خبر انصت الى الفلسطينيين يا غولدستون.. معاريف

الساعة 12:14 م|17 سبتمبر 2009

بقلم: طال فابيل

(خبير انترنت وتكنولوجيا في الشرق الاوسط والعالم الاسلامي)

تقرير الامم المتحدة عن حملة "رصاص مصهور"، والمسمى تقرير غولدستون، على اسم واضعه، يستند ليس فقط الى شهادات لفلسطينيين بل وايضا الى منشورات مسبقة لمنظمة "بتسيلم". هذه المنشورات، مثل تلك التي صدرت قبل اسبوع، تتهم اسرائيل بقتل لا تمييز فيه للمدنيين. فهل يمكن ايلاء مصداقية عالية لهذه الاتهامات؟

حققت في المسألة منذ بداية الحملة وعلى مدى اربعة اشهر كاملة من خلال فحص كل مئات البلاغات التي نشرها المستخدمين لمواقع حماس على مدى هذه الفترة، وكذا الصفحات التي كرستها المنظمة نفسها لذكرى ضحاياها. وكانت النتيجة هي انه من اصل عموم القتلى 564 اسما ينتمون باحتمالية عالية الى حماس. الصورة التي رسمها الفلسطينيون في مواقع حماس تختلف عن الصورة التي يصفها تقرير بتسيلم، والتي اصبحت تقارير سابقة لها توراة من سيناء في عمل لجنة غولدستون.

ويقصر اليراع من الانشغال بكل اولئك المشخصين كـ "مدنيين" في التقارير المختلفة ضد اسرائيل. وهاكم نموذجا واحدا. نشرت حماس قائمة 17 شهيدا من "شهداء كتائب الاسلام في مدينة دير البلح". حسب تقرير "بتسيلم"، الصورة مغايرة تماما: اثنان منهم بالفعل رجال حماس، 11 من رجال الشرطة الفلسطينية، 1 لم يعثر عليه في قوائمها. ولكن ثلاثة يعرفون في التقرير كمدنيين: توفيق علي حسن الفيلات كمواطن ابن 51 (في بيان اخر في الموقع يعتبر كـ "الشهيد الحماسي البطل")؛ عمر سليمان سليم دغامشة كمواطن ابن 27؛ وكذا ادهم حمدي العديني كمواطن ابن 19، اضافة الى ذلك، يعتبر تقرير "بتسيلم" احمد خضر صبيح كمواطن ابن 17. عمليا يمكن ايجاد صورته في ثلاث اعلانات مختلفة لكتائب عز الدين تحت عنوان "الشهيد البطل".

فضلا عن ذلك فان التمييز القائم في التقرير بين الانتماء للشرطة الفلسطينية (وبهذه القوة، دور في القتال المعرف كـ "غير ذي صلة")، وبين الانتماء لحماس، لا يجد تعبيره في مواقع حماس، بل العكس. من اصل 155 قتيلا عرفوا في هذه البيانات كـ "شهيد قسامي مقاتل"، 36 كانوا ذوي رتب في الشرطة الفلسطينية، وكذا 15 من اصل 101 عرفوا كـ "شهيد مقاتل".

من بين 774 قتيلا فلسطينيا يعرفون في  التقرير كـ "لم يشاركوا في القتال"، يشكل النساء اقل من 14 في المائة (107)، رغم ان نسبتهن تصل الى النصف من اوساط سكان القطاع. القاصرون (ابناء وبنات تحت 18) يشكلون نحو 41 في المائة من بين اولئك القتلى، رغم ان نسبتهم بين سكان القطاع اعلى من ذلك. وهذا اضافة الى معطيات من التقرير نفسه تفيد بأن 19 من اصل 325 ممن عرفوا كـ "شاركوا في القتال" كانوا دون سن 18. بمعنى، من التقرير نفسه يفهم ان معدل النساء والقاصرين الذين قتلوا ادنى من معدلهم في اوساط سكان القطاع، الامر الذي يمكنه ان يدل سواء على ان نشاط الجيش الاسرائيلي كان انتقائيا نسبيا، ام الى انه ليس بالضرورة كل اولئك المعرفين "غير مشاركين في القتال" بالفعل جديرين بهذا التعريف عمليا.

هذا التقرير، مثل تقارير مشابهة نشرت، تصبح في السياق المادة الخام للجهات الدولية، بما في ذلك، تقرير لجنة غولدستون. وتوضح حماس بأن الحديث يدور عن رجال حماس، ولكن بعمل عجيب يصبحون "مواطنين ابرياء". ما قيل اعلاه يشكل صورة لعالم مغاير بل ومناقض لما هو قائم في تقرير "بتسيلم". صورة ناشئة من مئات البيانات التي نشرها الفلسطينيون انفسهم، بلغتهم، على مدى بضعة اشهر، في مواقع حماس بل ومن بيانات المنظمة نفسها. وعليه يبدو ان انتماء القتلى الى النشاط الحربي في التقرير يعاني من النقص في ظل منح "الحماية التي يستحقونها كمدنيين"، لاولئك الذين حتى حماس نفسها تعرفهم احيانا في الانترنت كشهدائها.