خبر كله على الا نعمل وحدنا..هآرتس

الساعة 10:41 ص|02 أكتوبر 2009

 بقلم: يوئيل ماركوس

"اذا كانت كل الاقوال، الشائعات والتسريبات عن حرب تعد ليست مناورة فان هذه الحكومة توشك على ان تفقد عقلها السياسي". هذا القول مأخوذ من بداية مقال "الرهان الدموي"، الذي نشر بتوقيعي في "هآرتس" في 14 ايار 1982، وفيه يحذر الكاتب الحكومة من خطر شن عملية كبيرة في لبنان. ولكن بيغن رئيس الوزراء وشارون وزير الدفاع، الفريق القيادي المحبوب، تجاهلا التحذيرات، وبعد نحو ثلاثة اسابيع اجتاحا لبنان وورطا اسرائيل في حرب دموية استمرت لسنوات أنشد فيها المرشحون للتجنيد نشيد "انزل علينا ايها الطائرة، خذنا الى لبنان، لنقاتل من أجل شارون ونعود في "أرون" (تابوت). هذه الحرب أنبتت القوة الشيعية، جاءت بحزب الله الى لبنان وجعلت ايران العدو المعلن الاخطر لاسرائيل.

النظام الايراني لا يتحدث عن دولتين لشعبين ولا عن تجميد البناء وازالة البؤر الاستيطانية. انه يتحدث عن ابادة اسرائيل، بل انه لا يتظاهر بان تطوير السلاح النووي والصواريخ بعيدة المدى لديه معدة للدفاع عن النفس. احمدي نجاد الذي يبدو كبائع متجول للفستق، يضلل. فيه الكثير من المؤهلات الشريرة أكثر مما يظن المرء، وهو يوضح بالقطع بان الهدف هو ابادة اسرائيل. عنده "الكارثة" لن تكون خدعة صهيونية.

بطبيعة الحال بيبي وباراك يستعدان للاسوأ. وسائل الاعلام مليئة بالاعلانات عن عملية مسبقة لاسرائيل. ولكن ايران ليست العراق، الذي بنى المفاعل الفرنسي لديه على نحو شبه علني وكان هدفا سهلا لسلاح الجو الاسرائيلي. في ايران كل شيء يبنى تحت الارض. مع جدران وأسقف من الاسمنت المسلح بسمك 2.5 متر، بما في ذلك المباني الوهمية. ليت محافل الاستخبارات عندنا تعرف ما تعرفه، وواضح انه ستكون حاجة الى نوع خاص من السلاح، ليس واضحا اذا كان في حوزتنا. ودون ان نتحدث عن ذلك فان عملية كبيرة من جانبنا ستجلب علينا وابلا من الصواريخ ذات الرؤوس المتفجرة من نصف طن فأكثر وصواريخ من مخابىء حزب الله على مدن اسرائيل.

وكأننا لم نفهم، اختارت ايران يوم الغفران كي تجري مناورة علنية لاطلاق صواريخها الحديثة. القليل الذي يمكن قوله عما رأته العين هو ان الحديث لا يدور عن صواريخ القسام.

لا يهم ما تبثه اسرائيل؛ ولكن نتنياهو يعرف بان ليس لاسرائيل القدرة على ان تشطب بضربة واحدة القوة النووية الايرانية وهي تعمل في المجال الاستخباري لاطلاعنا واطلاق الولايات المتحدة والدول الاوروبية عن آلة الموت التي تبنيها ايران. الافتراض هو أنه في الرحلة الليلية لبيبي الى روسيا نقل معلومات عن البرنامج الايراني. معظم خطواتنا هي لخلق وضع تكون فيه الولايات المتحدة رأس الحربة في قيادة العقوبات او الحملة العسكرية ضد ايران.

كان هناك، بمن فيهم كاتب هذه السطور، من لم يستطب خطاب نتنياهو في الجمعية العمومية للامم المتحدة. في تفكير ثان، يتضح أن خطابه كان عملا محسوبا لخطوة سياسية. اولا وقبل كل شيء في أنه اختار الخطاب بالانجليزية وهكذا يكون توجه، دون وساطة المترجمين، الى ممثلي الدول، الذين هم بالصدفة او بغير الصدفة من سيقرر ما سيحصل في ايران. الخطاب في الجمعية وقع على بيبي كالذخر من السماء وسمح له بان يمتطي التهديد الايراني، بحجمه ومعناه بالنسبة للعالم.

في البلاد لم يستطيبوا جدا حقيقة انه لوح بالوثائق وبالخطط النازية – ولكن كون الكارثة لا تعتبر اليوم شيئا ممكنا، كان في ذلك ردا مناسبا على اكاذيب احمدي نجاد ومخططاته لايقاع كارثة خاصة به بنا. وهكذا يكون بيبي اتخذ خطوة ذكية من حيث التوقيت والمنصة واتخذ موقفا معاكسا للموقف القديم الذي اتخذه بن غوريون واعتبر فيه الامم المتحدة ساحة قفراء. استخدام الكارثة كان مثيرا للقشعريرة ولكنه كان في مكانه. فقد اظهر للعالم ما معنى الامر في أن تهدد دولة عضو في الامم المتحدة بتصفية دولة عضوا آخر.

بطلاقته على التعبير تمكن نتنياهو من ان ينزل بدرجة الموضوع الفلسطيني. فما بالك في أن الوفد الفلسطيني غادر القاعة اثناء خطابه، فيما لاحت في الافق مفاوضات وتوقعات بالعيش الواحد الى جانب الاخر في المستقبل. وعلى أي حال التهديد الايراني وتركيز وسائل الاعلام في العالم على خطر هجوم اسرائيلي على ايران يقزمان النزاع المحلي ولا سيما في ضوء مبادرة اوباما فرض عقوبات على ايران في المستقبل.

كخطيب فائق فعل بيبي عملا جيدا بحشد الدول سوية العقل حيال ايران. السؤال اذا كان مبنيا من المادة القيادية اللازمة لجر الدولة الى حملة عسكرية مستقلة ضد ايران – هو سؤال استبياني. ايران تهدد العالم سوي العقل. لاوروبا، للدول العربية ولاوباما كزعيم للعالم توجد لهم جميعا مشكلة. علينا الا نعزل أنفسنا عن كل العالم بل ان نعمل كجزء من الاسرة الدولية وفي كل الاحوال لا ينبغي ابدا ان نعمل وحدنا.