خبر الخليل الأخرى .. يديعوت

الساعة 03:35 م|11 سبتمبر 2009

ناحوم بريناع

في يوم الاثنين نظمت في المقبرة اليهودية في الخليل مسيرة رسمية للاحتفال بمرور ثمانين عاما على المذبحة التي ارتكبت بحق يهود الخليل في عام 1929. ضيف الشرف كان رئيس الكنيست روبي ريفلين كما ان وزير الاعلام يولي ادلشتاين كان هناك وكذلك قاضي المحكمة العليا الياكيم روبنشتاين.

احد سكان المكان باروخ ميرزيل لم يكن مرتاحا لوجود روبنشتاين. "انت الرجل المتدين الداجن لبينش" صرخ في وجه. البعض انضموا الى صرخاته. في نهاية مراسيم الاحتفال توجه ريفلين الى الصارخين ووبخهم. "لنقل انكم على حق بصدد ما تقولونه عن الياكيم" قال لهم. "ولكن تذكروا انه جاء الى هنا ولذلك يستحق احتراما ما".

ملاخي ليفنغر، رئيس مجلس كريات اربع الجديد، كان في مراسيم الاحتفال. في صبيحة اليوم التالي قابلته في مكتبه. "انا لا احب مثل هذه الطقوس والمراسيم يتوجب اظهار وجود حياة هنا وتفاؤل وعدم الحديث عن الموتى. كل المؤسسات التربوية في كريات اربع تحمل اسماء اشخاص قتلوا ولو طلبوا مني ذلك لاطلقت عليها اسماء اخرى".

ملاخي هو ابن الحاخام ليفنغر الاب المؤسس للاستيطان اليهودي في الخليل وشاهد على الضربة التي تلقاها نهج التيار المتطرف بين المستوطنين المسمى "شبيبة الجبال". ضمن مفاهيم كثيرة ملاخي هو صورة معاكسة لوالده. هو "صاحب خط وطني عام" يقبل على نفسه ارادة الدولة ويحرص على التصرف في اطار القانون. عندما غضب المستوطنون واهتاجوا حول البيت في الخليل كان من المهدئين والوسطاء. اخلاء البيت تم في حينه بلا عنف.

في يوم الثلاثاء زاره وزير الرفاه بوغي هرتسوغ. هرتسوغ هو الوزير الوحيد باستثناء باراك الذي يشغل نفس الوزارة لولاية ثانية متتالية. للتواصل ميزة هائلة في حكومات اسرائيل التي تستبدل الوزراء بصورة كبيرة اكثر من استبدالها للجوارب. لا حاجة للاعلان في كل صباح ومساء عن الخطط الضخمة كما يفعل وزير التربية والتعليم جدعون ساعر. من الممكن التنفيذ.

وايضا الوزير الاسهل من حيث الوصول اليه. عندما يتعلق الامر بالرفاه الاجتماعي وبالاشخاص الضعفاء في المجتمع هناك لهذه الميزة لدى الوزير معنى خاصا. كل شيء يصل اليه وهو يعالج كل شيء ولا يعرف قول كلمة لا.

"هيا نتحدث عن شبيبة الجبال" يقول هرتسوغ لـ لفينغر واتباعه. "بالنسبة له هم لا يختلفون عن الشبيبة الاصوليين الذين يشاغبون في مئة شعاريم او الشبان الذين يحتسون الكحول في ايلات".

"فك الارتباط تمخض عن ديناميكية تمرد وعصيان" يقول عضو المجلس يورام المكاييس. "هناك من يجسد تمرده من خلال الكحول وهناك من يجسده من خلال توسيع المستوطنات".

"لديهم بؤرة استيطانية" يقول رئيس الطاقم التربوي آفي شوشان. "هم مجموعة متدينة لا تخجل من تدنيس حرمة السبت لماذا؟ لعدم وجود حدود. هذه ليست ايديولوجيا وانما تنفيس لكل اطار محيط بهم. عندما رأيت كيف يدنسون حرمة السبت شعرت بانكسار كبير جدا".

"طلبنا منكم اعداد خطة تأهيل للشبان" قال هرتسوغ. "لقد مررنا لكم الخطة" قال ملاخي. "في المرحلة الاولى سنعتني بالوالدين والاهل وفي المرحلة الثانية سنعدهم للخدمة في الجيش من اجل ربطهم بالشرطة والجيش. وفي المرحلة الثالثة سنعقد لهم لقاءات مع شخصيات مختلفة من الشعب الاسرائيلي. مع شبيبة غير متدينة لانهم يعرفون يهودا والسامرة فقط وفي المرحلة الرابعة سنبلور اطارا تعليميا يتضمن العمل باليدين".

