خبر انجاز لنزعة النشاطية لدى بيبي-هآرتس

الساعة 09:51 ص|04 أكتوبر 2009

بقلم: الوف بن

 (المضمون: سحب الفلسطينيين لمشروع القرار المؤيد لتقرير غولدستون في مجلس حقوق الانسان هو ثمرة التهديد الذي وجهه نتنياهو لهم وانجاز للتغييرات التي احدثها على سياسة اسرائيل في الخارجية والامن - المصدر).

        قرار مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة يوم الجمعة تأجيل البحث في تقرير غولدستون عن حملة "رصاص مصبوب " في غزة هو انجاز سياسي هام لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان.

        في الاسبوعين اللذين مرا بين نشر التقرير وبين البحث في استنتاجاته في الامم المتحدة، ادارت اسرائيل حملة دبلوماسية شديدة القوة ترمي الى دفن توصيات غولدستون ووقف مبادرته لتقديم اسرائيليين الى المحاكمة في خارج البلاد. وكانت الذروة في تهديد نتنياهو بأن توقف اسرائيل المسيرة السياسية اذا لم تسحب السلطة الفلسطينية التماسها الى مجلس حقوق الانسان. الحجة التي عرضها نتنياهو كانت ان اسرائيل لا يمكنها ان تأخذ مخاطر في المفاوضات السياسية، اذا ما حرمت من حقها في الدفاع عن النفس. مساعي حشد التأييد التي ادارتها اسرائيل في اسناد امريكي وتهديداتها للسلطة الفلسطينية نجحت في صد غولدستون.

        المعالجة العنيفة لتقرير غولدستون تميز السياسة الخارجية النشطة التي يديرها نتنياهو وليبرمان. وهما يريان خصما لاسرائيل في رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وليس صديقا او شريكا (وهذا متبادل). وهما لا يقبلان ان يدير عباس مفاوضات سياسية وتنسيق امني مع اسرائيل، وفي نفس الوقت ينطلق الى حرب دبلوماسية وقضائية ضدها في كل محفل دولي. اذا كان عباس يريد النزاع فليتفضل، ولكن فليستعد لدفع الثمن. اسرائيل ايضا تعرف كيف تدير الحروب السياسية، مثلما ارته في نهاية الاسبوع.

        بعد نصف سنة في الحكم، نتنياهو راض عن التغييرات التي انتهجها في سياسة الخارجية والامن الاسرائيلية. التعبير الاخير عن الاصلاحات كان في الصفقة مع حماس، والتي حصلت فيها اسرائيل على شريط فيديو جلعاد شليت. شليت لا يزال في الاسر، ولكن نتنياهو اظهر للجمهور بان الصفقة بتحريره بدأت تسير، بعد ان غير مدير المفاوضات واشرك فيها الوسيط الالماني.

        نتنياهو شعر انه نجح في ان يبني علاقات عمل طيبة مع ادارة اوباما، بعد بداية اشكالية نبعت من الخلاف على تجميد المستوطنات. اليوم ايضا توجد خلافات عميقة بين اسرائيل والولايات المتحدة على سبيل التقدم في القناة الفلسطينية، ولكن مكتب رئيس الوزراء طور قنوات عمل جارية مع البيت الابيض ووزارة الخارجية الامريكية: مستشار الامن القومي عوزي اراد مع نظيره جيم جونز ونائبيه دنيس روس وغاري سايمور، المبعوث اسحاق مولكو مع المبعوث جورج ميتشل.

        المساعي السياسية في القناة الفلسطينية تتركز على بلورة صيغة متفق عليها لاستئناف المفاوضات السياسية، بحيث تتضمن ايضا تعهد اسرائيلي بتقييد الاستيطان. نتنياهو لا يسارع الى التسوية الدائمة. وهو يفضل ان يضع جانبا المشاكل الصعبة، مثل القدس، والبدء في المسائل السهلة للحل، والاتفاق عليها ومواصلة السير الى الامام. وهو لا يتحمس لتحديد جداول زمنية صلبة لاتفاق شامل، او لمبادرة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض واقامة دولة فلسطينية في غضون سنتين. كما ان نتنياهو يرفض فكرة ان تتركز المفاوضات على ترسيم الحدود المستقبلية بين اسرائيل وفلسطين وتؤجل الى المستقبل القدس واللاجئين.

        في مكتب نتنياهو يقدرون بانه رغم الخلاف على الصيغة والاهداف فان المفاوضات ستستأنف قريبا. نتنياهو لائم مواقفه (دولة فلسطينية مجردة، مطلب الاعتراف بدولة يهودية) مع الاجماع الاسرائيلي لتعزيز قدرته على الصمود في وجه الضغوط وشل فعالية المعارضة. حتى الان هذا نجح، ولكن المفاوضات الحقيقية لم تبدأ بعد، ونتنياهو ليس مطالبا بقرارات من شأنها ان تورطه مع رفاقه في اليمين وتهدد سلامة الائتلاف.

        في المجال الايراني، نتنياهو قلق لدى عودته الى الحكم من تفكك التحالف الدولي الذي يقف في وجه ايران. وقد عمل على تعزيز التنسيق مع الادارة الامريكية – باستخدام "منتدى ايران" برئاسة اراد وجونز – وهو راض عن الانعطافة الاخيرة في الموقف الامريكي، الذي يعرض خطا اكثر تصلبا حيال الايرانيين. نتنياهو يؤيد الخطوة الدبلوماسية للرئيس براك اوباما، يلطف التصريحات العلنية للشخصيات الاسرائيلية عن النووي الايراني، ويكتفي باستعراضات عن خلفية الموضوع.

        الانجاز الاكثر ملموسية لنتنياهو في العلاقات مع اوباما كان الرسالة التي تلقاها من الرئيس في موعد قريب من لقائهما الاول في واشنطن، في ايار من هذا العام. في الرسالة كرر اوباما وعود اسلافه، في الحفاظ على "الغموض" الاسرائيلي في المجال النووي. ووعد الرئيس الا تمس مبادرات امريكية للرقابة على السلاح بقدرة اسرائيل على الدفاع عن نفسها وردع اعدائها – مثلما وعد الرئيس بيل كلينتون نتنياهو في 1998 وايهود باراك في 1999. مع هذه الرسالة في الخزنة، يمكن لنتنياهو ان يكون هادئا حين يخطب اوباما في الامم المتحدة عن تصفية السلاح النووي في العالم.