خبر الواشنطن بوست: اللقاء الثلاثي مصيره « الفشل » لأن نتنياهو يسعى نحو تحقيق حلم « إسرائيل الكبرى »

الساعة 06:42 ص|21 سبتمبر 2009

فلسطين اليوم-الخليج الإماراتية

جاء إعلان البيت الأبيض الأمريكي عن اعتزام الرئيس أوباما الاجتماع بكل من نتنياهو ومحمود عباس كلاً على حدة الثلاثاء قبل عقد جلسة مشتركة تجمعهم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد ساعات قليلة من إعلان مسؤولين أمريكيين كبار غض النظر عن القمة الثلاثية المرتقبة، وظهر الأمر وكأن إدارة أوباما تحاول حتى اللحظة الأخيرة تشجيع بدء مفاوضات سلام والدفاع بشكل تبرر مقدماً نتيجته الهشة من واقع كلمات مطاطة وإن جاءت على لسان المبعوث الأمريكي ميتشل الذي عاد بخفي حنين من مفاوضات في “إسرائيل” أصر خلالها نتنياهو على عدم القبول بوقف أو حتى تجميد الاستيطان، وهي النتيجة التي كشفت لأوباما وإدارته استحالة إقناع “إسرائيل” بتغيير مسارها.

 

وحده ستيفن والت أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد وأحد المشاركين في التقرير الشهير حول نفوذ اللوبي “الإسرائيلي” والسياسة الأمريكية، وحده الذي جرؤ وحتى قبل الإعلان عن اللقاء الثلاثي على وضع الحقيقة كاملة ونشرها أمس في مقال الرأي الرئيسي بجريدة الواشنطن بوست، حيث فند الحقائق في مقال عنوانه “القبول بخيار الفشل في الشرق الأوسط”.

 

والت قال إن أوباما عندما جاء للسلطة كان مقتنعاً بإمكانية التوصل إلى حل الدولتين، وكان تحركه الأول نحو إقناع “إسرائيل” بوقف الاستيطان في القدس وغزة، في سياسة كان الهدف منها مساندة محمود عباس وإقناع الدول العربية بالتطبيع، إضافة لتحسين صورة أمريكا في العالمين العربي والإسلامي.

 

وبدأ خطوات لتمهيد الطريق نحو خلق دولة فلسطينية قابلة للحياة ولكن للأسف- حسب والت- وجد أن نتنياهو ليس لديه اهتمام بحل الدولتين أو أي نية لوقف المستوطنات لأن حكومة نتنياهو تريد “إسرائيل” الكبرى واستمرار السيطرة على الضفة وغزة، وحيث تدرجت ردود فعل إدارة نتنياهو ما بين أسلوب جر الرجل، وحتى الرفض التام، بينما لم يلق أي ضغوط من واشنطن.

 

وهو ما يحدث بتراجيديا إذا لم يكن لدى أوباما العزم على كسر الجمود فإن حل الدولتين سيصبح مستحيلاً، وان كل ما فعله نتنياهو هو زيادة نمو المستوطنات فبدأت “إسرائيل” بالتحدث عن “النمو الطبيعي” للمستوطنات ثم عادت وأعلنت بناء 2500 مستوطنة، ثم عاد نتنياهو ليتحدث في جملة وحيدة لم يكررها عن دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وفي كلمة أمام جامعة بار ايلان وكأنه كان يحاول إلقاء “عظمة” لأوباما ولكن عندما تراجعت شعبية أوباما مؤخراً، فإن موقف نتنياهو ازداد تشدداً، وخرج أحد مسؤولي أوباما الكبار متحدثاً للصحافيين الشهر الماضي حول إمكانية بدء محادثات سلام دون اتفاق مسبق على وقف كامل للاستيطان.

 

وهو التصريح الذي اعقبه بأيام سماح “إسرائيل” بالمزيد من بناء عشرات الوحدات في الضفة الغربية، وهو الموقف الذي قابلته واشنطن بتصريحات “أسف” وتأكيد على التزامها القوي تجاه أمن “إسرائيل” بعدها، وفورا اصدرت “إسرائيل” قرارات للبناء في القدس الشرقية.

 

وأكد والت أن نتنياهو الذي يسعى نحو تحقيق حلم “إسرائيل” الكبرى دون اخفاء أن الدولة الفلسطينية التي يمكن أن يقبل بها ستكون ممزقة الأوصال في الوقت الذي يتواصل فيها الاستيطان وتوسيع المستوطنات في سلوك لا يمكن وصفه بأنه أفعال من قبل حفنة من المتطرفين، ولكنه سلوك وزارات متتابعة للعمل والليكود .... ينفذ منذ أربعين عاماً.

 

ستيفن والت في تحليله الدقيق أوضح أنه بينما أوباما مشغول بالأزمة الاقتصادية ومشروعه للإصلاح الصحي ناهيك عن ملفات أفغانستان وإيران فإن اللوبي “الإسرائيلي” في الولايات المتحدة كان يعمل بدأب مع “إسرائيل”، وحيث كان وراء خطاب أرسله أعضاء بالكونجرس وقع عليه 329 نائباً و76 سيناتورا إلى أوباما يحذرونه فيه ويطالبونه بالتعاون مع الموقف “الإسرائيلي”، وخلال عطلة الشهر الماضي زار “إسرائيل” 56 عضواً بالكونجرس الأمريكي وخرج زعيم ديمقراطي هو ستيف هوير بتصريحات للصحافيين أكد فيها على خطأ الربط بين المستوطنات بالمواضيع الأخرى وزعم أن هناك فرقاً كبيراً بين بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وبالتالي فالرسالة كانت واضحة  لأوباما دون غيره  بأن أي ضغوط على “إسرائيل” باستخدام المساعدات الأمريكية فإنها ستواجه برفض الكونجرس، بل وبغضب كبار المتبرعين.

 

وناهيك عن وجود أشخاص متعاطفين مع “إسرائيل” في إدارة أوباما نفسها مثل دنيس روس، وهم سيعارضون أي توجه لممارسة أي ضغوط على “إسرائيل”، فإن الموقف الآن يظهر بوضوح كيف يتفاوض أوباما ومبعوثه ميتشيل وأيديهما مربوطة.

 

ستيفن في نهاية مقاله الهام وصل إلى خلاصة مفادها التنبؤ بنتيجة مسبقة وجاءت على لسان ايهود أولمرت قبل سنوات وهي أن الفشل في تحقيق حل الدولتين سيدفع “إسرائيل” نحو مصير مشابه لمصير الصراع العنصري في جنوب إفريقيا وهو وإن حدث فمعناه سيكون نهاية “إسرائيل”، وانه إذا لم يخرج أوباما من هذا المأزق فقد يكون الأخير ضمن سلسلة من الرؤساء الأمريكيين الذين حاولوا حل الصراع وفشلوا.