خبر المشبوهون الفوريون.. يديعوت

الساعة 11:29 ص|05 أكتوبر 2009

بقلم: يرون لندن

المفاوضات على فداء جلعاد شليت من الاسر مصابة بالتخوف الدائم من جانب القادة من الرأي العام. الرأي العام يجد تعبيره العلني في كل وسائل الاعلام. وهو لا يعكس رأي كل المواطنين، بل فقط رأي اولئك الذين يرغبون في أن يسمع رأيهم. الاخيرون هم مؤيدو الفداء بكل ثمن. الاخرون يخشون. الاخرون يترددون في قول ما في قلوبهم لانه يصعب عليهم اظهار التصميم على حساب شاب حبيب وعائلته المحبوبة.

صاحب رأي يعتقد بموقف مغاير عن "بكل ثمن"، يتلقى على الفور السؤال: "وماذا كنت ستفعل لو سقط ابنك في أسر حماس؟" وعلى هذا السؤال لا يوجد أي رد سوى "اعتبارات مصلحة الامة ليست اعتبارات مصلحة الفرد". في عصرنا، الذي انقلبت فيها علاقات الواجبات والحقوق التي بين الفرد والعموم، فان هذا قول يعرض للخطر قائله. ويرد على هذا النحو فقط من هو مستعد لان يعرض نفسه للذع لسان كبار المعلقين في الصحف.

وعليه، ليس هناك بين مصممي الرأي العام متطوعون مستعدون لان ينظروا الى عيون افيفا ونوعام شليت وان يقولوا لهما ان السطر الذي يلخص ميزان الاعتبارات يظهر ان ابنكما سيواصل المعاناة في سجنه. واجب عمل ذلك هو من مسؤولية القادة، الذين قاتلوا بتفان كي يحظوا بعبء القيادة، ولكن هم ايضا يترددون في التعبير عن رأيهم بلغة واضحة.

لماذا؟ بسبب أزمة الديمقراطية التمثيلية. واقصد بذلك ان كل زعيم سياسي، كائنا من يكون، ليس فقط عندنا بل وفي كل الدول الديمقراطية تلتصق به الشبهات فور انتخابه. الزعماء مشبوهون بالنية المبيتة وبالفساد. وهذه المزايا تؤثر على كل قرار من قراراتهم. في كل صباح، مع الشروق، ينطلقون في رحلة غايتها انقاذ أنفسهم من الاتهامات التي وجهت لهم في اليوم السابق. نتنياهو ورفاقه يتملكهم الرعب من أن يعتبروا عديمي القلوب وفاسدين، وفي نفس الوقت يخيم عليهم الخوف من أن يعتبروا واهنين وفاسدين. في مثل هذه الظروف، كيف يمكن ان نتوقع منهم قرارات نقية من كل شائبة؟

الاشتباه بالسياسيين علق في كل مستويات المجتمع. أنا اتحدث مع اصدقائي، بينهم يعيشون حاضر العالم، ولا أجد بينهم حتى واحدا مستعدا لان يفترض بان بنيامين نتنياهو او ايهود باراك، مثلا، ليسا غبيين، او عديمي الموازين، او عديمي المبادىء او من يفضلا مكانيهما على كل قيمة مثالية. كلهم، كلهم، كل السياسيين، لا يساوون قرشا.

اما أنا فأعاند واصر: هل هؤلاء الاشخاص اكتسبوا مزاياهم البائسة في الساحة السياسية أم دخلوا الساحة السياسية ونجحوا فيها بسبب مزاياهم البائسة؟ بل واشدد العناد: كيف يحتمل ان اناسا نجحوا جدا في الفصل السابق من حياتهم قبل دخولهم الساحة السياسية يظهرون كأناس ضحلين ما أن يصبحوا سياسيين؟

وأقترح امكانية أن المعاضل التي تقبع في طريق الرجل السياسي صعبة جدا، والمتاهة معقدة جدا، والتوقع صعب جدا، لدرجة أنه لا يمكن للمرء أن ينجو. الفشل هو الرهان الاكثر معقولية. وأشرح بان مسيرة التسلق الى مواقع القرار العليا تنطوي على الارضاء المتواصل للاغلبية الناخبة ولهذا فهي تنطوي على تنازلات كثيرة. واشرح بان البديل عن هذه المسيرة هو الطغيان. فلا أنجح. اصدقائي، في معظمهم اناس مثقفون، يعبرون عن أنفسهم بلغة متطورة، ولكنهم يفكرون بجودة آخر المعقبين في وسائل الاعلام.

ورغم كل هذا ينبغي أن نطالب القيادات بان تقود. ان تقود معناه ايضا المخاطرة بالتنحية عن مكانة القيادة. في قضية شليت، لا يمكن القول ان وزراء المجلس الوزاري الامني، وعلى رأسهم نتنياهو، اظهروا استعدادا للمخاطرة.