خبر أصغر محررة: تعلمت العبرية كي أفهم شتائم السجانين وأشتاق للطفل يوسف

الساعة 06:58 ص|03 أكتوبر 2009

فلسطين اليوم-الشرق الأوسط

تتطلع الأسيرة الفلسطينية الأصغر بين الأسيرات اللاتي أفرجت إسرائيل عنهن أمس ضمن صفقة ما يعرف «بشريط شاليط» للعودة إلى المدرسة، كي تواصل تعليمها الذي انقطعت عنه لعام، بعد اعتقالها أواخر العام الماضي عند حاجز قلنديا. وتقول براءة ملكي، وعمرها الآن 15 عاما، إنها مشتاقة لمدرستها، لكن أكثر ما يقلقها هو أن تعيدها إدارة المدرسة إلى الصف التاسع الذي اعتقلت دون أن تكمله. وقالت ملكي لـ «الشرق الأوسط» «أنا خايفة يرجعوني أعيد الصف التاسع، هذي مشكلة كبيرة، بدي أحكي مع وزير الأسرى ومع الرئيس، إن شاء الله يقدروا يرفعوني للصف العاشر وما بدي إشي ثاني».

واعتقلت براءة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 العام الماضي وهي تحمل سكينا على حاجز قلنديا العسكري شمال القدس المحتلة، فاتهمها الجيش بمحاولة طعن وقتل جنود إسرائيليين، وحكمها 11 شهرا.

وأطلق سراح ملكي قبل زميلاتها الـ 19 بيوم واحد، بعد أن تضمنت قائمة الـ 20 أسيرة اسمها، ويعود الفضل في إتمام هذه الصفقة لحركة حماس، وقالت براءة التي تنتمي لفتح، ولها شقيقان معتقلان ينتميان لنفس الحركة كذلك «مش فارقة معي من يقف وراء الصفقة حماس أم فتح أم غيرهما، كلنا شعب واحد وإخوة».

وتقر براءة بأن هذه الأخوة التي تتحدث عنها، وإن كانت أقوى داخل السجون إلا أنها تراجعت كثيرا أخيرا بسبب الخلافات في الخارج، وقالت «الانقسام ألقى بظلاله وهناك مشكلات بالسجون». وتتذكر براءة كيف كانت الأسيرات يعاملنها معاملة خاصة لصغر سنها، وقالت «كان معي 30 أسيرة معظمهن من حماس والجهاد والباقي من فتح، وكنا زي الأخوات، حتى انو أسيرات الجهاد هن اللي رعوني». أما لماذا الجهاد وهي تنتمي لفتح، فردت، «فتح تركوني، وكان محامي الجهاد يزورني وكنت تحت ظل الجهاد».

ولم يكن بوسع طفلة مثلها أن تفعل الكثير في سجنها، وأمضت وقتا كبيرا في تعلم التطريز اليدوي. لكن أبرز ما اكتسبته في السجن هو تعلم اللغة العبرية، وذلك كما تقول، كي تفهم بماذا كان يشتمها سجانوها.

وقالت «لم أتلق معاملة خاصة (من الإسرائيليين)، بل كانوا يعاملونا كأنا بشر من الدرجة الثانية.. تعرضنا للضرب والإهانة والشتائم.. كانوا يغلطوا علينا ويصرخوا بنا، فتعلمت اللغة العبرية، لأني بدي أعرف شو بغلطوا عليّ، هذا كان هدفي الأول».

وخلال فترة سجنها تعرضت براءة إلى مواقف قاسية قالت إنها لم تكن تتخيل أن تجربها، ومضت تقول «ما بنسى في الطريق إلى المحاكم، كيف كانوا يشدون الكلبشات علينا بطريقة صعبة ومؤلمة وإذا ما قدرت أمشي كانوا يجروني من الكلبشات».

وربما غير السجن من مفاهيم محددة لدى براءة، وقالت «أنا خرجت أكثر وعيا وثقافة ودراية، واليوم بحكيلك ما بدي أقرب من أي إشي، وأنا ما رح أعمل أي إشي ثاني غير العودة للمدرسة».

ومن المفترض أن تكون الملكي قد التقت أمس الرئيس محمود عباس (أبو مازن). وقالت، إنها تود أن تخبره «أنه يجب أن يحقق الوحدة»، أما على الصعيد الشخصي، فقالت «ما عندي أي طلبات أنا طموحي أن أرجع لمدرستي وما أعيد السنة وأطلع على الصف العاشر وبس».

وما زالت الملكي تتلقى التهاني في منزل أبيها المتواضع في مخيم الجلزون في رام الله، وقالت إنها تشعر بحب الناس الذين جاءوا لتهنئتها. وكانت سعيدة للغاية، لكنها أيضا حزينة بسبب ما تركت خلفها، وأوضحت «أنا فرحت كتير إني طلعت، بس فرحتي كانت منقوصة، بصراحة أنا تركت خواتي هناك مش زميلاتي وبس، وتركت كمان إخوتي الاثنين محمد ومحمود». ويقضي محمد، 17 عاما، حكما بالسجن 4 سنوات، أما محمود، 23 عاما، فلم يحكم بعد.

وأكثر ما تشتاق له براءة، هو الطفل يوسف الزق الذي ولد وكبر معها في السجن، وأطلق سراحه أمس مع والدته فاطمة إلى قطاع غزة. وقالت براءة، «كنت ألعب معو». وعمره الآن سنة و8 شهور، ولذلك شهدت الأسيرات معظم مراحل نموه. وتتذكر براءة «يوسف أبكانا جميعا، لكنه كان كمان رحمة لنا، كان مهوَن علينا ونلعب معو ونهتم فيه.. كان يخفف عنا كتير». وحتى الآن لا شيء ينغص على حياة براءة الصغيرة، سوى دوشة الصحافيين، التي قالت إنهم «جننوني» ولم تنم بشكل جيد منذ يومين.