خبر فروانة:« إنشاء محاكم خاصة بالأطفال محاولة لتجميل صورة الإحتلال وإقرار بأخطائه في تعامله معهم »

الساعة 07:13 ص|26 سبتمبر 2009

فروانة:"إنشاء محاكم خاصة بالأطفال محاولة لتجميل صورة الإحتلال وإقرار بأخطائه في تعامله معهم"

فلسطين اليوم- غزة

اعتبر الأسير السابق، الباحث المختص بشؤون الأسرى، عبد الناصر فروانة ، بأن قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي القاضي بانشاء محاكم خاصة بالأطفال الفلسطينيين الذين يجري اعتقالهم ،  بأنه قرار شكلي دون تغيير جوهري على طبيعة واجرءات المحاكم ، وهو محاولة من قبل الاحتلال لتجميل صورته أمام الرأي العام العالمي.

 

وأكد فروانة، أن المحاكم يعني ضمنياً إقراره بأخطائه في التعامل معهم، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية تجاه أطفال فلسطين الذين تعرضوا للاعتقال والمحاكمات الجائرة على مدار سني الاحتلال، والبحث الجدي في كيفية إنصافهم وتعويضهم بما يتناسب وحجم الضرر النفسي والجسدي والاجتماعي الذي لحق بهم جراء اعتقالهم الغير قانوني، ومحاكماتهم في محاكم لم تراعِ طفولتهم.

 

وطالب فروانة، في بيان صحفي أصدره في أعقاب أنباء نشرت في الصحافة العبرية تفيد باقتراب العمل في المحاكم الخاصة بالأطفال الفلسطينيين الذين يجري اعتقالهم خلافاً لما كان متبعا طوال سني الاحتلال الـ 42 ، والتي أعلن عن إنشائها بتاريخ 23 آب / أغسطس الماضي ، وفقاً للأمر العسكري رقم ( 1644 ) الذي وقع عليه اللواء غادي شماني القائد العسكري المنطقة.بالعمل الضاغط لوضع حد للإنتهاكات المتواصلة لحقوقهم الأساسية.

 

وقال فروانة: "إن قرار إنشاء محاكم خاصة بالأطفال هو قرار متأخر جداً ، وكان من المفترض أن تتخذه سلطات الاحتلال منذ بدء احتلالها لفلسطين ، يرافقه إجراءات قانونية وقضائية تراعي حقوق الأطفال وتحترم احتياجاتهم الخاصة استناداً للمواثيق والأعراف الدولية، وأن الشروع بالعمل اليوم وفقاً لهذا القرار لا معنى ولا قيمة فعلية له ، ما لم يرافق تلك " المحاكم " خطوات ملموسة وإجراءات فعلية تُلازم سير المحاكمة وتحترم حقوق الأطفال منذ لحظة اعتقالهم .

 

وأضاف، أن إقدام " الاحتلال " على اتخاذ هكذا قرار يعني ضمنياً إقراره بأخطائه الجسيمة على مدار العقود الماضية في تعامله مع الأطفال الفلسطينيين المعتقلين ، ومحاكماتهم أمام محاكم عسكرية عامة واصدار أحكاماً بحقهم بالسجن الفعلي لسنوات طويلة وصلت في كثير من الأحيان للسجن المؤبد لمرة أو لمرات عديدة ، وبالتالي على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية.

 

المحكمة المقصودة لا تختلف عن سابقاتها

وفي السياق ذاته أكد فروانة أن المحكمة العسكرية الخاصة بالأطفال والتي أعلن عن انشائها ، لم تغير تعريف القاصر الفلسطيني، حيث أنه و حسب القضاء العسكري الإسرائيلي فإن السن الأدنى لتقديم الأطفال لمحاكمتهم في محاكم عسكرية هو ( 12 سنة ) بعدما خُفض في آب 1999 ، فيما كان قبل هذا التاريخ ( 14 عاماً ) وكثير من الأطفال حوكموا بهذا السن وصدر بحقهم أحكاماً عالية ، فيما لا تزال  سلطات الاحتلال تعتبر أن الفلسطيني الراشد هو من أتم 16 سنة من العمر ، وأن اعتقال الأطفال هو الملاذ الأول ولأطول فترة ممكنة ، بخلاف القانون الدولي الذي يعتبر أن الإنسان راشداً ابتداء من سن  18 عاماً ، وأن اعتقال الطفل يعتبر الملاذ الأخير ولأقصر فترة ممكنة .

