خبر مركز الميزان يدعو للتدخل العاجل لحماية المدنيين والمقدسات وضمان حرية العبادة

الساعة 10:30 ص|28 سبتمبر 2009

مركز الميزان يدعو للتدخل العاجل لحماية المدنيين والمقدسات وضمان حرية العبادة

فلسطين اليوم- غزة

في مشهد يعيد إلى الأذهان زيارة شارون المشئومة يوم الخميس 28/09/2000 إلى المسجد الأقصى واقتحام باحاته عنوة تحت حراسة مشددة من الشرطة الإسرائيلية، وما تلاها من إطلاق نار على المصلين يوم الجمعة التالي.. سمحت الشرطة الإسرائيلية يوم أمس لمجموعات من المتطرفين اليهود باقتحام باحات المسجد الأقصى في خطوة استفزازية لمشاعر المسلمين الذين هبوا للدفاع عن مقدساتهم ووقف هذا الاستفزاز.

 

وحسب ما نقلته وسائل الإعلام فقد اندلعت مواجهات بين مدنيين فلسطينيين وقوات من الشرطة الإسرائيلية رشق خلالها متظاهرون فلسطينيون الشرطة بالحجارة، بعد أن اقتحمت مجموعات يهودية متطرفة باحات المسجد الأقصى تحت حراسة من الشرطة الإسرائيلية، فشرع المصلون المتواجدون في المسجد بالاحتجاج ومحاولة منعهم فردت الشرطة مستخدمة القوة. كما منعت الشرطة الإسرائيلية دخول مصلين إلى ساحة المسجد وأغلقت أبوابه، وأسفرت المواجهات عن إصابة حوالي (40) فلسطينياً وصفت مصادر طبية جراح (6) منهم بالخطيرة.

 

وأكد مركز الميزان لحقوق الإنسان، في تقرير له، أن التصعيد الإسرائيلي يتزامن مع الذكرى التاسعة لاندلاع انتفاضة الأقصى التي سعى الفلسطينيون من خلالها لنيل حريتهم وحماية كرامتهم وحقوقهم الوطنية والدفاع عن مقدساتهم، على الرغم من الثمن الكبير الذي دفعوه جراء القسوة والدموية التي تعاملت بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في تحلل شديد الفظاظة من التزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان فتعمدت قتل المدنيين واستهدفت المنشآت المدنية على نطاق واسع وخاصة المنازل السكنية وجرفت الأراضي الزراعية.

 

ويسهم صمت المجتمع الدولي وتخليه عن التزاماته القانونية في تشجيع قوات الاحتلال على مزيد من انتهاك قواعد القانون الدولي فأصبح الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وهدم منازلهم وتقطيع أوصال مدنهم وبناء جدار الفصل العنصري سياسة رسمية لتلك القوات في الضفة الفلسطينية المحتلة. وشكل بناء جدار الفصل العنصري أحد أبرز معالم هذه السياسة، التي تواصلت بالرغم من الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أكد على الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية كأراض محتلة. وأن بناء الجدار يشكل انتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي الإنساني خاصة اتفاقية جنيف الرابعة ولمبادئ حقوق الإنسان. وبالرغم من رأي المحكمة فقد واصلت قوات الاحتلال أعمال البناء في الجدار دون أدنى اكتراث برأي المحكمة.

 

وجدير بالذكر أن تشييد الجدار من قبل دولة الاحتلال لا يغير الوضع القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة فقط، بل يقضي على أي إمكانية واقعية لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، بالإضافة إلى الأضرار الجسيمة التي يلحقها بالسكان المدنيين وممتلكاتهم، حيث تستولي قوة الاحتلال بعد استكمالها بناء الجدار على حوالي 50% من أراضي الضفة الغربية، استولت فعلياً على أكثر من 165 ألف دونم، وتقسم الضفة الغربية إلى معازل عنصرية تُفصَل بموجبها القرى عن أراضيها الزراعية، وعن المدن، حيث يلحق الجدار أضراراً بحوالي 875 ألف فلسطيني، إلى جانب استيلاءه على مصادر المياه، ومنعه عشرات آلاف السكان من الوصول إلى المراكز الطبية والمستشفيات والجامعات والمدارس.