"كيف ينظر جيل الوالدين عندكم لذلك؟" سأل هرتسوغ.

لفينغر ادرك ما الذي يلمح اليه ورفض هذا التلميح فورا. "هؤلاء اشخاص غادروا الاطار وليست هناك ايديولوجيا هنا" قال.

كريات اربع كانت المستوطنة الحضارية الاولى. يعيش فيها 7 الاف نسمة اي انهم زادوا الف شخص مما كانوا عليه في بداية العقد. بالمقارنة بالمدن الكبيرة في يهودا والسامرة والمدن الاصولية معاليه ادوميم، واريئيل – كريات اربع هي فشل كبير جدا. جل الاضافة السكانية جاء من ولايتين في الهند: ميزورام ومينيفور. 160 عائلة هندية تحتاج للسكن تعيش في كريات اربع ونصف عددهم يعيش في البلاد. اغلبيتهم احضروا الى هنا بمبادرة خاصة من الحاخامات. يواجهون صعوبات في اللغة والتأقلم والحصول على مصدر رزق. في الهند تحدثوا بلغتين مختلفتين.

وهناك ايضا حقيقة مذهلة: هم لا يستطيعون الصلاة في كنيس واحد حتى. قالوا لبعضهم في الهند انهم اشكنازيون وللاخرين قالوا انهم شرقيون والان لا يعرفوا الكثيرون منهم على اية طريقة يجب ان يصلوا.

هرتسوغ طلب زيارة مغارة الماكفيلا. في كريات اربع هو وزير يعطي الخدمات وفي مغارة ماكفيلا هو ابن والده الذي قرأ عندما كان سفيرا لاسرائيل في الامم المتحدة فقرات دراماتيكية حول شراء عفرون الحتي للمغارة الذي هو حفيد جده الذي كان حاخاما رئيسيا وابن ابن حفيد تايا هيلمان التي قطع عرب الخليل يدها خلال اعمال الشغب وادعت انها قد ماتت. اما خلال المحادثة التي جرت بيني وبينه فقد ظهر هرتسوغ حمامة من حمائم حزب العمل وقال انه راض عن مظاهر انحلال المستوطنات الحضارية غير الاصولية. "هذا المارد ليس بشعا كما نظن" قال.

"نحن نفضل حزب العمل" قال له احد اعضاء المجلس خلال خروجه من مغارة الماكفيلا وهرتسوغ بدوره ادرك انهم يخدعونه. "ولكن ان لم تعطينا ما نريده فسنرشقك بالحجارة" قالت له امرأة كانت هناك.

ميدالية برونزية

نتنياهو اخطأ خلال فترته الرئاسية في خطوات اكثر ارباكا من البيان الكاذب الذي رمى لاخفاء زيارته لروسيا. من المسموح عدم قول الحقيقة عندما يتعلق الامر بلقاء سري ومن المسموح في حالات اكثر تطرفا ممارسة الكذب حتى.

الجانب المثير للاهتمام في هذه القضية ليس الكذب وانما السذاجة: كان على نتنياهو ان يعرف ان الحكاية الحقيقية سرعان ما ستنشر في الصحف خلال ايام. ما هو جدوى الكذب عندما يكون كل طفل في البلاد مدركا ان حبل الكذب لن يصمد اكثر من 24 ساعة.

النقطة المثيرة الثانية هي ديوان رئيس الوزراء. نتنياهو ليس مسرورا بالديوان الذي شكله. رغم انه جالس على مقعده اكثر من خمسة اشهر ورغم انه ادخل لهذا الديوان عددا من الموظفين والمساعدين يفوق ما كان هنا في اي وقت من الاوقات الا انه ليس راضيا. هو يواصل البحث ويواصل اقتراح وظائف مشغولة باشخاص اخرين اليوم. بحثه الدائم يتسبب في حالة هستيريا وحرب بيزنطية. تدور هناك حرب من الجميع ضد الجميع.

