خبر لليهود ايضا نكبتهم.. هآرتس

الساعة 08:41 ص|13 سبتمبر 2009

بقلم: رون برايمين

اليسار المتطرف يبدي تفهمه لمشاعر النكبة التي تلم بالعرب – موقفهم من الدولة اليهودية في أرض اسرائيل – هذا التفهم غير القائم عندهم بالنسبة لمشاعر اغلبية اليهود. ان كان من الممكن تفهم عدم تضامن عرب ارض اسرائيل مع يوم الذكرى ويوم الاستقلال الاسرائيلي، يتوجب في المقابل فهم عدم تضامن اغلبية اليهود مع "السلام" الذي بدأ في الثالث عشر من ايلول 1993 ونهايته ما زالت معروفة.

عندما يتعلق الامر بالمشاعر يجدر تحليل الطريقة التي ينظر فيها لـ "سلام" اوسلو من قبل قطاعات مختلفة من الجمهور. التحالف غير المقدس بين اليسار ووسائل الاعلام يتسبب بمسرحية زائفة مشوهة لمجريات الامور: أيام الامل الطيبة التي بدأت في اوسلو وايام فقدان الامل عندما تحققت النبؤات التشاؤمية المتكدرة. ولكن لم يكن الجميع شركاء في حالة النشوة هذه: عالم اسرائيليين كثيرين انهار فوق رؤوسهم في الثالث عشر من ايلول 1993.

من وقع في اغراء تصديق حلم اوسلو ليس قادرا او ليس راغبا بتشخيص حالة الاخر المزاجية: تلك المراسيم الاحتفالية امام البيت الابيض في ايلول 1993 تعتبر في نظر اشخاص اخرين كحدث سريالي، تسبب في بداية الانزلاق والتدهور نحو اشد حروب اسرائيل ضراوة: حرب اوسلو. ذلك اليوم الذي فتح فيه هلال السلام بصورة نصفية، ولذلك يعتبر ضحايا الارهاب في نظرهم: "ضحايا السلام"، يبدو في نظر النصف الاخر من الشعب الرصاصة الاولى في حرب قاسية. ذلك اليوم الذي تناثر فيه مهوسو السلام حول العجل الذهبي للسلام الان، هو يوم استيقاظ الاخرين الذين ادركوا ان من الواجب التصدي لخطر حرب اوسلو وكبحه. تضامن اليسار المتطرف مع النزعة الشوفينية العربية واحتقار كل رمز يهودي تعتبر تهديدا ذو قوة لا تقل عن تهديدات العدو.

مغامرة اوسلو التي تطرح تحت الاسم الكاذب "عملية السلام" خطيرة لاسباب منها انها تفسر بصورة مختلفة من قبل اطراف مختلفة: الجانب العربي الذي ادرك انه سيمتلك في ختام العملية دولة سيادية عاصمتها القدس ولذلك ليس لديه استعداد للاكتفاء باقل من ذلك. الجانب الاسرائيلي الساذج الذي وقع في اغراء هذا السحر الوهمي وما زال يواصل رفض ادراك مغزاه . في هذا الجانب نجد ايضا من اصبحوا يدركون مغزى المصيبة ولكنهم يتوقعون حدوث معجزة. الجانب الاسرائيلي اليقظ الذي يشخص الخطر ويحاول التصدي له ولهذا السبب يعتبرونه مؤلبا وداعية للحروب.

بعد اوسلو بـ 16 عاما يجدر التحقق من وجود حقيقة فعلية في توقع حصول اسرائيل على حياة طبيعية بعد هذا الاتفاق. تحدثوا عن وضع لا توجد فيه خشية على الامن القومي والشخصي حيث يمكن للفرد ان يتفرغ لتحقيق ذاته خلال الاخذ من الدولة بدلا من اعطائها من ماله وجهده ودمه ودموعه. هذا الوضع قائم في اوسلو ربما مع الجيران الذين احتفت النرويج بهم، الا انه ليس واقعيا في الشرق الاوسط  الجديد – القديم.

الدولة الطبيعية لا تفرط بأمن مواطنيها ولا تودعه بيد منظمة تعتبر ارهابية وفق قوانينها. هذه الدولة لا تضع وسائلها الاعلامية الرسمية في خدمة المخربين حتى يتمكنوا من التوجه لمواطنيها من فوق رأس حكومتهم المنتخبة، ولا تسمح للمخربين الكبار (الشخصيات الهامة) بالتجول في اراضيها مع مخربين صغار يحرسونهم، وهي لا تجمد – تطرد مواطنيها لارضاء العدو.

على اسرائيل في عامها الـ 62 ان تحسم امرها: اما دولة فلسطينية واما السلام. الدولة الفلسطينية الى جانب اسرائيل في البداية وعلى انقاضها لاحقا، هي نقيض تام للسلام. السعي للوصول الى دولة كهذه وتجاهل المنطق السليم ومشاعر اغلبية الجمهور اليهودي في اسرائيل يمزق الشعب ويخرب الاساس الضروري للسلام ايضا.