خبر حسام كنفاني يكتب : «صواعق» الورقة المصريّة

الساعة 12:42 م|17 سبتمبر 2009

«صواعق» الورقة المصريّة ..

 

حسام كنفاني ـ الأخبار اللبنانية 17/9/2009

لإرسال رسالة الى المحرر، انقر هنا المصالحة الفلسطينية وعملية التسوية. خطان متشابكان كان من المفترض أن يسيرا في خطّين متوازيين، يلتقيان عند نقطة «إنهاء الانقسام وإطلاق مفاوضات السلام». هكذا كانت تخطّط الإدارة الأميركية، بمساهمة من مصر وغيرها من الدول العربية ذات الصفة «المعتدلة». المخطّط قديم نسبيّاً. هو ليس وليد الأيام الماضية، بل يعود إلى الأيام الأولى لحكم باراك أوباما، حين دبّت الروح فجأةً في محادثات إنهاء الانقسام في شباط، بعد موتها المفاجئ في تشرين الثاني من العام الماضي، وبدأت حركة مكوكيّة للمبعوث الأميركي للسلام تحت عنوان «الإعداد لخطّة أوباما».

كان المفترض أن تسير الأمور وفق رغبات الإدارة الأميركية. لكن «حسابات الحقل اختلفت كثيراً عن حسابات البيدر». التأزيم بات الصفة الملازمة لهذين المسارين المرتبطين عضويّاً؛ لا اتفاق تسوية في ظل حال الانقسام الفلسطينية، ولا سيّما أن صفة «الشامل» هي ما يريدها باراك أوباما لعملية السلام في المنطقة.

سلسلة من العثرات تعتري المسارين. فإذا كانت المستوطنات لا تزال عقدة العقد في جولات جورج ميتشل في المنطقة، فإن الورقة المصرية للحوار الفلسطيني حملت ما يمكن تسميته «صواعق تفجيرية» لمساعي المصالحة، بدءاً بالملف الانتخابي، مروراً بلجنة التنسيق الحكومية، وصولاً إلى الملف الأمني.

ورغم أهمية باقي الملفات، فإنّ الانتخابات تأتي في طليعة عقد الحوار الفلسطيني، ولا سيما بعدما نصّت مقترحات القاهرة على تأجيلها وإطاحة موعد الخامس والعشرين من كانون الثاني 2010، الذي تعدّه السلطة الفلسطينية، ومعها باقي الأحزاب المنضوية تحت سقف منظمة التحرير، مقدّساً بحجج دستوريّة.

ما أعلنه عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، عباس زكي، قبل أيام عن قبول الحركة فكرة تأجيل الانتخابات، كما هو وارد في الورقة المصرية، يمثّل اختراقاً كبيراً في مفاوضات المصالحة. لكن هذا الاختراق يقتصر على الشكل العام، والدخول في التفاصيل يشير إلى أن العقدة لا تزال على حالها. إذ إن قبول التأجيل، الذي يمثّّل مطلباً لحركة «حماس»، مرتبط بشروط لن تعجب الحركة الإسلاميّة. القبول مرتبط بالاتفاق على موعد واضح وصريح للانتخابات التشريعية والرئاسيّة قبل الخامس والعشرين من تشرين الأول المقبل، الموعد الذي يتمسّك به عبّاس لإصدار مرسوم الدعوة للانتخابات، والذي يُفترض أن يكون قبل 90 يوماً من موعد الانتخابات بحسب القانون الأساسي. أي إنّ الرئاسة الفلسطينية تتمسّك بموعد الخامس والعشرين من كانون الثاني المقبل إلى حين الاتفاق على موعد آخر خلال مهلة شهر.

شرط لن يكون سهل التطبيق، وخصوصاً أن أي موعد للحوار لم يحدّد بعد، ومهلة الاتفاق تتقلّص يوماً بعد يوم في إطار ما يمكن تسميته «استراتيجية» حركة «فتح» لعدم إعلان رفض صريح لما جاء في الورقة المصريّة، وترك هذا «الشرف» لحركة «حماس».

«حماس» بدورها تعتصم بالصمت، وتترك الآراء والردود إلى ما بعد عيد الفطر. لكن ما يتسرّب من مسؤوليها يشير إلى أنها لن تخيّب آمال «فتح»، وخصوصاً لجهة رفعها شعار «كل شيء أو لا شيء». شعار من شأنه أن ينسف أي اختراق يمكن التوصّل إليه في القاهرة، ولا سيما أنه من الواضح أن الاتفاق على كل الملفات رزمة واحدة أمر مستعصٍ، وهو ما تقرّ به الورقة المصرية، التي من المفترض أن تتحوّل إلى اتفاق إنهاء الانقسام، إذ إنها ترحّل الكثير من الملفّات إلى «موعد يُتفّق عليه»، أو تعرض حلولاً مبهمة تسقط في الاختبار العملي الأول.

فإذا نحّينا عقدة الانتخابات جانباً، يأتي الدور على لجنة التنسيق بين حكومتي الأمر الواقع في قطاع غزة والضفة الغربية. تنسيق مختلَف عليه، هل يكون مع الحكومة كما تريد «حماس»، أم مع الوزارات كما تريد «فتح»؟ الورقة المصرية لم تُجب عن هذا السؤال بوضوح، بل نصت على «التعامل مع الجهات المعنية المختلفة». أي إنّ محك التطبيق سيكون مغايراً لنظرية تدوير الزوايا المصرية، التي ستسقط في التجربة العملية الأولى.

كذلك بالنسبة إلى الملف الأمني، فالورقة المصرية جاءت على ذكر الضفة الغربية لفظاً في سياق كلامها عن إصلاح الأجهزة، لكن الإطار العملي والتطبيقي اقتصر على قطاع غزة. محاولة موازنة بين «فتح» و«حماس» سيكون مصيرها الفشل من دون أدنى شك، وخصوصاً بعدما أعلن خالد مشعل صراحةً أنه ليس في وارد تسليم قطاع غزّة إلى السلطة.

من هذا المنطلق، فإن نتائج الورقة المصرية ستكون قريبة جداً من نتائج جولات ميتشل غير المتناهية، التي يخرج بعدها دائماً «صفر اليدين».