بعض الاشخاص الذين جلبهم نتنياهو ليسوا ملائمين من حيث التجربة والذكاء. ليس لديهم تصور حول ادارة الدولة. البعض الاخر ليس ملائما من حيث الطبع والمزاج. عوزي اراد الذي ترعرع في احضان نتنياهو ليصل الى حجم هنري كيسنجر اصاب الديوان بعدوى الهستيريا الشخصية التي يعاني منها. اراد هو شخص مثقف موهوب ومكانه الصحيح قبالة الحاسوب في قسم الابحاث في الموساد. من المحظور وضعه في بيئة عمل مفتوحة جماهيرية ليتعامل مع الناس والاشخاص. من عدم المسؤولية تكليفه بمهمات سياسية مصيرية.

عندما كان نتنياهو وزيرا للمالية كان اراد مدرسا في مركز هرتسيليا. هو اقترح علي ان نلتقي فحددنا لقاء في القدس. في صبيحة يوم اللقاء اتصلت سكرتيرته لتعلمني بأنها تتأسف لالغاء اللقاء لان اراد سيذهب الى عزاء عائلي. عبرت عن مشاطرته العزاء ولاني وجدت ساعة شاغرة في جدولي فقد توجهت لسماع محاضرة وزير المالية. نتنياهو القى محاضرة في اطار مؤتمر قيسارية الذي انتقل في ذلك العام الى فنندق عينبال في القدس. وهناك شاهدت عوزي اراد جالسا على مسافة غير بعيدة مني. فعلى الفور شعرت بالذنب وانكمشت بمقعدي وبعد عدة دقائق تهربت ذاهبا للخارج.

في صبيحة اليوم التالي اتصلت سكرتيرة اراد طالبة تحديد لقاء جديد. "لدي حداد عائلي" قلت لها. فحددت موعدا اخر الا انني قلت مرة اخرى ان لدي حدادا عائليا.

في صبيحة اليوم التالي عادت واتصلت وقالت ان عوزي يصر على عقد اللقاء. فحدثتها بالحكاية وقلت لها انني ضبطته متلبسا بالكذب.

الا انها عادت للاتصال مرة اخرى فاستسلمت اخيرا وقلت انني مستعد لعقد اللقاء بشرط واحد: ان تعلم كل معارفها بهذه الحكاية. انا لست واثقا انها التزمت بالوعد الذي قطعته على نفسها.

لست مذنبا

هذا الحديث يقودني الى النقطة المثيرة الثالثة: نتنياهو اختار تكليف سكرتيره اللواء مئير كليفي بمهمة الكذب. ليس نتنياهو الذي كذب وانما كليفي.

هو فشل هنا واخطأ. ليس هناك ديوان لم يتورط بالاخفاقات بما في ذلك العبارات الكاذبة التي ارتدت على الرؤوس بضربة مرتدة. رئيس الوزراء عرف دائما كيف يقول: انا المسؤول وانا الرئيس هنا ولذلك انا الذي اتحمل المسؤولية. حتى شارون الذي اكثر من توزيع الاتهامات في مناصبه السابقة خصوصا نحو الاعلى، ادرك ان منصبه كرئيس وزراء يلزمه بعدم القاء المسؤولية للاعلى او للاسفل وان المسؤولية يجب ان تبقى على كاهله.

من الذي يحرس من

ثلة من المجندات والجنود خريجي القسم الفصيل 2 في دورة الناطقين بلسان وحدة الجيش الاسرائيلي التقطت صورة لنفسها في يوم الثلاثاء من هذا الاسبوع خلال زيارة للتجمع الاستيطاني اليهودي في الخليل. انتبهوا للجندي الواقف في وسط الصورة. عندما وصلت الى الخليل في نفس اليوم بعد الظهر اكثروا من الحديث عنه. هذا يعود لاسمه بعض الشيء وكذلك بسبب المرافق الذي يلازمه. مرافقه كان يرتدي الزي العسكري ولكنه كان مدنيا ويعمل مع شركة خاصة لحماية الشخصيات. ديوان رئيس الوزراء هو الذي استأجر هذه الشركة والجيش الاسرائيلي هو الذي يدفع الحساب.

مسألة صغيرة وسخيفة تقريبا ومع ذلك هي تنطوي على أمر جديد. مهمة الجنود في اغلبية الجيوش حماية المدنيين وفي جيشنا فقط يقوم المدنيون بحماية الجندي. وأي جندي: جندي مبتدىء في وحدة الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي.

