خبر الضرر قد يكون اكبر من الفائدة.. يديعوت

الساعة 10:37 ص|23 سبتمبر 2009

بقلم: دوف فايسغلاس

لقاء الزعماء في نيويورك هو قبل كل شيء منتوج مثير للارباك. حكومة اسرائيل تخلت عن المسار السياسي المتبع حتى الان (خريطة الطريق ومبادىء رسالة الرئيس بوش)، الا انها امتنعت عن اقتراح مسار بديل ومنطقي. من الواضح للحكومة بعد أن اعترفت بمبدأ الدولتين ان تقسيم البلاد مسألة لا مفر منها، لان الدولة الفلسطينية تحتاج للارض، الا ان الاعتبارات الداخلية – الحزبية تحول دون اطلاق موقف واضح في هذه القضية.

لا يعرف احد بالضبط كيف ستكون خارطة الدولتين في المستقبل حسب وجهة نظر حكومة اسرائيل. السلطة الفلسطينية في حالة ارباك: هي لا تعرف او لا تفهم الترتيب المقبول على اسرائيل. حماس تلاحقها من الوراء وتسجل انجازات  السلطة في المجال الامني ضد حسابها باعتبارها "تعاونا مع العدو". وفي خضم ذلك تحاول الادارة الامريكية التنصل من المبادىء التي تم وضعها من قبل ادارة بوش بما في ذلك التفاهم بصدد استمرار البناء في الكتل الاستيطانية الكبيرة، الا انها تجد صعوبة في طرح مسار سياسي منطقي آخر وتتجاهل عدم قدرة قادة الشعبين على اتخاذ قرارات داخلية صعبة.

تقدير حكومة اسرائيل بانها ستنجح في "كبت" المسألة الفلسطينية وابعاده عن جدول الاعمال السياسي الامريكي والعالمي من خلال ابراز المسألة الايرانية – لم ينجح (كما كان متوقعا). الامريكيون رفضوا بلباقة اقتراح اسرائيل بالتركيز فقط على التهديد الايراني ووضع المسألة الفلسطينية جانبا في الوقت الحالي. حكومة اسرائيل تعلمت وللمرة الالف بان الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني سيبقى الى الابد على رأس جدول أعمال الاسرة الدولية حتى وان كانت حسب رأي اسرائيل مسائل اكثر اهمية.

عندما تخلت حكومة اسرائيل عن المسار القائم ولم تقدم على طرح برنامجها الخاص، التقطت الولايات المتحدة المبادرة العربية. الادارة الامريكية كرست جهدا ووقتا في محاولة استئناف العملية السياسية حيث كان لقاء القمة الاخير ذروة هذه المساعي. نتنياهو لم يرغب في اللقاء – هو يخشى من الخوض مجددا في قضية التجميد. وقلق من ضرورة اعطاء ردود واضحة على مسائل مثل "ماذا بعد" لان اليمين الاسرائيلي، بما في ذلك بعض اعضاء الحكومة يراقبه بارتياب. ابو مازن لم يرغب ايضا باللقاء: هو اضطر "للتراجع" عن موقفه "الحازم" بعدم الالتقاء مع نتنياهو من دون تجميد البناء. وهو يبالي بالتأكيد باصوات السخرية والانتقادات التي توجه له من قبل اعدائه وحتى انصاره بسبب "ضعفه".

في ظل الظروف التي نشأت من المتوقع أن يضفي ابو مازن التطرف على المواقف التي سيطرحها في اللقاء مع نظيره، ونتنياهو بالتأكيد سيجد صعوبة كبيرة في الموافقة او حتى الاصغاء للامور التي سيسمعها. القائدان واقعان تحت هجمة القلق السياسي الداخلي. الحد الاقصى لدى احدهما لا يقترب من الحد الادنى بالنسبة للاخر وبالعكس، وفجوة المواقف غير قابلة للجسر في الزمن المنظور. ولان الامر كذلك فقد تحادث القائدان في نيويورك بلباقة، ولكنهما نظرا الى الوراء حيث البيت بخوف وحذرا من الظهور لا سمح الله بمظهر يعبر عن الضعف.

الوسيط الامريكي اراد خيرا الا انه لم يجدِ نفعا. في غياب قيادة راغبة بجدية واصرار على دفع العملية السياسية مع الاستعداد للتصادم مع المعارضة الداخلية وخوض المخاطر بما فيها فقدان الحكم – لن تسعف اللقاءات القسرية شيئا وربما ستكون ضارة في السياق السياسي الداخلي المعقد جدا. ابو مازن تضرر: واضطر للتنازل عن شرطه المسبق الامر الذي زاد من صورته كقائد "ضعيف" لا يتحمل الضغوط الامريكية او الاسرائيلية. نتنياهو تضرر ايضا: الانجاز (الوهمي) في عقد اللقاء رغم "رفض" المطلب الامريكي بتجميد البناء سيرتد اليه كضربة مرتدة في لحظات الحسم الجوهرية.

وعندما سيأتي اليوم لن يصغي احد في اليمين لتوضيحات نتنياهو بصدد الازمة المتوقعة مع الولايات المتحدة عندما تتقدم بطلبها القائد. "اية أزمة" هم سيقولون له، "لقد اظهرت انك قادر على التغلب عليهم" (او حسب قول بعض اتباع نتنياهو "علمتهم درسا"). ولكن ولشدة الخوف عندما سيطلب الحسم الحقيقي المؤلم سنعرف عبر الطريق الصعب من هو التلميذ هنا ومن هي المدرسة. اللقاء الحالي مر "بهدوء". عندما لا يكون هناك شيء لا يكون هناك عطب او خلل. العبارات الختامية المقتضبة والعابرة التي ادلى بها الرئيس اوباما دللت على مضمون هذا الحدث غير الضروري الفارغ وعديم المعنى. الازمة الحقيقية ستنتظر فرصة اخرى.