خبر هل تعيد أحداث القدس بناء وعي المثقف العربي .. أيمن خالد

الساعة 06:06 ص|30 سبتمبر 2009

هل تعيد أحداث القدس بناء وعي  المثقف العربي

أيمن خالد

أتلف المنهج القومي عقولنا خلال العقود الماضية، خصوصاً عندما استعدى الإسلام، عندما تعامل مع دين الأمة وتاريخها ومكونها الأساس، بأنه مجرد ماض لا قيمة له، ولا نزال ندفع ثمن هذه الأفكار الخاطئة، مزيداً من الضعف، مزيداً من الفرقة، ثم مزيداً من البكاء على أعتاب الدول الكبرى، نستقطع الفتات الفتات.

 

وكما بكى أوائل القوميون ووقفوا يستجدون على موائد الدول الكبرى، يأتي اليوم دعاة فكرة الدولة والمناهج القطرية، بعد أن تركوا حتى الفكرة القومية، لكنهم بكل الأحوال هؤلاء من أولئك، فهم اليوم يجلسون على أعتاب الدول الكبرى، ويستجدون فقط، لا يملكون إلا ما يفعله الكلب بجوار سيده.وهو عمر مضى، ليس الساسة المسؤولون عنه فحسب، بل جيش المفكرين العرب، الذين كان  كل كاتب عربي منهم يبحث عن كاتب أجنبي يدعي انه تأثر به باختصار كان كل كاتب عربي يريد نبيا من الغرب يتبعه، لأنه كان ولا يزال، من وجهة نظرنا كعرب، أن الكاتب المبدع، هو الذي ينجح بأن يتأثر بكاتب من خارج الجغرافيا العربية .

 

.. باختصار، إن مصيبة الأمة هي في وعيها، وما يجري في القدس،  هو عملية الصدمة لوعي المثقفين العرب  الذين عليهم أن ينحنوا تحت أقدام الصبية الصغار، الذين استطاعوا أن يحافظوا على ما تبقى من وعي الأمة، من خلال علاقتهم بالمسجد الأقصى المبارك، فهم أدركوا أن المسألة تكمن هناك، في مكان الإسراء والمعراج، المكان الذي لا يصح فيه النفاق، ولا يكون فيه الصلح بين وعي الأمة وهذا الفساد الكبير.

 

سنوات طويلة، ونحن نتوهم أن الصراع هو مجرد قطعة أرض يختلف عليها الناس، وكسرة خبز يمكنهم أن يجدوا لها حلاً، لأن أصل الفكرة القومية المستورد، كان حريصاً على طرد فكرة الإسلام من عقولنا، فيما الذي يحفظ علينا عقولنا ويحفظ المكان واستدامة خير الزمان علينا، هو هذه الفكرة، والتي بتجاهلنا لها، لم نعد قادرين على رؤية عدونا، وكيف يفكر وكيف يعيش.

 

الحمد لله، نحن أمة أراد مفكروها أن نعادي الإسلام، لأن لديهم مشكلة مع فكرة العبادة والطاعة، ونجحوا بالفعل بصناعة أصنام، لا يزالون يستمرون في عبادتها، حتى بعد موتهم ورحيلهم عن الدنيا، وفي الوقت الذي نعبد فيه هذه الأوثان المتحركة، كانت فكرة عدونا تكبر يوما بعد يوم، وكان يقترب لحظة بلحظة من المكان الذي تم فيه بناء أول حجر من  المكون الثقافي للأمة، وهو مكان الإسراء والمعراج، وصار أعداؤنا يتوهمون أكثر فأكثر، فنضجت لديهم فكرة يهودية الدولة، وهذه الفكرة تعني أن يعلن العرب أن اليهود انتصروا على الإسلام وحققوا مرادهم ببناء الهيكل المزعوم على الأرض التي ربط الله بها الأرض بالسماء.

 

سنوات طويلة ونحن نحاول التفريق بين نوع النتن والمرض، بين اليهودي والصهيوني، بين التوراتي والتلمودي، بين العلماني والمتدين، وبين اليهودي الشيوعي من غيره، واليهودي الإنساني(إن وجد)  من سواه، ولكن كل هؤلاء، وغيرهم، في اللحظة التي كنا نتوه بحثاً عن التفريق بينهم، لم نجد واحداً منهم يصفنا بغير وصف واحد، أننا من الغويم.

 

إذا كانت لدى اليهود مشكلة مع ربهم طوال التاريخ، وألزموه أن يشعر بالندم ويعتذر لهم كما ورد في كتبهم، فما هي مشكلتنا نحن مع ربنا يا سادتنا الأفاضل، فمن كان قوميا، وحريصا على هذه، فالله قال (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) فهو يحفظ عليكم عروبتكم أكثر من كل زعماء الكون وهذا إن كنتم تعقلون.

 

يبقى أن على سيل المنظرين الاستراتيجيين، أن يعلموا أن وعي الأمة يعاد بناؤه الآن، في ذلك المكان الذي كان إشارة الوعي ببوابة السماء، فمن لا يدافع عن الإسلام، هو كاذب لا يدافع عن القدس، ومن أراد القدس، فعليه أن يحمي الإسلام، فالمعركة التي على أبواب القدس، هي في بداياتها، وسننتظر كيف يتغير من هناك مجرى هذا الكون كله.