خبر كنيست متهرب.. هآرتس

الساعة 12:18 م|17 سبتمبر 2009

بقلم: شاحر ايلان

(نائب المدير العام للابحاث والاعلام بجمعية حادوش للحرية الدينية والمساواة)

في عام 1988 ردت محكمة العدل العليا التماسا آخر من الالتماسات المقدمة  ضد اتفاقية تأجيل الخدمة العسكرية لشبان المعاهد الدينية. مع ذلك حذر القاضي اهرون باراك من وجود اهمية لعدد الحاصلين على التأجيل، لان "الكم يوصل الى النوع، والقاضية مريام بن بورات حذرت من ان عدد الحاصلين على التأجيل سيؤدي في المستقبل الى تبرير تدخل هذه المحكمة".

حينئذ كان هناك 18 الف حاصل على تأجيل الخدمة اما اليوم فقد بلغ العدد 55 الفا. في يوم الثلاثاء الماضي انتقدت محكمة العدل العليا مرة اخرى اتفاقية وتسوية تأجيل الخدمة هذه التي تحولت في غضون ذلك الى قانون طال. "مجتمع بأكمله لا يتحمل ظلما واجحافا مركزيا"، كتب القاضي الياكيم روبنشتاين. هذا لم يمنع محكمة العدل العليا من اعطاء تأجيل اضافي لـ 15 شهرا من اجل التحقق من نشوء التغيير الاجتماعي فجأة الذي يؤدي الى تجنيد الاصوليين للجيش. قرار محكمة العدل العليا يبعث على اليأس والقنوط ايضا في ظل الامور التي قالها رئيس قسم التخطيط وادارة القوى البشرية في الجيش الاسرائيلي اللواء احتياط تسيكي سيلع، قبل عام للجنة الخارجية والامن: "نحن بحاجة للاصوليين في الخدمة العسكرية. ان تجند كل الـ 5 الاف حاصل على التأجيل سنويا فان هذا سيعفي كل منظومة الاحتياط من التشغيل وهذه حاجة وطنية واضحة".

التوقعات التي قدمها الجيش الاسرائيلي مؤخرا لطاقم الاشراف والرقابة على قانون طال في الكنيست جسدت جسامة المشكلة وشدتها. وفقا لهذه التوقعات في عام 2020  سيتهرب 25 في المائة من ابناء الـ 18 تحت غطاء الدراسة في المعهد الديني من الخدمة بالجيش. معنى ذلك واضح: بعد ذلك سيتغيبون طوال سنوات عن سوق العمل ايضا. نسبة المشاركة المتدنية للرجال الاصوليين في سوق العمل تدفع بالاقتصاد نحو اقتصاد العالم الثالث. وهكذا يتحول التهرب الاصولي من مشكلة اخلاقية تقوم على التفرقة بين انسان واخرى الى مشكلة استراتيجية ايضا، تهدد المس بالمناعة الوطنية والتسبب بانهيار الاقتصاد.

صحيح ان من الصعب عدم تفهم موقف محكمة العدل العليا. ليس من السهل عليها اتخاذ القرار المستوجب بتجنيد الاصوليين الذي يتسبب بشرخ في صفوف الشعب.

الكنيست ايضا يتهرب من مواجهة هذه المشكلة الصعبة. لجنة طال حاولت حل ذلك بصورة تدريجية وبطريقة لطيفة. ولكن بدلا من استغلال حلها تضامنت القيادة الاصولية والجيش ووزارة المالية – كل لاسبابه - لاعاقة وافشال قانون طال هذا وهكذا تم اهدار عقد عزيز من الزمن. بدايات الخدمة المدنية ومسارات التجنيد الاصولية ليست الا نقطة في بحر التهرب من الخدمة.

لم يعد هناك مفر من تحديد قدر محدد من الاعفاءات. من لا يشمله هذا القدر المخصص يمكنه ان يتوجه للاتفاقيات على طريقة الجمهور الديني الوطني: معاهد دينية شبه عسكرية يقوم تلاميذها بأداء خدمة جزئية او اجتياز تأهيل قبل المرحلة العسكرية الامر الذي يتيح تأجيل الخدمة لعامين.

المعاهد الدينية وتلاميذ المعاهد الذين لا ينضمون لهذه التسوية لا يحصلون على المال من الدولة. الاصوليون يتفاخرون بانهم يستطيعون تدبر امورهم من خلال التبرعات ومن دون المخصصات الرسمية. فلنراهم كيف يتدبرون انفسهم اذن.

هذا ليس حلما ولا وهما خياليا. الجهاز السياسي قد يبرهن على انه يعرف كيف يصحو من غفوته في الازمات. هذا ما حدث عندما تقرر تقليص تخفيض مخصصات الاولاد بصورة حادة – القرار الذي صدر قبل عقد من الزمان بدى قرارا مستحيلا. كل ما هو مطلوب هو تشكيل ائتلاف تحت سيطرة العلمانيين والمتدينين مرة اخرى مثل حكومة اريئيل شارون الثانية. كل المطلوب هو ان تقرر الاحزاب الدينية والعلمانية تمثيل ناخبيها فعلا. ان عاجلا او آجلا سيحدث هذا الامر – لان مستقبل الدولة والصهيونية يعتمد على ذلك. السؤال هو كم من الضرر سيلحق حتى ذلك الحين بالمناعة الوطنية والاقتصاد الوطني.