خبر من يدير الدفة حقا..هآرتس

الساعة 08:59 ص|25 سبتمبر 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

في عدد عشية العيد لصحيفة "يديعوت احرونوت" نشرت على ثلاث صفحات مقابلة مع ايهود باراك تحت عنوان: "انا أوجه الدفة". قرأت المقابلة طولا وعرضا ولم أجد هاتين الكلمتين المتواضعتين. ولمعرفتي بحرص الصحافيين اللذين اجريا المقابلة ناحوم برنياع وشمعون شيفر من الصعب عليّ أن اصدق بانهما كتبا شيئا بضمير المتكلم لم يسمعاه بآذانهما.

ولكن عمليا هذا لا يغير في الامر من شيء – حتى لو افترضنا انه لم يقل ما يظهر في العنوان الرئيس او انه قال ولكنه طلب الا يقتبس. فمن كل سطر يفهم تباهي باراك كمتصدر رئيس لسياسة الحكومة. من كل وزراء حكومة نتنياهو، كما قيل في المقابلة، باراك كان الرجل الذي دفع نحو استئناف المفاوضات وهو لا يندم. ويضيف الصحافيان بان "توجد هنا فرصة نادرة قال لنا اول امس".

حقيقة أن باراك يظهر وهو يؤدي دور النجم في واشنطن قبل بضعة ايام من وصول بيبي، وبعد ذلك يشارك في اللقاءات مع الرئيس، تدل على ان بيبي وباراك ينسقان ويعملان بالتشاور المشترك. ولكن باراك هو الذي أدار الدفة نحو الطريق الى القمة في واشنطن حين قال لميتشيل: "يا جورج لا يمكنك ان تغادر المنطقة قبل أن تحقق الاتفاق... اذا لم تنهي الامور، فان نتنياهو كفيل بان يقرر بان لا معنى للسفر". او عندها "ميتشيل قرر البقاء".

باراك بشكل عام حساس جدا وحذر حين يقتبس مباشرة. في هذا الموضوع كانت له تجربة سيئة مع اولمرت، الذي لم يتردد في الصراخ عليه حين نشر في "هآرتس" النبأ بان باراك مع وقف حملة "رصاص مصهور". واستدعاه اولمرت على نحو خاص الى مكتبه في القدس كي يصفعه على رأسه. في العلاقات التي تطورت مع بيبي لا يمكن لمثل هذا الوضع أن يحصل. باراك يقتبس في المقابلة كمن يقول: "انا اجد لدى بيبي اعترافا مسؤولا بالواقع. لا أتوقع ان يتخلى عن معتقداته ولكن طالما كانت اسرائيل وبيبي يسيران مع الرئيس اوباما في اتجاه التسوية، فاني اسير معه". وهو لا يخفي بان علاقاته مع اولمرت لم تكن سمنا وعسلا. مقابلاه بكل الاحوال اخذا الانطباع بان لباراك بطنا مليئة على اولمرت.

رئيسا الوزراء السابقان طورا في هذه الحكومة علاقات ثقة خاصة فريدة من نوعها. "بيني وبين بيبي توجد علاقات عمل مشترك، عميقة وموضوعية. ويمكنني أن ابشر شعب اسرائيل بان الدفة توجد بيدين ثابتتين، احيانا ثقيلتين، ولكن اساسا ليستا متهورتين". ما هي بالضبط طبيعة العلاقات؟ من يقود ومن يقاد. ليس واضحا. ولكن هذا غريب ان بالضبط قبل القمة ، بيبي يعلن بان القنبلة الايرانية هي تهديد وجودي على اسرائيل، فيما ان باراك، وزير الدفاع يقول العكس: أن ايران لا تشكل تهديدا وجوديا على اسرائيل. في العهود السابقة مثل هذه البيانات المتضاربة في موضوع على هذا القدر من المصيرية كانت تشكل سببا لحل الحكومة او على الاقل لتطيير وزير. ولكن الرجلان يعيشان الواحد مع الاخر. المكتبان والمتحدثان لا يطلقان السهام لا ضد بيبي ولا ضد باراك.

بقدر ما يوجد لذعات فان باراك يوجهها ضد حزبه بقوله مثلا: "لا انتمي الى الميل الذي تنجرف اليه حركة العمل نحو مواقف الطهارة التي تعنى بكيف ينبغي للعالم أن يكون". بالمقابل، لا يعتزم باراك التخلي عن معتقداته طالما سارت اسرائيل في اتجاه التسوية. وبين يقتبس باراك من واشنطن كمن قال ان الفلسطينيين يتجهون نحو تفويت فرصة السلام مرة اخرى، يقول حاييم رامون في مقابلة تلفزيونية ان بيبي يخاف حوتبيلي اكثر مما يخاف اوباما وهذه الحكومة لن تسير الى أي مكان.

بيبي وباراك يذكراننا بمسلسل "الزوجان الغريبان". من جهة ينتميان الى حزبين ايديولوجيين مختلفين، من جهة اخرى وجدا لغة مشتركة توحدهما ضد العدو الحقيقي، الذي هو ليس غير تسيبي لفني. إذا انفصل باراك عن بيبي، فليس له قاعدة سياسية مع حزب من 13 مقعدا يمقتان الواحد الاخر؛ واذا ما انفصل بيبي عن باراك فانه سيكون متعلقا بكديما ولفني كي يواصل الطريق. وجراء ذلك فانهما كليهما متعلقان الواحد بالاخر. إذن بيبي لم يستطب تصريح باراك عن ايران، ولكنه لم يصرخ عليه. بالمقابل، بيبي هدد بان كل وزير لا يصوت على قانون اراضي اسرائيل سيقال فورا واذا بباراك يتراجع. وهما يحافظان على الصداقة السياسية بينهما بشكل يذكر بالنكتة عن نكاح القنافد – بحذر. بيبي يحتاج الى باراك لانه يعطيه الشرعية كمن يقف على رأس حكومة اجماع وليس حكومة يمين.

زعيم في اسرائيل، ولا سيما في ساعات الحسم المصيرية، يعيش بعزلة قاسية، وهو يطور مع الوقت تعلقا بشخص قريب يثق به. لبيبي، في واقع الامر لكل عائلة نتنياهو، كان دوما تقدير عميق تجاه باراك. لذكائه ولمرجعيته العسكرية. فضلا عن ذلك، بيبي يفضل انطلاقا من المصلحة السياسية بان يكون شخصا ما كباراك هو الذي يقوم بازالة المياه من الخيمة الى الخارج وليس ادخالها اليها. حتى لو أعطى باراك الانطباع للقارىء بان يفهم بانه هو الذي يقود الدفة ولا ثانٍ له.