خبر السؤال غير الصحيح .. هآرتس

الساعة 11:06 ص|22 سبتمبر 2009

بقلم: حاييم غناز

جدعون ليفي اقترح هنا قبل اسبوع انهاء او مواصلة الاحتلال او الاستيطان من خلال  اللجوء الى استفتاء شعبي (هآرتس 13/9) هو ايضا يقترح السؤال الذي يجب ان يطرحه الاستفتاء على الناس – "مواصلة الاحتلال كل الاحتلال... نعم نعم، او لا لا" – ويعتقد انه سؤال كحد السيف.

ولكن هذا السؤال ليس واضحا بالمرة ومن حيث المبدأ، وهو ايضا سؤال لا يمكن للاطراف المتصارعة في الجدل حول المستوطنات من مؤيدين ومعارضين، ان يقبلوه كسؤال من المشروع حسمه في استفتاء شعبي. هو في الواقع ليس باستفتاء شعبي فقط وانما ايضا للديمقراطية التمثيلية.

سؤال جدعون ليفي ليس واضحا كحد السيف لانه يتجاهل الاختلاف القائم في اسرائيل حول اعتبار مكانتها في المناطق مكانة الدولة الاحتلالية ولانه يربط الاحتلال والمستوطنات ضمن رزمة واحدة ولا يفصل بين هاتين المسألتين.

استمرار الاحتلال يمكن ان يكون شرعيا لاسباب امنية. قضية كون هذه الاسباب مبررة لاستمرار هذا الاحتلال هي قضية يمكن للناس العقلاء اصحاب المنطق ان يختلفوا حولها. لذلك من الشرعي فعلا حسم هذه القضية بوسائل ديمقراطية.

بالمقابل لا يمكن لاحد ان يعتقد ان المستوطنات في اطار الاحتلال يمكن ان تكون شرعية. ليس من حق الدول ان توطن رعاياها فوق اراض محتلة لا من حيث القانون الدولي ولا من حيث الاخلاق الدولية. لذلك لا يمكن للقرارات الحاسمة التي تتخذها اغلبية ديمقراطية في دولة بعينها ان تبيح الاستيطان تحت مظلة الاحتلال، مثلما لا يمكن لقرار اغلبية ديمقراطية من بين سكان منزل مشترك ان تبيح ضرب احد السكان في هذا المنزل.

الخلاف الحقيقي الذي يحظر طمس معالمه والذي يتسبب سؤال ليفي بطمسه هو كما أسلفنا ان كان الامر يتعلق بالاحتلال عموما. من المهم ان نرى ان اليمين الايديولوجي ايضا لا يبرر المستوطنات في اطار الاحتلال. هو يبررها بأنه يكفر بحقيقة ان الواقع هو احتلال. اليمين الايديولوجي (وفي الايام الاخيرة استدللنا من الوثيقة التي اعدها شموئيل اسفاري والداد يانيف ان اليسار الايديولوجي كذلك)، يعتقد لاسباب تتعلق بالكوشان التوراتي بأن ارض اسرائيل كلها تعود لليهود. وما يعود لنا هو في الواقع شيء لا يمكن ان يكون تحت الاحتلال.

بسبب هذه الامور سيدعي اليمين ا لايديولوجي ضد ليفي بأن السؤال الذي يسعى لطرحه على الاستفتاء الشعبي حول ايقاف الاحتلال هو سؤال مضلل. السؤال الحقيقي كما سيقولون ليس ايقاف الاحتلال وانما التنازل عن الكوشان التوراتي. وهنا سيضيف اليمين من جانبه ما قلته انا قبل لحظة من قبل اليسار: هناك امور موجودة خارج دائرة الحسم الديمقراطي. بالنسبة لليمين يتعلق الامر بعدم احقية شعب اسرائيل وقدرته ولا حتى من خلال حسم الاغلبية على تغيير امر مقدس. وكذلك ان كان لديه الحق والقدرة فان ذلك يحتاج لتصويت كل الاجيال عليه.

عدنا الى قضية عدالة الصهيونية وتفسيرها السليم. هذا السؤال الذي يرضع الجواب عليه شرعيته او عدم شرعيته ليس من تصويت الاغلبية وانما من كونه صحيحا او غير صحيح. اليمين ادرك ذلك من البداية. بوسائل خارقة للقانون واكاذيب ودسائس سياسية نحو الداخل ونحو الخارج وحتى القتل، تلك الوسائل التي يعتبر وصفها بأنها غير ديمقراطية ثناء عليها، بلور اليمين هناك خلال الـ 42 عاما الاخيرة واقعا لم يتلائم مع ما يعتقد انه صحيح قياميا بالنسبة لنا جميعا. اليسار كان خادما طيعا في دائرة اليمين وها هو يموت الان. لا يمكن للاستفتاء الشعبي ان يغير ذلك. اوباما ربما.