خبر مواجهة إيران: المخاطر والبدائل .. هاورد برمان(*)

الساعة 10:12 ص|29 سبتمبر 2009

 مواجهة إيران: المخاطر والبدائل

هاورد برمان(*)

هاورد برمان(*) ـ الاتحاد 28/9/2009

قد تتمكن إيران قريباً من امتلاك السلاح الأكثر إخافة في تاريخ البشرية في حال لم يتحقق تقدم دبلوماسي خلال الأيام المقبلة. وفي غضون ذلك، من المرتقب أن تجلس الولايات المتحدة يوم الخميس المقبل إلى جانب شركائها، روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا (5+1)، مع ممثل إيران، حيث من المنتظر أن يكون العنصر الرئيسي على الأجندة، من وجهة النظر الأميركية، برنامج إيران النووي. غير أن الزعماء الإيرانيين أعلنوا أنهم مستعدون للحديث حول أي شيء تقريباً عدا هذا الموضوع. وعليه، فإذا لم تفض الوسائل الدبلوماسية إلى أي نتيجة سريعة، فإنه سيتعين على الولايات المتحدة أن تتبنى تدابير صارمة وحازمة لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.

فمنذ سنوات وإيران ترفض وتستخف بمحاولات الانفتاح عليها لمعالجة التهديد الذي يطرحه برنامجها النووي. وعلاوة على ذلك، فإن جهودها حققت تقدماً إلى درجة أنها تتوفر الآن على ما يكفي من اليورانيوم لإنتاج قنبلة نووية واحدة على الأقل. ثم إن اعتراف طهران مؤخراً بعملها سراً على بناء محطة ثانية للتخصيب، يشير إلى أن برنامجها النووي قد يكون في مرحلة أكثر تقدماً مما كنا نعتقد. ولهذا، فإننا لا نملك الكثير من الوقت.

الاقتصاد الإيراني في حالة يرثى لها، والنظام لم يعد باستطاعته الاعتماد على الإيرانيين واعتبار دعمهم من الأمور المسلَّم بها.

والواقع أنني أؤيد جهود الرئيس أوباما الرامية لمحاورة إيران، إذ بفضل هذه الجهود، لن يكون باستطاعة أحد الزعم بأننا لم نفعل كل ما هو ممكن من أجل منح إيران مخرجاً دبلوماسياً للأزمة؛ غير أن ثمة أكثر من سبب للتشكيك في أن إيران تنوي الكشف عن حقيقة برنامجها النووي. واعترافات يوم الجمعة بشأن محطة تخصيب اليورانيوم الثانية، تلقي بشكل خاص بظلال من الشك على النوايا الإيرانية، وتأتي بعد أكثر من عشرين عاماً من الخداع والتلكؤ والمماطلة من قبل طهران. وبالتالي، فمن الأهمية بمكان أن نقوم بتحديد أسقف زمنية ومعايير واضحة لنحكم وفقها على صدق النوايا الإيرانية، إضافة إلى تحديد عواقب وتبعات واضحة في حال لم تحترم إيران هذه المعايير. كما ينبغي أن تبدأ المهلة لتُظهر إيران جديتها في اجتماع الأول من أكتوبر، على أن تنتهي بنهاية العام، مثلما قال أوباما.

وإذا كانت إيران جادة بشأن الحوار، فعليها أن توافق مبكراً على خطوات ذات معنى، مثل "التجميد مقابل التجميد"؛ والذي بمقتضاه تحجم إيران عن زيادة قدراتها الخاصة بتخصيب اليورانيوم، ومن ذلك وقف البناء في محطة التخصيب الثانية على نحو يمكن أن تتحقق منه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك مقابل اتفاق على الامتناع عن فرض أي عقوبات دولية إضافية خلال هذه الفترة. كما يتعين على إيران أيضاً أن تُعلق على نحو يمكن التحقق منه عمليات التخصيب النووي بنهاية العام. وفي حال تأتى ذلك، يمكن أن يدخل المجتمع الدولي في مفاوضات أعمق مع إيران حول المواضيع المثيرة للقلق والحوافز التي يمكن تقديمها مقابل فهم مُرض لنواياها النووية وضمانات لمنعها من امتلاك قدرات إنتاج أسلحة دمار شامل.

أما في حال تعذر هذا السيناريو، مثلما أتوقع، فعلينا أن نكون مستعدين لفرض ما سمتها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون "عقوبات معيقة"؛ ذلك أن الاقتصاد الإيراني يوجد اليوم في حالة يرثى لها، والنظام لم يعد باستطاعته الاعتماد على الإيرانيين واعتبار دعمهم من الأمور المسلَّم بها. ومما لا شك فيه أن أفضل وسيلة لتمرير مثل هذه العقوبات هو قرار ملزم من مجلس الأمن الدولي، وهو ما سيتطلب موافقة روسية وصينية من الصعب الحصول عليها. لكن في حال تعذر ذلك، فإن اتفاقاً متعدد الأطراف بين الأوروبيين واليابان وأستراليا وكندا على فرض عقوبات مالية وتجارية واستثمارية، قد يمثل بديلا جاداً. أما إذا تعذر ذلك أيضاً، فأعتقد أن التهديد الذي تطرحه إمكانية تحول إيران إلى قوة نووية بالنسبة لأمننا القومي، يستوجب ضرورة قيام الولايات المتحدة بفرض عقوبات عليها بشكل أحادي.

والواقع أن قانون العقوبات النفطية الذي تقدمتُ به مع النائبة الجمهورية إيليانا روس ليتينن، في لجنة الشؤون الخارجية التابعة للمجلس النواب، يتيح فرصة للتحرك. إذ يمد مشروع القانون، الذي حصل على دعم أكثر من 300 نائب، الرئيسَ أوباما بتفويض لتشديد العقوبات المالية ضد إيران، كما من شأنه أن يمنع الشركات التي تسهل لإيران الحصول على الغازولين وغيره من المشتقات النفطية المكررة من العمل في الولايات المتحدة. ولأن إيران تستورد 25 في المئة أو أكثر من احتياجاتها اليومية من النفط المكرر من الخارج، فإن اقتصادها سيتضرر ضرراً بالغاً في حال مُنعت عنه تلك الواردات. وعليه، فإن تهديداً جاداً بهذه العقوبات قد يوفر أفضل فرصة لإقناع النظام الإيراني بضرورة الموافقة على تعليق تخصيب اليورانيوم.

لكن كي يكون مشروع قانون بشأن العقوبات جاهزاً ليوقع عليه الرئيس، بداية العام المقبل، علينا أن نبدأ إجراءات تمريره اليوم. ولهذا الغرض، فإنني أنوي أن أعرض مشروع القانون المذكور على أنظار اللجنة من أجل دراسته ومناقشته الشهر المقبل. ذلك أنه إذا لم تنجح المفاوضات مع إيران، وتعذرَ الاتفاقُ حول فرض عقوبات متعددة الأطراف، فعلينا أن نكون مستعدين للقيام بذلك بمفردنا.

ــــــــــــــــــــ

(*) نائب "ديمقراطي" عن ولاية كاليفورنيا، ورئيس "لجنة الشؤون الخارجية" التابعة لمجلس النواب الأميركي ـ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"