خبر ممر الى لا مكان.. معاريف

الساعة 10:41 ص|23 سبتمبر 2009

بقلم: بن كاسبيت

لم يبذل منذ زمن جهد كبير على هذا القدر، من كثيرين على هذا القدر، زمنا طويلا على هذا القدر، لجر رجلين الى ممر لا يفضي الى اي مكان. يقوم نتنياهو وابو مازن الان على مدخل هذا الممر وينظران الى الطريق المسدود القائم امامهما. يحفظ كلاهما هذا الطريق عن ظهر قلب. فقد سارا فيه من قبل. حانت الان نوبة اوباما لفعل ذلك. سيجرب على جسده مبلغ تضليل هذا الطريق، ومبلغ تملص الجائزة التي تنتظر في نهايته. طريق طويل موئس، لم يعد منه احد حيا، لكن اوباما حاول أمس ان ينفث روح الحياة في هذا الجهد. كانت خطبته متعبة قاتمة، كانت نوعا من محاولة احياء جثة. بل لقد بدا تعبير "نعم نحن قادرين" خائبا تماما. الطريق الى لا مكان مرصوف كما يبدو بالنيات الخيرة والخطب التاريخية المؤثرة. لكن اللا مكان لا يتغير آخر الامر.

يجب ان نصغي الى خطبة الرئيس اوباما في الجمعية العامة للامم المتحدة اليوم. التقدير هو أن يكرر نقطا رئيسة من خطبة القاهرة تتصل بالنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، وقد يضيف اليها. بل ربما يخط بخطوط عامة مخطط اوباما. ان صبر الرئيس الامريكي ينفد. والمشكلة هي أنه لا يوجد عنده ما يقيمه مقامها اذا انقضت. أتوجد فيه طاقة وقوة وقدرة على تحريك القاطرة العالقة هذه الى الامام؟ وان يضرب رأسي نتنياهو وابي مازن بعضهما ببعض الى ان يدركا انه لا خيار لهما؟ سنعلم جواب هذا السؤال في الاشهر القريبة.

احتاج الى تسعة اشهر لاستخلاص موافقة ضعيفة على تجديد التفاوض (اذا جدد حقا في الشهر المقبل). حبل طويل خارج الرحم افضى الى طفل غير مرغوب فيه. اكثر الاحتمالات هي أن تطرح جثة المسيرة السلمية على حسب ما يراه اوباما على شاطىء غزة قبيل الصيف المقبل. ومن جهة ثانية يوجد دائما مكان للمفاجأة. فقد وعد اوباما بانه سيحاول تحطيم المبادىء القائمة، وان يهز المنطقة ويحرك الجمود. وما يدريك، لعله يعلم ما الذي يتحدث عنه عندما قال كل ذلك. او ربما قرأ هذا الكلام من لوحه الزجاجي الشفاف.

لقد جلسا هناك موبخين، مثل طالبين يضبطان وهما في شغب. تلقى ابو مازن ونتنياهو، وظهراهما الى الرئيس ووجهاهما الطويلان الى عدسة التصوير، توبيخا رئاسيا وصعب عليهما ان يبتسما. ان المصافحة التي ابتزهما اوباما اياها في نهاية حديثه كانت نوعا من تشويه الوجه غير الارادي. "امريكا لا تستطيع أن تكون ملتزمة للسلام اكثر منكما"، قال لهما اوباما. وبين انه لن ينتظر الى الابد. فالعربة تسير بكما او بغيركما.

من جهة نتنياهو تستطيع العربة ان تسير وسينضم بعد ذلك. فهو يقول تقدموا وانا من ورائكم. فما عن ابي مازن؟ وضعه اشد تعقيدا. انه يسأل الى اين تتقدمون بالضبط ويطلب جدولا زمنيا وهدفا مفصلا سلفا. انه يناضل عن الشرعية في الشارع الفلسطيني. فاذا لم ينجح في أن يعرض أملا ووقوفا فخورا على جمهوره فسيبقى بغير جمهور. اوباما يعلم كل ذلك واستقر رأيه على عرض المعضلة على الطرفين بكامل قسوتها. يجب على نتنياهو أن يبدل الان خياراته. اذا مرن موقفه وأمل رفضا فلسطينيا فانه سيعرض الائتلاف للخطر. واذا تحصن وشوش على التفاوض بنفسه فانه يعرض للخطر العلاقات بالولايات المتحدة. سيضطر الى أن يقرر ما هو الاخطر الان: التورط مع ميتشل واوباما ام مع فلرشتاين وحوتبلي. انها لعبة تثير الاهتمام.

في الدخول الى المحفل صافح اعضاء الوفد الفلسطيني نتنياهو وباراك لكنهم تجاوزوا عن ليبرمان. طلب وزير الخارجية من جهته الى اوباما ان يقنع ابا مازن بان يسترجع المطلب الذي قدمته السلطة الفلسطينية على اسرائيل عن جرائم الحرب ورفض ابو مازن. اما ايهود باراك فحار وسأل الفلسطينيين الذي اتوا اللقاء لماذا هم كئيبون وغاضبون على هذا القدر، وكأنه لا يعلم.

عندما انتهى اللقاء الثلاثي، سحب اوباما نتنياهو جانبا وقال انه يريده لحظة وحدهما. استمرت اللحظة الحميمة هذه بينهما دقيقتين او ثلاثا. عاش نتنياهو كي يحكي. في الخارج جال الصحافيون. تساءل مراسل امريكي رفيع المستوى من صحيفة رائدة بعد مضي بضع دقائق كيف يفخر اعضاء الوفد الاسرائيلي بحقيقة أن "اوباما لم يحرز شيئا". ماذا يكسبون من ذلك؟ سأل المراسل محادثيه، "ماذا أهم اغبياء حقا؟ أيظنون انهم اذا اذلوا اوباما سيكسبون شيئا؟ أتظنون انكم تملكون ولايات متحدة احتياطية؟.