هذا ليس جيشا: هذه نكتة

الجندي هو يائير نتنياهو ابن رئيس الوزراء. طلبه الاول كان الخدمة في مسرح الجيش الاسرائيلي (في الجيش يعتقدون لسبب ما ان وجود مسرح عسكري يسهم في الجهد الحربي). عندما لم يجتز لجنة القبول للمسرح طلب الخدمة في قسم الناطق بلسان الجيش. حلم حياته ان يمارس الدعاية، هذا ما قاله.

ما هي مهمة الجيش ان لم تكن تحقيق احلام المبتدئين الاغرار فيه. بأية طريقة وبأي ثمن. اما تحقيق احلام يائير نتنياهو فقد جرت حوله مداولات عند رئيس قسم العمليات ورئيس وحدة العمليات والناطق بلسان الجيش الاسرائيلي وصولا الى مداولات لدى رئيس هيئة الاركان.

خلال ذلك تدخل رئيس الشاباك. هو قرر ان هذا الشاب بحاجة للحماية. العادة جرت بأن يتولى الشاباك حراسة ابناء رؤساء الوزراء حتى سن الثامنة عشرة. على حد قول ضابط في الجيش تولى هذه المهمة، يائير نتنياهو تطوع قبل ايام قلائل من عيد ميلاده. الشاباك حرص على حمايته حتى حلول يوم ميلاده. وفي اليوم التالي نقل الكرة بسرور الى ديوان رئيس الوزراء.

خلال المداولات مع الشاباك تبلورت الاستراتيجية التي يجب ان تتبع: داخل قاعدة الجيش الاسرائيلي يمكن للجندي نتنياهو ان يتحرك من دون حماية. اما مناطق القتال فلن يرسل اليها لانها خطيرة جدا. كل خروج له من القاعدة في مهمة عسكرية او في اجازة ستكون مصحوبة بالحراس. ديوان رئيس الوزراء سيستأجر المرافقين الذين سيحرسونه والجيش هو الذي سيدفع مقابل ذلك.

اتفق ايضا ان تجري مداولات بعد انتهاء الدورة بعد شهر لاتخاذ قرار حول المكان الذي يعين فيه: قاعدة مغلقة ام قاعدة مفتوحة، قريبة ام بعيدة. يا ليت المسائل الامنية الاخرى تحظى بمثل هذا القدر من الاهتمام.

هناك شك ان كان احد ما قد تجرأ عن التساؤل حول هذه الحماقة. صحيح انه سيكون من المؤسف جدا لو اختطف ابن رئيس الوزراء فجأة ولكن ذلك ليس مؤسفا اكثر من اختطاف اي جندي اخر. ليس في اسرائيل في الوقت الحاضر نظام ملكي وابن رئيس الوزراء ليس الامير تشارلز من بريطانيا ولا الامير عبدالله من الاردن. مثله مثل اي جندي اخر.

ان كان ابن رئيسة المعارضة قادر على الخدمة في سلاح المظليين فان ابن رئيس الوزراء يستطيع ذلك ايضا. عندما كان رابين رئيسا للوزراء كان حفيده ممرضا في وحدة المظليين في عمق لبنان. الجنود اختطفوا ايضا في تلك الفترة ولكن احدا لم يفكر بارسال حراس لحماية الحفيد او ابعاد هذا الحفيد عن الجبهة.

رئيس الشاباك يوفال ديسكين هو ثعلب معارك ومخضرم في دواوين رئيس الوزراء. من الممكن الاشتباه بانه امر بحراسة هذا الشاب او ان ذلك طلب منه وهو من دون اكتراث وافق لان الميزانية لا تصرف من دائرته، او انه فعل ذلك لاهداف شريرة.

كان على احد ما في الجيش الاسرائيلي ان يقف ويقول كفى. ان كان حلم حياة هذا الجندي هو ممارسة الدعاية والاعلام فليوضح للمبتدئين الاغراب في مكان ما في النقب عدد الاجزاء التي تتضمنها بندقية الـ ام – 16. هذا ليس اقل اهمية او اقل نجاعة. ليختفي داخل البحر الاخضر. عندئذ فكروا بالفضيحة التي ستحدث هنا عنندما يخرج صحفي في مقالة ومن الذي سيرافقه من مكتب الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي ومعه مجموعة من الحراس.

ولكن احدا لم ينهض ليعبر عن الاحتجاج. بدلا من ذلك تقرر مطالبة اللجنة التي تشرف على حماية الشخصيات باعفاء الجيش من دفع ثمن حراسة الجندي يائير نتنياهو. الجيش الاسرائيلي مستعد لتحقير نفسه المهم ان لا يدفع الثمن.