثناء الحرب؟).

غير ان شعار بن غوريون كان ايضا كاذبا. دولة اسرائيل كانت متعلقة دوما بما "يقوله" العالم. الان ايضا، مع كل القوة العسكرية. اسرائيل ولدت من قرار دراماتيكي للجمعية العمومية للامم المتحدة وسمحت لنفسها بان تبصق في هذا البئر فقط عندما انضم الى المنظمة عشرات عديدة من الدول المحررة. عندها رُفض هؤلاء بصفتهم "ظلاميين" و "غير متطورين". العالم – لدى الاسرائيليين – تقلص لينحصر بالغرب الاستعماري السابق، وهو ايضا رفضته دولة اسرائيل باشمئزاز كلما ظهرت صورة سيئة للاحتلال. بأي تبرير؟ ازدواجية المعايير، بالطبع، او كراهية اسرائيل على اجيالها.

ورويدا رويدا تقلص ايضا الغرب لينحصر بالولايات المتحدة، وهذه تقلصت لتنحصر بمجموعة الضغط (غير المحبوبة جدا هناك)، بصناعات السلاح، الاجهزة السرية والبنتاغون. باختصار، العالم تقلص الى ما شخصته النخبة العسكرية كعالمها. "العلاقات الخاصة" اعتبرت انجازا اذ ان اسرائيل اجتهدت جدا، منذ قيامها، لاقناع الولايات المتحدة بانها ذخر استراتيجي. ديمقراطيتنا باعوها فقط بصفة مغلف بالاساس: نحن سنقوم بعملنا، الذي سيكون ايضا عملكم.

اذا كنا ذات مرة خططنا للحروب حسب عدد ايام القتال حتى قرار مجلس الامن فها نحن منذ 1967 حررنا الفيتو الامريكي حتى من هذا الكابح. جهاز الامن تعلم كيف يدرك "الرأي العام في العالم" كمراقبين لصور الفظاعة، ومن هنا نشأ الحساب الاستراتيجي للتغطية الاعلامية الاخبارية السلبية. غزة اغلقت امام المصورين والحرب خطط لها للايام المتكتكة للتلفزيون الغربي، بين عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية.

باختصار، هذه الخدعة، "ليس مهما ما يقوله العالم" تتحطم الان مرة اخرى في الوجه. يوجد عالم. ليس كله بائع سلاح. ليس كله مزدوج المعايير. ليس كله لاسامي. يوجد يهود اخيار ليسوا بالذات فعلة لدى الجيش الاسرائيلي. حان الوقت للتزود ببعض من المعايير الجديدة للواقع.