خبر الخيانة الكبرى.. هآرتس

الساعة 11:52 ص|24 سبتمبر 2009

بقلم: جدعون ليفي

براك اوباما كأنما برأ ذمته: فقد "وبخ" بنيامين نتنياهو ومحمود عباس. لا يسلك هذا السلوك رئيس نجم، ولا تسلك هذا السلوك قوة عظمى. خانت امريكا مرة اخرى عملها، وخان رئيسها رسالته ووعده.

في الحقيقة ان الوضع الذي تريد فيه الولايات المتحدة تسوية أكثر من الطرفين المتعاديين هو مفارقة، لكن لزعيمة العالم الحر دورا مصيريا، وهي لا تفي به. بعد 9 اشهر من تولي اوباما عمله، ووقت ثمين أضيع عبثا، في الشرق الاوسط على الاقل، اخذ الارتياب يقوى: الوعد الكبير اخذ يتلاشى، وان يكن حامله ما يزال يأسر القلوب ويضحك الى حد البكاء عند ديفيد ليترمان. ضحك ضحك، لكن يوجد رؤساء وريح ولا يوجد مطر.

لم تعد تكفي الخطب الممتازة كتلك التي خطبها أمس في الامم المتحدة. فأن تكون امريكا يعني ان تتمتع بكثير من الحقوق الدولية الزائدة، لكن يوجد الى جانبها ايضا غير قليل من الواجبات. احدها هو الاهتمام بسلام العالم. فكما خرجت بالضبط الى حروب واحتلالات في العراق وافغانستان باسم اهداف عالمية وان تكون مريبة، وكما تعمل من اجل منع حصول ايران على القدرة الذرية، يجب على امريكا ان تعمل ايضا في تسوية النزاع في الشرق الاوسط. ليس هذا حقها انه واجبها. في افغانستان والعراق ايضا لا يريدون خدماتها ومع ذلك كله تسفك الدم هنالك. لماذا؟ لانها تؤمن بأن هذا الأمر حيوي من اجل أمن العالم.

أعلن الرئيس اوباما عند انتخابه، ان النزاع في الشرق الاوسط يعرض السلام العالمي للخطر. لا توجد حقيقة أصح من هذه. فبين جنين وغزة والقدس يكمن خطر محتمل لا يقل عن ذلك الموجود في سهول القتل في قندهار والموصل. لكن ما الذي يفعله الرئيس لابعاد الوقود الذي يمد الارهاب العالمي كذريعة على الاقل؟ انه يفسد تسعة اشهر كاملة على تجميد وعدم تجميد، لم يحرز حتى هذا الهدف البائس في نهايتها.

يوجد أمر من اثنين: اما ان اوباما يرى حل النزاع ليس هدفا ساميا وحيويا، وآنذاك يحسن به ان يصرف يديه عنه وان يخصص جهده لقضايا أخر؛ واما انه قصد ما قاله – وآنذاك يجب عليه ان يستعمل كل ما يستطيع استعماله. الان، بدل التغيير حصلنا على استمرار مقلق، وبدل "نعم، نحن نستطيع" – لا، نحن لا نستطيع.

كان يجب على اوباما ان يقلب الطاولة والمواضعات. فمن أجل ذلك انتخب. كانت خطوتان جادتان ستحرقان الاوراق بمرة واحدة: جهد أمريكي لادخال حماس في التفاوض، واستعمال ضغط على اسرائيل لانهاء وضع الاحتلال.

أهذا تبسيطي؟ ربما، لكن الحلول المعقدة والتدريجية لم تفض الى الان الى أي مكان. سواء شئنا أم أبينا، لن ينشأ سلام حقيقي بغير حماس. ان حقيقة ان اوباما اعتمد على عباس فقط ضمنت اخفاقا معلوما سلفا. فقد علمنا التاريخ ان السلام يصنع مع ألد الاعداء، لا مع من يراهم شعوبهم "متعاونين".

لا يصنع السلام ايضا مع نصف شعب، على نصف أرض. بل ان اوباما لم يحاول ان يكسر الدائرة المغلقة التي لا حاجة لها هذه، وخطى على نحو تلقائي، وعلى نحو لا يصدق، في سبيل سلفه جورج بوش. ان الرئيس الذي يحاول مع كوريا الشمالية ومع ايران، والذي يجرؤ مع فنزويلا ومع كوبا، لم يخطر حتى في باله ان يدخل تفاوضا مع حماس. لماذا يكون الحديث الى ايران جائزا وممنوعا مع حماس؟ يرى اوباما حماس وهذا مؤسف ذات أهلية للمفاوضة في مصير جندي واحد فقط لا في مصير شعبين.

الخطوة الثانية لا تقل أهمية وهي استعمال ضغط على اسرائيل. في وضع التعلق التام لاسرائيل وبازاء عماها في شأن ثمن الاحتلال، تمتحن صداقة اوباما لاسرائيل خاصة باتخاذ خطوات مضادة لها. عندما يزداد عزل اسرائيل عمقا في العالم ويهددها خطر ايران، كان يجب على صديقتها الكبرى ان تستعمل الضغط على حليفتها وان تنقذها من نفسها. بدل ذلك حصلنا على تنديد اخر بتقرير غولدستون، كان هذه المرة صادرا عن السفيرة الجديدة في الامم المتحدة، سوزان رايس، وهي في نفسها وعد كبير بالتغيير.

ما يزال الامر غير متأخر جدا. في الحقيقة ان زخم البدء والوعد قد ضاع ولم يعد موجودا، لكن الان، بعقب "قمة التوبيخ"، يجب على امريكا ان تبادر الى توبيخ نفسها، وان تفكر في الاساس كيف يخرجون من الشرك المغري الذي وقعت فيه. الان ايضا تستطيع فقط امريكا "ويجب عليها ذلك".