خبر محللون إسرائيليون يوبخون نتنياهو على خطابه في الأمم المتحدة

الساعة 05:26 ص|26 سبتمبر 2009

فلسطين اليوم : القدس المحتلة

وبّخ عدد من المحللين الإسرائيليين البارزين أمس الجمعة، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بسبب خطابه أمام الهيئة العامة للأمم المتحدة، مؤكدين عمليا أنه تاجر بالمحرقة اليهودية، "فبخّس قيمتها"، وحتى من اختار مديح نتنياهو اضطر للاعتراف بأن الخطاب لن يحقق شيئا لإسرائيل على الساحة الدولية، وفي المقابل فإن مسؤولين كبار أغدقوا في مديحهم لنتنياهو.

وكانت صحيفة "هآرتس" قد أبرزت على صدر صفحتها الأولى، مقالات ثلاثة من المحللين لديها، ينتقدون خطاب نتنياهو، وفي مقدمتهم الكاتب التقدمي البارز غدعون ليفي، الذي افتتح مقاله كاتبا: "لقد بخّس بنيامين نتنياهو من ذكرى المحرقة (اليهودية). وفعل هذا مرتين في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة: مرة حين لوّح بالأدلة على مجرد وجود الكارثة، وكأن ثمة حاجة لها، ومرة أخرى حين شبه حماس بالنازيين. اذا كان محمود أحمدي نجاد ينفي المحرقة، فإن نتنياهو هو مُبخسها".

وتابع ليفي كاتبا، "هنا شك أيضا في ما اذا كان أحد ما جدي وذو معرفة تاريخية أساسية في العالم سيقبل التشبيه الذي ضربه رئيس الحكومة بين حماس والنازيين، او بين قصف لندن بالصواريخ (في الحرب العالمية الثانية) وبين (قذائف) على (بلدة) سديروت. في القصف اياه على لندن، كما ينبغي أن نذكر نتنياهو هنا، شاركت 400 قاذفة و600 طائرة قتالية ألمانية، وقتلت 43 ألف شخص ودمرت أكثر من مليون منزل. أما لحماس فليس لديها حتى طائرات ورقية وقذائفها، لعلها السلاح الأكثر تخلفا في العالم اليوم، قتلت 18 شخصا في ثماني سنوات. نعم، زرعت رعبا كبيرا، أما ان يكون هذا كقصف لندن؟ اذا كان مسموحا لنا ان نشبه منظمة إرهابية هزيلة الوسائل بالآلة النازية الفظيعة، إذن لماذا يحظر على الآخرين التشبيه بين السلوك النازي وسلوك جنود الجيش الإسرائيلي؟ في الحالتين يدور الحديث عن تشبيهات مدحوضة، مثيرة للحفيظة وفضائحية".

ويقول ليفي، إن ديماغوغية نتنياهو برزت أيضا في هجومه على النظام الإيراني ويكتب إن نتنياهو يقول إن النظام الإيراني "يطلق النار على المتظاهرين، هتف نتنياهو، وكأنهم في نعلين وبلعين خاصتنا لا يفعلون ذلك، أسبوعا بعد أسبوع"، ويقصد بذلك اعتداءات قوات الاحتلال الأسبوعية على هاتين القريتين الفلسطينيين، اللتين تشهدان مظاهرات شعبية سلمية، ثم يستخف بوصف نتنياهو الحرب الأخيرة على قطاع غزة وكأنها مجرد "هجوم موضعي".

وينتقد المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، أسلوب تعامل نتنياهو وحكومته مع دول العالم التي تنتقد السياسة الإسرائيلية وممارساتها ضد الفلسطينيين، وهو أسلوب شن هجوم على كل هجوم وتذنيب للعالم، ويكتب، "إن الأوروبيين لن يزيدوا من تأييدهم لإسرائيل إذ كرر نتنياهو اتهامهم بأنهم لاساميون ومتلونون، كما أنهم لن يسارعوا لتأييد غارات إسرائيل على غزة ولبنان وإيران، لأن نتنياهو يعظ لهم بالأخلاق.

ويستنتج بن، "أن مشكلة الدعاية التي يتبعها رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان أنها موجهة لداخل الداخل (الحلبة الإسرائيلية)، من أجل تعزيز الدعم لحكومته، ولهذا فإن الفائدة من هذا على الساحة الخارجية موضع شك كبير".

وينضم إلى المنتقدين المحلل السياسي والمؤرخ الإسرائيلي المعروف، توم سيغف يقول إن نتنياهو يشبه الحرب على غزة وما سبقها بمجريات الحرب العالمية الثانية، إذ ادعت دول الحلفاء الولايات المتحدة وبريطانيا أن قصفها للمدن الألمانية كان قصفا لمقرات أمنية، وهذا وجه الشبه مع إسرائيل في تفسيرها لقصفها قطاع غزة، إلا أنه مع السنين تبين أن دول الحلفاء قصفت المدن الألمانية بدافع الانتقام وقتلت عشرات آلاف الفلسطينيين، لهذا فإنه وفق المفاهيم التي تم تحديدها بعد الحرب العالمية الثانية كان وينستون تشيرتشل، رئيس وزراء بريطانيا مجرم حرب".

أما المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، ناحوم بارنيع، الذي امتدح أسلوب الخطابة عند نتنياهو، انتقد بشكل حذر، اندفاع نتنياهو وراء خطاب الرئيس الإيراني، لثبت أن الحرقة ضد اليهود قد وقعت.

ويقول المحلل السياسي في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية بن كسبيت، المعروف بقربه من نتنياهو، مادحا الخطاب وصاحبه، "خلال نصف ساعة التي تحدث فيها، كاد نتنياهو يُمثلنا جميعا. التيار المركزي الإسرائيلي سوي العقل، من ميرتس حتى الاتحاد الوطني، من (النائبة المعارضة) شيلي يحيموفيتش إلى (الوزير المتطرف) بيني بيغين، وقفوا خلفه".

وتابع بن كسبيت كاتبا، "وحين وصل نتنياهو في خطابه إلى أفعال حماس في غزة، نهضت الممثلة الفلسطينية الأخيرة في القاعة، جمعت أغراضها وخرجت احتجاجا".

ولكن بن كسبيت يعي حقيقة أن خطاب نتنياهو لم يجد نفعا على الساحة الدولية، إذ كتب، "وماذا سيكون لنا من هذا الخطاب؟ عمليا ليس كثيرا. نتنياهو أقنع المقتنعين، ولكنه لم يؤثر على المتلونين والمغلقين حسيا. يدور الحديث كما هو معروف عن مباراة مباعة مسبقا، وعن عرض مُنسق كتب السيناريو له في أماكن أخرى".

من جهة أخرى، فقد حظي نتنياهو بمديح من وزير حربه إيهود باراك، الذي زعم متوهما أن خطاب نتنياهو سيرسخ في وعي الرأي العام، وقيل في وسائل الإعلام إن نتنياهو تلقى دعما من جميع وزرائه وشخصيات مسؤولة أخرى.