خبر لقاء القمة الثلاثي.. منير شفيق

الساعة 08:24 م|24 سبتمبر 2009

لقاء القمة الثلاثي

 

منير شفيق ـ العرب القطرية 24/9/2009

القمة المقصودة هي قمة الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته والممدّدة من مجلس الجامعة العربية السيد محمود عباس، والرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي أخذت شعبيته تتراجع بعد ثمانية أشهر من عهد إدارته، ورئيس الوزراء في حكومة الكيان الصهيوني، الذي يعاني مأزقاً بسبب الضغوط التي تمارس عليه من أقرب المقرّبين إليه ودول كبرى أو لوبيات صهيونية عالمية، ولا ننسى فشل جيشه في حربيْ يوليو 2006 في لبنان وقطاع غزة 2008/2009.

عندما أشيرُ إلى الرئاسة المنتهية الصلاحية لمحمود عباس والرئاسة الأميركية التي بدأ وهج صاحبها في الخبوّ، ولو لم يصل بعد إلى ما دون الـ %50، ورئاسة نتنياهو الذي يعاني مأزقاً متعدّد الأبعاد لم يكن المقصود التعريض، وإنما إظهار حاجة الثلاثة إلى لقاء قمة، مجرد لقاء قمة. الأمر الذي يعني أن ثلاثتهم في حالة لا يحسدون عليها.

الناطق الرسمي الأميركي أكد أن المهم هو اللقاء، ومن دون توقع نتائج سريعة منه، وبالمعنى نفسه ذهب الناطق الرسمي باسم نتنياهو بالقول إن مجرد اللقاء له أهميته. أما الذين علقوا على اللقاء من المقرّبين من محمود عباس فكان همّهم أن يسوّغوا قبوله اللقاء مع نتنياهو وكان قد اشترط عليه وقف النمو الاستيطاني وإلا فهو لن يحضر.

من جهة أوباما ونتنياهو لم يكن ثمة تراجع عن شروط وضعاها للقاء، فيما الأمر مختلف بالنسبة إلى عباس، حيث تشدّد في المطالبة بوقف الاستيطان شرطاً للقاء نتنياهو. بل أسهم في صدور توصيات بعدم حضور اللقاء الثلاثي، من قبل اللجنة التنفيذية التي أصبحت ذات نصاب من خلال اجتماع مجلس وطني طارئ. وكان الخبراء قد أكدوا أنه مخالف للنظام الداخلي لمنظمة التحرير الفلسطينية وفي مقدّمهم الدكتور أنيس القاسم الذي أسهم في وضع ذلك النظام في مرحلة التأسيس.

ومثل هذه التوصية صدرت عن اللجنة المركزية لحركة فتح المنبثقة عن مؤتمر فاقد الشرعية، وذلك بسبب انعقاده تحت الاحتلال، ومن انتخابات اتهمت بحدوث تلاعب في نتائجها. وهو ما أكدّه مشرفون على المؤتمر والانتخابات وفي مقدّمهم أحمد قريع ونبيل عمرو، بل اتخذ محمود عباس، من دون أن تكون له صلاحية، قراراً بتغيير اللجنة المخصصّة لفرز أصوات صناديق انتخاب المجلس الثوري، وتشكيل لجنة بديلة في أثناء عملية الفرز.

التذكير هنا ضروري حتى لا تصدّق اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية أن ما جرى في تشكيلهما أصبح منسيّاً، وأن بإمكانهما أن يكتسبا شرعية مع فرضهما أمراً واقعاً. ولكن مع ذلك ذهبت توصياتهما أدراج الرياح مع قرار المشاركة من قبل محمود عباس، وقد اتخذه بضوء أخضر مصري وبلا رجوع لأيّة شرعية. وهذا ما سيتكرّر لأن ما من لجنة يمكنها محاسبته، أو مراجعته. لأن الجواب سيكون «دفناه سوياً» كما يقول المثل الشعبي الشهير.

ولهذا كان على المقرّبين من أصحاب الألقاب الجديدة أن يردّوا على أسئلة الصحافيين حول التراجع، وفقدان المصداقية، حين قبِلَ محمود عباس بالمشاركة بلقاء ثلاثي مع نتنياهو. وقد قوبل بمعارضة أغلب فصائل منظمة التحرير الأخرى فضلاً عن حماس والجهاد. ولكن مع ذلك الآن إجاباتهم معدّة سلفاً لأنها مكرّرة مع كل مناسبةِ تراجُع أقدمت عليها القيادة الفلسطينية وستكرّر مع كل تراجع قادم لا محالة.

قرار مشاركة عباس في القمة أُريد منه تجنب تحميل أية مسؤولية للطرف الفلسطيني بإفشال أو عرقلة التسوية، كما أن محمود عباس سيحمل معه إلى اللقاء كل المواقف الفلسطينية المعروفة وسيُسمعها لأوباما ونتنياهو. وهذا سبب ثانٍ للمشاركة في اللقاء وإلا من كان سينقل الموقف الفلسطيني لأوباما؟ علماً بأنه، لا محالة سيتثاءب إذا كان سيكرّر له ما سمعه من ميتشل على لسان المفاوض الفلسطيني.

بمثل هذه الحجج، ولا ننسى حجة «كسب الرأي العام» (المقصود القيادة الأميركية والأوروبية) مع كل تنازل قُدّم، أو سيُقدّم لاحقاً، جاء الدفاع عن مشاركة عباس في لقاء مع نتنياهو رغم استمرار النموّ الاستيطاني واستثناء القدس حتى من أي حديث له علاقة بالاستيطان.

وإذا قيل لهم: لكن في هذا تراجع، سيُقال «السياسة فن الممكن» وإذا قيل في هذا تغطية لنتنياهو سيقال في هذا تشجيع لأوباما ودعم له وليس لنتنياهو.

يعني باختصار الإجابات جاهزة، ومكررّة، وعليك أن تقتنع بها دائماً حتى لو وصلنا إلى مرحلة توقيع الاتفاق النهائي الذي يُصفي القضية.

وبالمناسبة ما هذه الموضوعة التي أخذت تتكرّر منذ مجيء باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة، وهي ضرورة دعمه وتشجيعه من خلال تسهيل مهمته حتى لو حمل تنازلات جديدة مثل التطبيع العربي مع وقف النمو الاستيطاني وبدء المفاوضات؟ وانطبق المثل «جئناك حتى تعيننا طلبت معونتنا».

السؤال: إذا كان أوباما الذي يُراهَن عليه للضغط على الكيان الصهيوني ليسترد بعض الحق الفلسطيني بحاجة إلى تشجيع من عباس وبعض قادة العرب فكيف يكون ذا قدرة رهيبة ويُراهَن عليه؟