 

مضيفاً بأن المحكمة المذكورة أيضاً لا تختلف في جوهرها ومضمونها وطبيعتها ، عن المحاكم العسكرية القائمة والتي كان يحاكم فيها الأطفال بجانب البالغين أمام القضاء العسكريين ، ما لم يُعلن عن اتخاذ اجراءات قانونية وقضائية تترجم فعلياً وتحترم حقوق الأطفال وتراعي احتياجاتهم الأساسية وفقاً للإتفاقيات والمواثيق الدولية .

 

وأوضح فروانة بأن المحاكم الخاصة بالأطفال ووفقاً لكافة المعطيات ، فهي وان اختلفت أسمائها ، فلن تختلف عن سابقاتها من حيث المضمون ، وأنها ستكون جزء من نظام قضائي غير نزيه وغير مستقل ، يستند في محاكماته للفلسطينيين على أحكام قانون الطوارئ البريطاني للعام 1945، يخضع لإدارة الجهات السياسية ، وعقلية ومزاجية جهاز المخابرات " الشاباك " ، ولتدخل النيابة العسكرية العامة ، وتعتمد على قوانين عسكرية ، وفي كثير من الأحيان يحتكم في إصدار الأحكام ومدتها إلى عوامل عدة منها طبيعة الأجواء السياسية والأمنية العامة والتنظيم الذي ينتمي إليه الأسير و مكان سكناه وإقامته ...الخ دون مراعاة العمر أو الجنس .

 

ونوه إلى أن الفلسطينيين لا يقرون  بشرعية تلك المحاكم ولا يعترفون بها ، باعتبارها محاكمات جائرة وتفتقر لأدنى إجراءات المحاكمة العادلة ، والأطفال شأنهم شأن الكبار كانوا ولا يزالوا ضحايا لتلك المحاكم . 

 

خطوة لتجميل صورة الاحتلال

وقال فروانة بأن إقدام " إسرائيل " على تشكيل تلك المحاكم الخاصة بالأطفال ، إنما هي محاولة لتغيير صورتها البشعة في تعاملها مع الأطفال ، وتجنب الإنتقادات الدولية وتجميل موقفها أمام الرأي العام العالمي والمؤسسات الدولية وتقديم نفسها على أنها دولة تحترم الطفولة وتراعي ظروفهم واحتياجاتهم وتحاكمهم في محاكم خُصصت لهم ، محاكم غير موجودة في كثير من البلدان الأوروبية والعربية .

 

وبين، أنها محاولة أيضاً لغض النظر عما تمارسه أجهزتها الأمنية المختلفة من جرائم بحق الأطفال ، من حيث أشكال ودوافع اعتقالهم الغير قانونية ، وما يصاحبها من اجراءات تعسفية ، ومن ثم تقديمهم لمحاكمات عسكرية تستند إلى اعترافات أنتزعت منهم بالقوة ، وتفتقر لأبسط إجراءات المحاكمة العادلة ،  و احتجازهم مع الكبار في ظروف تفتقر للحياة الآدمية ، يحرمون فيها من أبسط حقوقهم الإنسانية وتدُاس فيها طفولتهم.

