خبر ما وراء ورقة القاهرة الجديدة لإنهاء الانقسام .. ياسر الزعاترة

الساعة 09:34 ص|16 سبتمبر 2009

بقلم: ياسر الزعاترة  

هل ثمة جديد تحمله الرؤية المصرية الجديدة لإنهاء الانقسام الفلسطيني؟ الإجابة هي نعم ، والسبب كما تقول سائر المؤشرات يتمثل في شعور القاهرة بأن محمود عباس لم يعد معنيا بالمصالحة ، وأنه ماض في ترتيب أوراقه للسيطرة على الملف الفلسطيني بالتعاون مع الولايات المتحدة والدولة العبرية والأوروبيين ، وصولا إلى انتخابات في الضفة الغربية وحدها ، تاركا قطاع غزة مشكلة مزمنة لمصر ، فضلا عما يعنيه ذلك من تهديد لاحتكارها الملف الفلسطيني.

ثمة فرق بالطبع بين الرغبة والقدرة على الفعل ، ومصر فتراجع الدور المصري في قضايا الإقليم ، بما فيها تلك التي تمس الأمن القومي المصري كما هو حال قضية السودان المهدد بالتقسيم ، فضلا عن العراق الواقع تحت النفوذ الإيرانية ، وكذلك الصومال ، وصولا إلى الملف الفلسطيني الذي لن تستمر سيطرة القاهرة عليه ، إلا بقدر خدمتها للأجندة الأمريكية الإسرائيلية.

مصر التي تستقبل نتنياهو في وقت يستهتر فيه بكل متطلبات السلام في حدوده الدنيا ، وفي وقت يرسل وزير خارجيته إلى إفريقيا لمحاصرة مصر ودورها وتهديد أمنها القومي ، مصر في هذه الحال لا تبدو قادرة على مواجهة الأزمة بالشكل المطلوب.

أيا يكن الأمر ، فنحن إزاء ورقة مصالحة جديدة تختلف عن سابقاتها. وهي وإن لم تغير في الهدف التقليدي لكل التحركات المصرية والدولية ممثلا في إخراج حماس من الباب الذي دخلت منه (باب الانتخابات) ، إلا أنها تسعى في المقابل إلى بعض التوازن في الموقف ، إضافة إلى الحيلولة دون ترك عباس للقطاع والاستئثار بالضفة التي تشكل عصب الصراع بكل المقاييس.

مشكلة الورقة هي في صعوبة التطبيق ، ليس لجهة الانتخابات التشريعية والرئاسية ، وقضايا الأمن والمعتقلين ، وربما الحكومة بقدر أكبر فحسب ، بل وهو الأهم ، لجهة البعد الذي يمكن أن تركز عليه حماس ، ومعها الجهاد ، أعني انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني التي تقول الورقة بضرورة الاتفاق على موعدها قبل منتصف ,2010

هنا تبرز الإشكالية الأهم المتعلقة بتلك الانتخابات ، والأسئلة الكثيرة التي تواجهها ، والتي أهمها: نسبة الضفة الغربية والقطاع من مقاعد المجلس ، تمثيل فلسطينيي 48 ، نسبة الشتات ، هل ستوافق الدول المستضيفة للاجئين على إجرائها ، بخاصة الأردن ولبنان وسوريا ودول الخليج ، وإذا لم توافق بعضها كيف سيجري حل مشكلة التمثيل؟.

الأهم من ذلك بالطبع هو سؤال أيها سيجرى أولا ، انتخابات التشريعي أم الوطني ، ولماذا يقدم الأقل أهمية (التشريعي) على الأكثر أهمية (الوطني) الذي يعني كل الشعب الفلسطيني ، بخاصة الشتات الذي كان الحاضن الأساسي لمنظمة التحرير؟، كل ذلك يشير إلى أنه ما بين الاتفاق على نصوص الورقة ، وبين تطبيقها بالفعل مسافة كبيرة ، والأرجح أن السلطة في حال وافقت ، لن تعنى إلا بانتخابات الداخل (التشريعية والرئاسية) ، بينما ستعطل انتخابات المجلس الوطني ، هي التي تلكأت في عقد أي اجتماع يناقش تطبيق اتفاق القاهرة (آذار )2005 المتعلق بإعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية.

كل هذه اللعبة مصممة فقط من أجل فوز فتح في الانتخابات الرئاسية والتشريعية ، لأن الاحتمال الآخر غير وارد برأيهم ، أعني فوز حماس ، وبالطبع لأن النتيجة هي عودة الحصار ، ورفض تسليم الضفة بعد "استقرارها" تحت ولاية دايتون و"ازدهارها" الاقتصادي في ظل سلام فياض.

لا حل أمام حماس سوى الاعتراف بخطأ دخول انتخابات سلطة أوسلو ، وقلب الطاولة في وجه مسار التفاوض العبثي والسلطة المصممة لخدمة الاحتلال ، وذلك بعرض إدارة بالتوافق للقطاع ومقاومة في كل الأرض الفلسطينية مع الجهاد والتيار الغاضب في فتح ومن يوافق على ذلك من الفصائل الأخرى. ولا تكمن أهمية هذا المسار في إخراجه لحماس من مأزقها ووقف لعبة استدراجها سياسيا ، بل في حمايته للقضية برمتها في ظل تهديد بتصفيتها عبر حل الدولتين الذي تفضحه وثيقة جنيف وملحقها الأمني ، أو وضعها في ثلاجة الموتى في ظل "دولة الأمر الواقع" المؤقتة التي سيقيمها سلام فياض خلال عامين ، والتي تشكل الوجه الآخر للسلام الاقتصادي بتعبير نتنياهو ، أو الحل الانتقالي بتعبير شارون ، أو الدولة المؤقتة بتعبير بيريس.