خبر من حظنا أنه يوجد احمدي نجاد..هآرتس

الساعة 10:43 ص|02 أكتوبر 2009

 بقلم: نحميا شترسلر

هناك من يقول ان الجيش الاسرائيلي هو افضل جيش في العالم. هناك من يدعي بان لعله ذات مرة كان كذلك، ولكن منذئذ سمن وبات يركل. على شيء واحد لا يوجد جدال: الجيش الاسرائيلي هو مجموعة الضغط الاقوى في الدولة. اذا كان الجيش يريد شيئا ما، فانه يحققه مهما يكن. وليس مهما الثمن وليست مهمة الظروف. اراد 1.5 مليار شيكل اخرى، وحصل عليها أمس.

كل سنة يجري في الحكومة الجدال التقليدي عن ميزانية الدفاع. في هيئة الاركان يستعدون له على مدى اسابيع. في اليوم المقرر يدخل الى جلسة الحكومة وفد من 20 ضابط كبير مزودون بالحواسيب النقالة المتطورة. يخفتون النور ويعرضون على الشاشات عروضا ملونة، اشرطة متنوعة وتقديرات استخبارية مخيفة مرفقة باسهم حمراء، كلها موجهة مباشرة الى قلب البلاد.

وهم يشرحون للوزراء بان التهديد حولنا ازداد. وهو دوما يزداد. حتى بعد السلام مع مصر وكذا بعد السلام مع الاردن، وكذا في اثناء الحرب الايرانية العراقية. ذات مرة جاء التهديد من ناصر. وبعد ذلك من مناورات الجيش السوري، ولاحقا من صدام حسين. اما الان فيقوم احمدي نجاد بتوفير التخويف الاكبر – النووي.

وهم يطرحون على الحكومة بالتفصيل كل التهديدات، وبعد ذلك يقول رئيس الاركان: "اذا لم تقر طلباتنا، فان المسؤولية تكون عليكم". والوزراء يجلسون منطوين من الخوف ومستعدين في ذات اللحظة لان يعطوا رئيس الاركان حتى رواتبهم الشخصية، على أن يتوقف فقط.

المناورة الاخيرة - اضافة 1.5 مليار شيكل لميزانية الدفاع بعد شهرين ونصف الشهر من اقرار الميزانية في الكنيست – نفذوها بأسهل ما يكون. إذ وقف امامهم رئيس وزراء مصاب بالفزع ووزير مالية لا يحلم بالوقوف في وجه سيده. فقط قبل أربعة اشهر طلب يوفال شتاينتس تقليص 3 مليار شيكل من ميزانية الدفاع؛ فكيف نجده الان يدافع عن العلاوة؟

حسب تقرير برودت، ينبغي للجيش أن يقلص في الميزانية لان النمو هذا العام سيكون اقل من 1 في المائة. ولكن الجيش ليس فقط لم يقلص بل تلقى علاوة. من هذا بالذات خشينا: ان تصبح علاوات تقرير برودت أرضية لا يمكن منها الا الصعود.

ميزانية الدفاع ستكون هذا العام 48.6 مليار شيكل، و 53.2 مليار شيكل في العام القادم – وهي الاعلى في تاريخ الدولة. في داخل ميزانية هائلة كهذه توجد مرونة عظيمة، الكثير من التطويرات، الكثير من المخططات للمدى الطويل التي يمكن تأجيلها – اذا كانوا يريدون 1.5 مليار شيكل لهدف معين. ولكن الجيش يريد كل شيء: ان يواصل كل المشاريع، وان يشتري الطائرة الاكثر ثمنا في العالم، وان يحافظ على شروط الخدمة الاستثنائية لرجال الخدمة الدائمة وان يسمح لهم بتسريح وتقاعد في سن 42 وان يواصل البعثات الامنية الفاخرة في نيويورك، واشنطن، باريس، بروكسل وبرلين والا يقلص لا سمح الله في سلسلة طويلة من الملحقين العسكريين في ارجاء المعمورة – ترتيب عمل للمقربين، كله في آن واحد.

مصادر أمنية مغفلة الاسم قالت هذا الاسبوع ان علاوة الميزانية تنبع من "تطور دراماتيكي". هذه هي الطريقة: كلمات مخيفة بدون تفسير، بهدف ادخال الحكومة وكل بيت اسرائيل في حالة فزع.

قبل اسبوعين فقط قال ايهود باراك ان "ايران لا تشكل تهديدا وجوديا على اسرائيل". قبل اسبوعين فقط قال: "انا اعارض الفزع". اما الان فهذا بالضبط ما يفعله.

باراك يتحدث بين الحين والاخر عاليا عاليا عن اهمية المجتمع والرفاه. وبين الحين والاخر يذرف دموع التماسيح على المصير المرير للضعفاء والفقراء. اما عمليا فهو يمس بهم المرة تلو الاخرى. إذ أنه من اجل الحصول على 1.5 مليار شيكل ينبغي التقليص في مراكز التعليم للتلاميذ الضعفاء، في ساعات التعزيز للتلاميذ الذين يواجهون مصاعب تعليمية. في المراكز العلاجية للجيل الغض، الشبيبة المتعرضة للمخاطر، في ميزانيات البحث والتطور، في التأهيل المهني، في التعليم التجاري، في استيعاب المهاجرين، في حفظ النظام في المدن وكذا في الصحة.

عندما أقر تقرير برودت في الحكومة تعهد الجيش برفع خطة نجاعة بمبلغ 30 مليار شيكل لعشر سنوات. وكان يفترض بالخطة ان تكون مقبولة من المالية ومقرة من مجلس الامن القومي، ومرفوعة للحكومة في تشرين الثاني 2007، ولكنها لم ترفع ابدا. في بداية ايار تعهد رئيس الاركان غابي اشكنازي بان يطرح على الحكومة في غضون أربعة اشهر خطة متفق عليها لرفع سن التسريح في الجيش الاسرائيلي، اذ لا يوجد سبب يدعو اقتصادي في وزارة الدفاع الى الخروج على التقاعد منذ سن 42. يمكنه أن يواصل العمل حتى سن 67، مثل كل اقتصادي آخر. ولكن الاشهر الاربعة مرت، واشكنازي لم يطرح على الحكومة أي خطة.

الجيش الاسرائيلي ووزارة الدفاع يجعلان منا اضحوكة. قواعد الادارة السليمة والانضباط المالي في الميزانية لا تنطبق عليهما. وهما يأخذان من الكعكة الجماهيرية القشطة، الزبدة وحبة الكرز، فيما يبقيان للمجتمع والرفاه الفتات. وبدلا من أن تكون لنا دولة يوجد لها جيش، عندنا جيش توجد له دولة.