 

لا تغيير على الموقف الإسرائيلي في تعامله مع لأطفال

وأشار فروانة بأن لا شيئاً جديداً طرأ أو يمكن أن يطرأ على الموقف الإسرائيلي عقب إنشاء تلك المحكمة ، فيما يتعلق بتعامله مع الأطفال الفلسطينيين الذين اعتقلهم أو من سيعتقلهم لاحقاً، وأن تعامل الاحتلال مع الأطفال لن يتغير ، طالما هدفه سلب طفولتهم وتحطيمها والقضاء عليها وتشويه مستقبلهم ،وطالما أن المجتمع الدولي ومؤسساته المختلفة صامتة وغير مبالية بما يجري بحق الأطفال الفلسطينيين.

 

الأطفال بحاجة لمن يحترم طفولتهم ويمنحهم حقوقهم

وأكد فروانة بأن الأطفال الفلسطينيين ليسوا بحاجة إلى إنشاء محاكم شكلية تبت في قضاياهم واتهاماتهم الباطلة ، بل هم بحاجة إلى تغييرات جوهرية في التعامل معهم على أساس الاتفاقيات والمواثيق الدولية لاسيما " إعلان حقوق الطفل " و" اتفاقية حقوق الطفل " ، وأن تتوقف سلطات الاحتلال عن ارتكاب جرائمها بحقهم  ، وأن تَكف عن انتهاكاتها الفظة في التعامل معهم ، بدءً من دوافع وأشكال اعتقالهم ، وتعريضهم لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي دون مراعاة لسنهم ، وانتزاع الاعترافات منهم بالقوة وتحت التهديد والإرهاب والتخويف والابتزاز ، و شكل وطبيعة المحاكمات العسكرية وسقف الأحكام التي تصدر بحقهم وظروف ومكان الاحتجاز والمعاملة والرعاية ..الخ .

 

معايير المحاكمة العادلة للكبار والقاصرين

يذكر أن المجتمع الدولي وضع مجموعة بالغة التنوُّع من المعايير لضمان المحاكمة العادلة بهدف حماية حقوق الأشخاص منذ لحظة القبض عليهم، وأثناء احتجازهم ، وعند محاكمتهم، وحتى آخر مراحل الاستئناف ، واعتبر أن انتهاك تلك المعايير تمثل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان .

وأوضح، أن من تلك المعايير عدم التعرض للاعتقال التعسفي ، الحق في عدم التعرض للتعذيب ، عدم الاستشهاد بالأقوال المنتزعة تحت وطأة التعذيب ، الحق في الإلتقاء بالمحامي بحرية ، الحق في أوضاع احتجاز إنسانية ، استقلال السلطة القضائية ، ..الخ .

 

وأشار فروانة بأن كافة الشواهد والمعطيات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن " إسرائيل " انتهك ولا زالت تنتهك مجمل معايير المحاكمة العادلة التي حددها المجتمع الدولي في كافة المحاكم العسكرية القائمة ، وأن الأمر لن يختلف في المحاكم التي شكلت حديثاً وخصصت للأطفال .

 

 ( 326 ) طفلاً في سجون ومعتقلات الاحتلال

وكشف فروانة إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت منذ العام 1967 ولغاية اليوم عشرات آلاف الأطفال ، منهم قرابة ( 7800 طفلاً ) اعتقلتهم منذ بدء انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر 2000 ، و لا تزال تحتجز منهم في سجونها ومعتقلاتها ( 326 طفلاً ) وغالبيتهم (157 ) طفلاً في معتقل عوفر ، و( 92 طفلاً ) في مجدو ، و( 63 طفلاً ) في ريمونيم ، و( 3 ) قاصرات ضمن الأسيرات ، والباقي موزعين على سجون أخرى ، فيما مئات آخرين تجاوزوا سن الطفولة وهم داخل السجن ، وهؤلاء جميعاً حوكموا في محاكم عسكرية إسوة بالكبار وصدر بحقهم أحكاماً قاسية دون مراعاة لأعمارهم ، وأن العديد من الأسرى ممن اعتقلوا وهم أطفال قد أمضوا عقود من أعمارهم في سجون الاحتلال تفوق السنوات التي أمضوها خارج السجن قبل اعتقالهم.