خبر الميزان والحق يأسفان لقرار قاضية بريطانية عدم إصدار مذكرة اعتقال بحق « براك »

الساعة 07:14 ص|01 أكتوبر 2009

الميزان والحق يأسفان لقرار قاضية بريطانية عدم إصدار مذكرة اعتقال بحق "براك"

فلسطين اليوم- غزة

عبر كل من مركز الميزان لحقوق الإنسان ومؤسسة الحق عن أسفهما الشديد لقرار قاضية بريطانية عدم إصدار مذكرة اعتقال بحق وزير الحرب الإسرائيلي على خلفية تورطه في ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة أثناء زيارته المملكة المتحدة أمس الثلاثاء.

 

وكان مركز الميزان ومؤسسة الحق قد طلبا من محامين بريطانيين تمثيلهما نيابةً عن عشرات من عائلات ضحايا الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة في سياق العملية العسكرية المسماة "الرصاص المصبوب"، والتي انطوت على انتهاكات خطيرة للقانون الدولي.

 

وأكد الميزان والحق في بيان صحفي مشترك، بأنه يجب معاقبة جميع الأشخاص الذين يرتكبون أو يأمرون بارتكاب جرائم حرب، وذلك وفقاً لقواعد القانون الدولي، بما في ذلك من خلال اللجوء إلى تطبيق مبدأ السلطان القضائي الدولي للمحاكم الوطنية.

 

ووفقاً لتوثيق الحق والميزان، فقد قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 1400 فلسطيني  أثناء عملية الرصاص المصبوب، كان من بينهم 1172 من المدنيين العزل، منهم 353 طفلاً، وأكثر من 100 من النساء و136 من أفراد الشرطة المدنية. كما دمرت قوات الاحتلال أو ألحقت أضراراً بأكثر من 11000 منزلاً، ومئات المنشأت الصناعية والأعيان المدنية الأخرى، واستخدمت المدنيين كدروع بشرية، ومنعت وصول سيارات الإسعاف للجرحى.

 

وقد رفضت إسرائيل بإصرار إجراء أية تحقيقات موضوعية وفعالة في ادعاءات المنظمات المستقلة والدولية بأن قواتها ارتكبت جرائم حرب أثناء هذه العملية. ويقف إيهود باراك بصفته وزيراً للدفاع وراء التخطيط لهذه العملية، وتنفيذها والمراقبة على عمليات الجيش الإسرائيلي أثناءها، وذلك كما أعلن هو شخصياً، وبالتالي جاء طلب المؤسستين باعتقاله ومثوله أمام محكمة قانونية.

 

وقد تقدم محامون من شركتي محاماة، هما (Irvine Thanvi Natas and Imran  Khan & Partners)  باستئناف لدى المحكمة الابتدائية مقاطعة "وستمنستر" في لندن طلبوا فيه من المحكمة إصدار مذكرة توقيف بحق وفقاً ل"قانون معاهدات جنيف للعام 1957"، والذي يمنح المحاكم في إنجلترا وويلز سلطاناً قضائياً عالمياً في حالات ارتكاب جرائم الحرب. وينشئ هذا القانون واجباً إيجابياً على المملكة المتحدة بأن تحاكم أمام محاكمها الوطنية أولئك الأشخاص الذين يشتبه بأنهم ارتكبوا جرائم حرب. ويدفع الاستئناف بأن باراك قد ارتكب أو أمر بارتكاب انتهاكات جسيمة لمعاهدات جنيف. وبناءً عليه فقد قاد المحامي "ميشيل عبد المسيح" مجموعة من المحامين البريطانيين في جلسة المحكمة للنظر في طلب اعتقال باراك، ممثلاً عن مركز الميزان ومؤسسة الحق.

 

وقد توجه المحامون إلى المحكمة عند الساعة التاسعة صباحاً يوم أمس الثلاثاء، وقدموا وثائق القضية لدى كاتب المحكمة، ثم اضطروا للانتظار لمدة ثلاث ساعات طلبوا خلالها إنهاء إجراءات تقديم القضية للمحكمة عدة مرات. غير أنهم أُبلغوا بأن القاضية لن تقبل بوضع القضية على قائمة القضايا المنظورة قبل أن يصلها رد من وزارة الخارجية البريطانية تحدد فيها الوزارة "الغرض" من زيارة باراك إلى المملكة المتحدة. وعند حوالي الساعة الخامسة وخمس دقائق مساءً، أُبلغ فريق المحامين بأن المحكمة ستعقد جلسةً للنظر في القضية.

 

وفي أثناء الجلسة أوضحت القاضية بأنها تقبل الادعاء بوجود أدلة على ارتكاب جرائم حرب، مشيرةً إلى أن هذه الجرائم موثقة جيداً، وبأن محاججة المحامين بشأن مسئولية القادة عن هذه الجرائم مرضية. غير أنها قالت أن اهتمامها الأساسي يتمحور حول ما إذا كان باراك يتمتع بالحصانة أم لا. وقد قدم المحامون محاججات قانونية مستفيضة، يدعمها رأي أدلى به برفيسور بريطاني من أهم المختصين في القانون الدولي، أكد فيه على أن باراك لا يتمتع بالحصانة. وعندما طلب المحامي من القاضية إبراز المراسلات بين المحكمة ووزارة الخارجية البريطانية، قامت القاضية بقراءة جزء صغير فقط من رسالة الوزارة التي ذكرت فيها أن باراك يزور المملكة المتحدة لأسباب شخصية ورسمية في آنٍ واحد.

 

ومما يثير الدهشة بشأن مقاربة المحكمة هو حقيقة أنه لو كان باراك يتمتع بالحصانة فعلاً، لعقدت المحكمة جلستها في الصباح وردت القضية بسرعة، ولما احتاجت المحكمة إلى رسالة من الخارجية البريطانية لتوضيح "الغرض" من زيارة باراك. إن إصرار القاضية على استيضاح "الغرض الحقيقي" للزيارة يبين أن القاضية قد نظرت في الطلب بعناية كبيرة، وأدركت بأنه لم يكن من الممكن رد القضية بدون رسالة من وزارة الخارجية، وهو ما يفتح الباب للقول بأنه لو كان باراك في زيارة ذات طبيعة شخصية، فكان من المحتمل أنها كانت ستعطي حكماً مختلفاً.

 

وقد حاجج المحامي بأنه بناء على ما نشر من أنباء عن زيارة باراك، فإن زيارته للمملكة المتحدة كانت ذات طبيعة شخصية.

 

وعليه فإن مؤسستي الحق والميزان تعبران عن أسفهما الشديد لقرار القاضية، الذي جاء على الرغم من تقديم أدلة غير قابلة للشك بارتكاب جرائم حرب. فقد مكن هذا القرار إيهود باراك من الإفلات من الاعتقال، ليس لكونه لم يكن مشاركاً في ارتكاب جرائم حرب، بل بناءً على أنه يتمتع بحصانة مشكوك فيها، وبالاعتماد على رسالة من الخارجية البريطانية بعد مشاورات عديدة مع السفارة الإسرائيلية في لندن.

 

ويؤكد كل من مركز الميزان ومؤسسة الحق على عزمهما الاستمرار في السعي لضمان احترام سيادة القانون على المستوى الدولي، خاصةً في ظل استمرار عجز إسرائيل عن التحقيق في، ومحاكمة مواطنيها المتورطين في ارتكاب مئات من جرائم الحرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة.