خبر سيأتي يوما نتوق فيه لاوسلو.. يديعوت

الساعة 08:55 ص|13 سبتمبر 2009

بقلم: ايتان هابر

في السطر الاول من هذا المقال نشير الى أن اليوم، يوم الاحد 13 ايلول، هو يوم الذكرى الـ 16 للتوقيع على اتفاقات اوسلو – اتفاق المبادىء مع الفلسطينيين. لا يوبيل ولا نصف يوبيل ولا عقد للاحتفال بذاك اليوم اياه بل فقط مذكرة قصيرة وقول من بضع كلمات فقط: سيأتي يوما نتوق فيه لاوسلو.

ومن سيتوق أكثر من الجميع؟ رجال اليمين، المستوطنون، اولئك الذين اقاموا صرخة مريرة قبل 16 سنة ومن هوامشهم خرج قاتل رئيس وزراء. الجهالة والحماسة التي ترافقان حتى اليوم بعضا من اقوال وسلوك معارضي اوسلو في حينه تنبع من الحقيقة المحزنة التي كانت في حينه نهجهم: لا تحرجونا بالحقائق. الثمن فقط هم يدفعونه – وسيدفعونه – قبل الجميع. مثلا، في اخلاء غوش قطيف.

من بين الصارخين ضد اوسلو في حينه يعرف اليوم ان في اتفاق اوسلو لا تذكر على الاطلاق كلمتا "دولة فلسطينية"؟ أحد لم يعد في حينه الفلسطينيين بدولة مستقلة (مع انه في نهاية المسيرة، من شبه المؤكد انها ستقوم دولة كهذه). بنيامين نتنياهو، الذي سبق أن وعد بـ "دولتين للشعبين"، ذهب – ذهب؟ سافر بسرعة – طريقا طويلة اكثر بكثير من اسحق رابين، شمعون بيرس ويوسي بيلين. بالقياس الى نتنياهو، رابين وبيرس كانا سيعتبران زعيمي حركات اليمين.

دارج القول اليوم في اوساط دوائر واسعة انه منذ اتفاق اوسلو "لم يتحرك شيء". هذه اقوال هراء. كل العالم تحرك منذئذ، كل الحركات السياسية التي عارضت بشدة الاتفاق قبل 16 سنة تحركت وتحركت وتحركت يسارا، قبلت على نفسها الاتفاق وسارت ابعد منه. أين نتنياهو من الشرفة اياها في ميدان صهيون؟ الى أين وصل شارون واولمرت (اللذان لم يكونا على الشرفة)؟ وماذا حصل لتسبي لفني، مئير شطريت ودان مريدور، زئيف بويم وكثيرين آخرين؟ إذ بالقياس الى رابين، بيرس وبيلين في عهد اوسلو اياه يمكن لهؤلاء ان يعتبروا اليوم كمنتمين ليسار اليسار. كل الصارخين من غوش ايمونيم ومضرمي النار في المفترقات؟ جميعهم استوعبوا واخذوا على أنفسهم القليل الذي وفره اوسلو قبل 16 سنة، باستثناء مركبة واحدة لا تزال نتراكض على التلال.

اتفاق اوسلو جاء الى العالم بتزامن رائع يمكن فقط التوق له: سقوط الاتحاد السوفييتي، الحرب الايرانية - العراقية، ضعف سوريا التي فقدت سندها الاستراتيجي، ضعف م.ت.ف ، دعم لم يكن له مثيل لاسرائيل من جانب الادارة في الولايات المتحدة والرئيس كلينتون، وربما اساسا – رئيس وزراء وحكومة تعهدا بالسلام من أول يوم لقيام الحكومة بل وحتى قبل أن يطلب منها أحد ذلك.

الاتفاق المشهر به والمنكل به، اياه ادى الى اعتراف عشرات الدول لدولة اسرائيل؛ المجيء لاسرائيل لاكثر من 200 شركة دولية لم توافق من قبل على المجيء الى هنا؛ فتح سبع ممثليات اسرائيلية في دول عربية (وبالعكس في تل ابيب)؛ الى نمو اقتصادي لم يشهد له مثيل حتى ذلك الحين ومنذ الازل (7.6 في المائة)؛ انخفاض دراماتيكي في معدل البطالة من 11 في المائة الى 5.6 في المائة؛ الى زيارات لرئيس وزراء اسرائيلي، لاول مرة منذ قيام الدولة، الى بلدان لم تسمح بمثل هذه الزيارة على مدى عشرات السنين (اندونيسيا مثلا)؛ الى مضاعفة ميزانية التعليم، في أول مرة وآخر مرة في تاريخ دولة اسرائيل؛ الى بناء عشر تحويلات في الطرقات، بناء مطار بن غوريون 2000، شق طريق 6. وكذا، الى السلام مع الاردن ايضا. إذن ماذا يمكن لنا أن نحقق اكثر في ثلاث سنوات ونصف فقط؟

الحرب الضروس القذرة ضد الاتفاق ترافقت في حينه مع حملة اكاذيب واضاليل مغروسة جيدا حتى اليوم في عقول الكثير من الاسرائيليين، بمن فيهم رجال اليسار: ان دولة اسرائيل اعطت الفلسطينيين بنادق من مخازن الجيش الاسرائيلي (الحقيقة: ولا حتى بندقية واحدة!)؛ ان الاتفاق اقر في الكنيست باغلبية هزيلة لنائبين (الحقيقة: الاتفاق اقر باغلبية بفارق 11 نائب). وقيل أيضا: ان 40 الف فلسطيني وصلوا من الخارج الى المناطق وشاركوا في الارهاب. ومع أنه لا يوجد سجل دقيق على ذلك، فحسب أفضل علمي، شارك نحو 200 فلسطيني من "المنفى" في الارهاب، وهؤلاء بالطبع 200 أكثر مما ينبغي (يدور الحديث عن تقديرات فقط).

بالقياس الى ما يجري اليوم في المسيرة السياسية وفي القضم العميق للشروط المتصلبة لاوسلو للسلام من جانب اسرائيل الامر الذي لا يزال بانتظارنا في درب الالام هذا، فاني أكاد اكون مقتنعا بانه على اتفاق اوسلو في حينه، قبل 16 سنة، كان سيوقع اليوم برغبة شديدة بنيامين نتنياهو، اريك شارون وكثيرون آخرون، من نجوم الشرفة اياها في ميدان صهيون.