خبر 16 سنة منذ اتفاقات أوسلو: ساعة إرادة نادرة .. إسرائيل اليوم

الساعة 08:52 ص|16 سبتمبر 2009

بقلم: يوسي بيلين

كان يبدو للحظة في ذلك اليوم الحار فوق أعشاب البيت الابيض ان كل شيء ممكن. وأنه لم يقض على اسرائيل ان تعيش على سيفها الى الابد، وانه عندما يكون أناس من الطرفين مستعدين لان يخطوا خطوات غير عادية، فانهم يستطيعون ان ينقذوا شعوبهم من دائرة عنف مجنونة.

كان هذا في ظاهر الامر اتفاق مبادىء بعقب تفاوض دام اقل من 7 أشهر كان قصدي الاصلي فيه ان أحدث تحادثا من وراء ستار لكي تستطيع مسيرة مدريد العالقة ان تواصل العمل. لكن تلك اللحظة في الـ 13 من ايلول 1993، ولغير مصلحتها تمت رؤيتها لحظة توقيع اتفاق سلام. كان سبب ذلك مستوى المشاركين – قرار الرئيس الجديد بيل كلينتون الشخصي ان يحضر الى واشنطن العدوين الكبيرين – اسحاق رابين وياسر عرفات وان يحتضنهما من أعلى قامته.

يوجد في التاريخ، كما في التاريخ لحظات فضل. كانت تلك لحظة كهذه: رئيس حكومة اسرائيلي معني بالتوصل الى اتفاقات مع الفلسطينيين والسوريين لاعداد جبهة اقليمية تواجه العراق وايران: ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية الذي دفع الى عزلة في العالم بعقب تأييده صدام حسين، والذي ضعف ازاء حماس واحتاج الى عمل حاسم، ورئيس امريكي كان يستطيع ان يبرهن بغير جهد كبير على أنه يصنع سلاما في أماكن غير متوقعة قبل ان تتم سنة منذ بدء ولايته.

وكان الجمهور، كما هي الحال دائما في لحظات تسامي النفس، مستعدا لحطم الحراب وجعلها معازف. وتوج الفلسطينيون جنود الجيش الاسرائيلي بأغصان الزيتون، وأحاط الاسرائيليون الذين لم يكونوا مستعدين قبل ذلك لسماع اسم منظمة التحرير الفلسطينية، أحاطوا رابين بالتقدير لشجاعته وأيدوا الاتفاق الذي أتينا به.

بعد ذلك أتى يوم السفاسف، فأتلف المتطرفون من هنا والمتطرفون من هناك، وبعد مجزرة باروخ غولدشتاين في الحرم الابراهيمي حدث ارهاب منتحري حماس في الخضيرة والعفولة، ونقض الفلسطينيون مواد الاتفاق، ونقضنا نحن مواد الاتفاق، وأوجدنا تسوية مرحلية عجيبة مع المناطق أ و ب و ج عقدت حياة الجميع، وزادت الكراهية ولا سيما الداخلية، الى ان أتت تلك الطلقات الثلاث وقضت على محاولة تحقيق اتفاق اوسلو في موعده الرابع من آيار 1999.

كان يمكن التوصل الى اتفاق دائم في 1993، في لحظة الفضل تلك التي قد تعود او لا  تعود. كان ذلك عمليا في ذلك الجو مع اولئك الاشخاص. لكنهم لم يعلموا كيف سيبدو الاتفاق بالضبط، وماذا سيكون رد جماهيرهم، وفضلوا الذهاب في اعقاب اتفاق كامب ديفيد بيغن والسادات الى تسوية مرحلية مدة 5 سنين.

كانت تلك اضاعة الفرصة المأساوية. فالسلام الاسرائيلي – الفلسطيني على أساس اقامة دولة فلسطينية في 22 في المائة من مساحة ارض اسرائيل الغربية، وتقسيم شرقي القدس، وتسوية خاصة للاماكن المقدسة وتعويض ومجال اختيار للاجئين الفلسطينيين بغير حق العودة – هذه هي التسوية التي كان يمكن احرازها قبل 16 سنة. وربما تكون هذه التسوية التي تحرز اليوم ايضا بعد تعويض كلف ثمنا دمويا لا حاجة اليه.

غير اتفاق اوسلو المنطقة، فقد مكن من السلام مع الاردن، وانشأ عنوانا فلسطينيا جديدا، وافضى الى نماء اقتصادي لم يسبق له مثيل لاسرائيل، وجعلنا جزءا من المنتدى الدولي ومكننا من اقامة علاقات دبلوماسية بدول كثيرة. لقد أنشأ خريطة سياسية جديدة في اسرائيل، لكنه لم يف الى الان بغايته الاصلية الا وهي الاتيان بسلام اسرائيلي – فلسطيني. هذه لحظة دعاء للسنة القادمة.