خبر الرحلة « السرية » للكذب يوجد رأس.. يديعوت

الساعة 08:36 ص|13 سبتمبر 2009

بقلم: باروخ ليشم

في بحث اجري في الولايات المتحدة في 1996 فحص نحو خمسين الف قصة انباء عنيت بالازمات في المنظمات. وحسب "وول ستريت جورنال" تبين انه في 86 في المائة من الحالات كان يمكن توقعها وكانت مثابة قنابل متكتكة في المنظمة. بالاستعداد التنظيمي المناسب كان يمكن منع الانفجار.

توصية الباحثين كانت مشاركة محافل الاعلام ايضا في المنظمة في توقعات الازمات، وبالاساس، عندما تنشب، والقاعدة هي: قل الحقيقة وافعل ذلك بسرعة". في مكتب نتنياهو جرى بالضبط العكس: لم يكن هناك استعداد مسبق، لم يشركوا محافل الاعلام، وبالاساس، عندما اندلعت الازمة قالوا الكذب وبسرعة.

هذا المفهوم الاعلامي لادارة الازمات ليس فقط موضوعا اخلاقيا بل موضوعا يتعلق بالمنفعة ايضا. قاعدة معروفة في الاعلام هي أنه في اللحظة التي يكون فيها تضليل للجمهور، فان الضرر يكون اكبر من سياسة التضليل. منظمات تجارية، عامة، وبالاساس سياسية تستخدم استخداما شديدا الاعلام كي تدفع قضاياها الى الامام. ولهذا الغرض فانهم يشغلون رجال علاقات عامة، ناطقين ومستشارين اعلاميين. وهؤلاء يغرقون الصحف ووسائل الاعلام الالكترونية بالبيانات الى الصحافة، في مؤتمرات صحفية وفي جولات مغطاة اعلاميا لخدمة قضاياهم. وتستخدم وسائل الاعلام هذه المعلومات حسب مبدأ الاهتمام الجماهيري، ولكنها لا تكتفي بذلك. فهي ترى في هذه المنظمات اهدافا اعلامية يجب ملاحقتها ملاحقة دائمة لتحقيق حق الجمهور في المعرفة.

سلسلة الغذاء الاعلامي هذه مبنية على الثقة المتبادلة بين مقدمي المعلومات، في هذه الحالة، السياسيون والناطقون بلسانهم وبين الصحافيين والجمهور. من يحطم احدى هذه الحلقات في السلسلة يحدث أزمة اعلامية ويلحق ضررا بمصداقية المنظمة.

لو أن نتنياهو عقد اجتماعا مرتبا، ليس فقط في الجوانب الامنية للرحلة الى روسيا، بل وايضا في المغازي الاعلامية لها، لكان فهم على الفور بان لديه مشكلة تصل حتى الحرج. الناطقة بلسان الديوان تنقل كل يوم الى وسائل الاعلام الجدول الزمني العام لرئيس الوزراء. والهدف بالطبع هو الوصول الى اقصى قدر من الشفافية عن سلوكه. واذا لم ينقل هذا الجدول ليوم واحد فان هذا سيثير قلقا محقا في اوساط الصحافيين حول الحالة الصحية لرئيس الوزراء.

 ماذا كان سيقترحه المستشار الاعلامي لنتنياهو؟ امكانيتان: اذا كان الحديث يدور عن نشر يمس بأمن الدولة، فانه يمكن استخدام الرقابة واذا لم يكن كذلك، يمكن الاعلان عن الرحلة دون التطرق الى اهدافها الحقيقية. فللسياسيين بالتأكيد اسرار ولا يوجد ما يدعو الى اشراك الجمهور فيها. بدلا من ذلك فان عصبة الاعتباط في المكتب كذبت وكشفت هدف اللقاء في آن معا.

كان ينبغي لنتنياهو أن يفهم منذ بداية الازمة بانه عندما أعلن عنه كجندي مفقود فان الجدال لن يكون عن طبيعة زيارة رئيس الوزراء بل عن طبيعة رئيس الوزراء. في فترة ولايته السابقة وصل الى الزيارة في البلاد آرثور فينكلشتاين المستشار الاعلامي الامريكي لليكود. بسبب الطبيعة السرية للزائر عمد الناطق بلسان نتنياهو شاي بزاك الى النفي بان يكون هذا موجودا في اسرائيل. وفي الغداة نشرت صورة لفينكلشتاين صورة وهو يخرج من فندق "الملك داود" في القدس. تلك المرة ضحي برأس بزاك ونفي الى القنصلية في ميامي. في الحالة الراهنة الضحية الدورية هو السكرتير العسكري لرئيس الوزراء. والان لا بد انهم يبحثون له عن قنصلية مناسبة، ربما في سيبيريا.

المستشارون يقالون او يستقيلون ولكن الضرر الحقيقي يلحق بنتنياهو. لعله لا يوجد أقدام للكذب، ولكن له رأس، حتى لو ادعى بانه لم يعرف بذلك مسبقا.