 

هذا وتركزت الانتهاكات الإسرائيلية في القسم الشرقي من مدينة القدس بحيث تحولت الأحياء العربية في المدينة إلى هدف واتخذت سياسة الاستيلاء على مساكنهم وممتلكاتهم أشكالاً مختلفة فمن بيع المنازل والأراضي التي كانت تضع سلطات الاحتلال يدها عليها وتسميها أملاك غائبين، إلى هدم المنازل تحت مبرر عدم الحصول على ترخبص بناء، إلى الهدم لإقامة متنزهات عامة، إلى طرد سكان المنازل الفلسطينيين وتمكين متطرفين يهود من السكن في المنزل دون وجود أي مسوغ قانوني.

 

وفي قطاع غزة واصلت قوات الاحتلال ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية على مدى السنوات التسع المنصرمة.وحسب مصادر الرصد التوثيق في مركز الميزان لحقوق الإنسان فإن حصيلة الضحايا والخسائر المادية التي لحقت بالسكان المدنيين وممتلكاتهم في قطاع غزة واصلت ارتفاعها المضطرد خلال السنوات التسع المنصرمة جراء تصعيد قوات الاحتلال من انتهاكاتها لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني  بحيث قتلت (4652) شخصاً من الفلسطينيين، من بينهم (981) طفلاً و(219) سيدة، ودمرت (18928) منزل سكني من بينها (5713) منزل دمرت كلياً، وجرفت (40476) دونم من الأراضي الزراعية، ودمرت (995) منشأة عامة من بينها مدارس ودور عبادة ومؤسسات، و(1322) منشأة تجارية و(516) منشأة صناعية، فيما دمرت (1293) مركبة.

ويستكمل الحصار فصول المأساة الفلسطينية الحالية، وخاصةً بالنسبة لسكان قطاع غزة، حيث يحرم عشرات آلاف المهجرين الذين هدمت منازلهم من فرصة إعادة بناء أو ترميم مساكنهم ويضاعف من معاناتهم والآثار النفسية والمادية التي أحدثها العدوان في صفوفهم بفعل مشاهد القتل والقصف المروعة التي عايشوها.

 

كما تواصل الأوضاع الإنسانية وحالة حقوق الإنسان تدهورها جراء استمرار الحصار الذي يمس بأوجه حياة الفلسطينيين كافة، ولاسيما استمرار وفاة المرضى بسبب نقص القدرات العلاجية ومنعهم من الوصول إلى المستشفيات خارج قطاع غزة. وتدهورت مستويات المعيشة بطريقة غير مسبوقة حيث يقدر عدد الفقراء في قطاع غزة بأكثر 80% من مجموع السكان، أكثر من نصفهم يعيشون في فقر مدقع، الأمر الذي يلقي بآثار سلبية على مجمل حقوق الإنسان ويمس بكرامتهم التي تقوم عليها مجمل مبادئ العدالة وحقوق الإنسان بشكل شديد.

 

مركز الميزان لحقوق الإنسان يرى في الخطوة الإسرائيلية الجديدة تصعيداَ يأتي في سياق متصل من سلسلة الإجراءات التي تستهدف تهويد القدس وإخلاء سكانها العرب قسرياً عنها وتدمير مقدسات المسلمين فيها ولاسيما المسجد الأقصى الرمز الديني الأهم عند المسلمين.

 

كما يجدد مركز الميزان  تنديده الشديد بالانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في تعاملها مع الشعب الفلسطيني، بما في ذلك استمرار تنكرها لحقه الأساسي وغير القابل للتصرف في الحرية من الاحتلال، وتقرير المصير، والعودة وبناء دولته المستقلة التي يمكن للفلسطينيين فيها التمتع بحقوقهم بعيداً عن القهر والاحتلال والعنف.

 

ويؤكد المركز على أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني خلال العقود الماضية تشكل جرائم يجب محاسبة مرتكبيها وجبر الضرر عن ضحاياها، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم، وهي ممارسات يقوم المركز وعدد كبير من المنظمات الدولية والوطنية بدعم الجهود الرامية إلى تفعيل مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين على ما ارتكبوه من جرائم.

 

ويعيد المركز تأكيده على أن إنهاء الصراع لا يمكن أن يتحقق بدون حل القضية الفلسطينية وفقاً لمبادئ العدالة والقانون الدولي، بما في ذلك حقوق الإنسان. وعليه يطالب المركز المجتمع الدولي بعدم الاستمرار في سياسة التضحية بحقوق الإنسان سعياً وراء تحقيق سلام لا يمكن له أن يتحقق بدون ضمان الاحترام والحماية للحقوق الفردية والجماعية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك تقرير المصير والعودة والحياة بكرامة.