خبر ياسر الزعاترة يكتب : المصالحة المستحيلة في الوقت الراهن

الساعة 08:33 م|01 أكتوبر 2009

ياسر الزعاترة يكتب : المصالحة المستحيلة في الوقت الراهن

ـ الدستور الأردنية 1/10/2009

لسنا ندري من أين جاء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بتفاؤله بإنجاز المصالحة خلال هذا الشهر، لا سيما أننا لم نسمع من المصريين، ولا من طرف السلطة شيئا سوى الترحيب الحذر بتصريحاته.

لا شك أن الورقة المصرية الجديدة هي الأكثر توازنا بين مختلف المقترحات التي تبنتها القاهرة خلال العامين الماضيين، والسبب لا صلة له البتة بالتعاطف مع حركة حماس، إذ أن نوايا التخلص من "إمارتها الإسلامية" في القطاع لم ولن تغادر العقل السياسي الرسمي المصري، بقدر صلته بمخاوف جدية من نوايا الرئيس الفلسطيني الدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعية في موعدها مطلع العام القادم، بصرف النظر عن موقف حماس ومشاركة القطاع، ما يعني ترك هذا الأخير كرة ملتهبة في حضن المصريين، إضافة إلى تهديد هيمنتهم التقليدية على الملف الفلسطيني.

السلطة بدورها لا تريد من المصالحة ، إذا كان لا بد منها بالطبع ، سوى ضم القطاع إلى مربع البرنامج السياسي الوحيد الذي تؤمن به ، أي برنامج دولة الأمر الواقع "المؤقتة" ، مع استمرار المفاوضات بصرف النظر عن مداها الزمني ، الأمر الذي سيتحقق من خلال انتخابات تفوز فيها حركة فتح وتمنح من خلالها الرئاسة لمحمود عباس لتكتمل له حلقات الزعامة "الديمقراطية": من فتح إلى المنظمة إلى السلطة،،.

وفيما تدرك حماس أنه ليس أمامها سوى القبول باستحقاق الانتخابات ما دامت قد تورطت فيها في المرة الماضية ، فإن المتاح أمامها هو ذلك الأفق الذي فتحته الورقة المصرية ممثلا في انتخابات متزامنة للمجلس التشريعي وللرئاسة ، والأهم للمجلس الوطني الفلسطيني كمرجعية للفلسطينيين في الداخل والخارج ، على اعتبار أن التشريعي لا يمثل غير الفلسطينيين في الضفة والقطاع.

هنا يطل الشيطان برأسه من التفاصيل ، والتفاصيل هنا كثيرة ، أولها نسبة تمثيل الداخل والخارج ، موافقة الدول المستضيفة للاجئين على إجراء الانتخابات ، كيفية التوافق على التمثيل في حال تعذر الانتخابات في هذه الدولة أو تلك ، دور المستقلين وحضورهم ، حصة فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48 ، آليات القرار في المنظمة بعد ذلك.. إلخ.

وإذا كانت قيادة السلطة معنية بالمجلس التشريعي ، فإن همّ حماس والجهاد ومن حولهما سيتركز على منظمة التحرير كمرجعية للداخل والخارج ، وفي هذه الأجواء والتفاصيل جميعا سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق حقيقي في غضون شهر أو أشهر ، فضلا عن أن تكون هناك انتخابات متزامنة في غضون ثمانية شهور أو أكثر.

لا شك أن انتخابات للمجلس الوطني تعيد تشكيل المنظمة وقيادتها وتمثيلها لكل الفلسطينيين هي المسار الأفضل ، وبالطبع لوقف اختطاف القضية من قبل حفنة من الناس ، لاسيما أن أمرا كهذا قد يستقطب رموزا من حركة فتح نفسها لصالح برنامج المقاومة ورفض استمرار المفاوضات العبثية وبرنامج الدولة المؤقتة ، لكن الذين سيطروا على فتح والمنظمة بتلك الطريقة الكاريكاتورية في بيت لحم ورام الله ، لن يقبلوا بحال أن يلجم سيطرتهم أي أحد ، وسيضعون كل إمكاناتهم في مواجهة أي تغيير في صيغة القيادة للشعب الفلسطيني ، لا سيما أن ميزان القوى العربي والدولي سيكون في خدمتهم بشكل واضح.

هذه الفئة لها برنامج واضح ، ومن أراد أن يتأكد من رؤيتها من جديد فليعُد إلى مقابلة الرئيس الفلسطيني مع جريدة الحياة اللندنية يوم 24 ـ 9 ، والتي يعترف فيها بأن ما يريده الإسرائيليون هو الدولة المؤقتة (نصّ عليها في خريطة الطريق) ، لكن الفشل بالنسبة إليه لن يعني سوى مواصلة بناء الدولة (هي ذات الدولة المؤقتة بالطبع) ، مع استمرار الحديث إلى الإسرائيليين مهما طال الزمن (تحدث عن أفق زمني مفتوح وعدم وجود خيارات أخرى).

لذلك كله قلنا وسنظل نقول إنه لا حل أمام حماس سوى الاعتراف بخطأ دخول انتخابات سلطة أوسلو ، وقلب الطاولة في وجه مسار التفاوض العبثي والسلطة المصممة لخدمة الاحتلال ، وتاليا الدولة المؤقتة أو حل الدولتين التصفوي ، وذلك بعرض إدارة بالتوافق للقطاع ومقاومة بكل الوسائل في كل الأرض الفلسطينية مع الجهاد والتيار الغاضب في فتح ومن يؤيد ذلك من الفصائل الأخرى ، إضافة إلى استمرار العمل على إجراء انتخابات في الداخل والخارج للمجلس الوطني لتشكيل مرجعية لكل الشعب الفلسطيني.