خبر شهادة الفصل الخاصة بنتنياهو.. هآرتس

الساعة 12:36 م|10 سبتمبر 2009

بقلم: آري شبيط

قبل نصف سنة فقط وعد قادة حزب كاديما بعضهم بعضا بأن يكون الكابوس قصيرا. هم قدروا ان بيبي سيتمزق بين بن تصيون نتنياهو وسارة نتنياهو الى اشلاء ولن يتمكن من البقاء. تسيبي لفني ستأكله من الخارج وتسيبي حوتوبلي ستعصره من الداخل. نتنياهو سينهار في مواجهة التسونامي الاقتصادي والتسونامي السياسي. هو لن يوفر اية بضاعة ان اصبح مضغوطا ومشلولا. وهكذا ستتبدد عودة بيبي خلال اشهر قلائل وسيعود حزب كاديما الى زعامة اسرائيل. سيجلس على سدة الحكم من ولد من اجل الحكم:- ايال اراد، رؤبين ادلر، نفتالي شبيستر.

ولكن بعد خمسة اشهر ونصف من قيام نتنياهو بعرض حكومته على الكنيست، ما زال الكابوس قائما لا يتلاشى. الحكومة منتفخة سمينة ورمادية ولكنها واقفة على قدميها. الائتلاف غريب ومعقد ولكنه يؤدي وظيفته. هنا وهناك يتصبب عرقا ولكنه يحافظ على بقائه. بينما تجد لفني العزاء في صحبة مادونا وحاسوس، يصعد بيبي مزدهرا.

وفي الوقت الذي تذوب فيه اجنحة رئيس الولايات المتحدة ينبت جناحان برئيس وزراء اسرائيل رويدا رويدا. يوما بعد يوم اسبوعا بعد اسبوع، نتنياهو يبتعد عن صورته الشيطانية التي التصقت به ويرسخ مكانته كقائد اسرائيلي شرعي لهذا الزمان.

انجاز بيبي الاول في النصف سنة الاولى من الحكم سياسي. بيبي الجديد يختلف عن بيبي القديم بكونه سياسيا ماهرا. تعلم بعض الحيل من اريئيل شارون وحيلا اخرى من اولمرت. ولكن طريقة ادارته للامور في عام 2009 تنطوي على شيء يذكر بـ ليفي اشكول. هو يكثر من التشاور والاصغاء والتردد. هو حائر وغير حازم وخال من العجرفة. ما يوجهه بداية هو البحث عن الاجماع والوحدة والحلول التسووية.

لذلك تتصرف حكومته كـ مباي وليس كـ حركة اصلاحية. قليلا من الشاي وقليلا من القهوة، قليلا من اليمين وبعضا من اليسار. لم يتبق اثر من نتنياهو المزدهر المتغطرس المثير للخصومات في التسعينيات. باعتدال وحذر نجح في تعزيز ائتلافه غير الممكن وقيادة حكومة متعثرة والسير في محيط دولي مزروع بالالغام.

انجاز رئيس الوزراء الثاني هو اقتصادي. قبل اشهر قلائل وعدتنا عناوين الصحف بنكبة كبيرة. النمو كان سلبيا وجباية الضرائب انهارت والبطالة تصاعدت. العجز المتوقع كان هائلا واحدقت بتدريج الاعتمادات الاسرائيلية مخاطر حقيقية. بعد ذلك بفصلين نجد النمو في تنامي وجباية الضرائب في ارتفاع والعجز ينكمش ومكانة اسرائيل الدولية قوية ومتعززة. هذا الانقلاب السريع لم يكن ليحدث من دون تغيير دراماتيكي في المناخ الاقتصادي في العالم. الا انه لم يكن ليحدث لولا نتنياهو ووزير خارجيته يوفال شتاينتس وقيامهما ببلورة ميزانية ثنائية السنوات. خطة اقتصادية وصفقة رزمة. رغم الالتواء وبعض الاخفاقات الا ان قيادة بيبي – شتاينتس الاقتصادية برهنت عن نفسها.

انجاز نتنياهو الثالث سياسي. ثلاثة اشهر بعد ان خرجت صيغة بار ايلان لفضاء العالم اصبح واضحا انها تفعل فعلها. هي توحد الاسرائيليين حول حل الدولتين الواقعي اليقظ. وهي تجلب الكثيرين في الغرب لتأييد الاعتراف بالدولة اليهودية كما هي وان تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح. هي تلزم الفلسطينيين بحسب امرهم ان كانوا يتوجهون نحو السلام الحقيقي ام البرنامج المرحلي. خلال فترة قصيرة جدا نجح نتنياهو في اعادة تعريف وتحديد العملية السياسية. الان من الواضح للجميع ان واجب البرهنة والاسهام ليس ملقى على عاتق اسرائيل وحدها وانما على الفلسطينيين والدول العربية والاسرة الدولية ايضا. بعد ان اعطى اولمرت ولفني كل شيء من دون الحصول على اي شيء، ها هو نتنياهو يتبع سياسة متزنة ناضجة.

ولكن انجازات نتنياهو الثلاث ليست كافية. ما زالت حكومته تفتقد للاساس: الرؤيا. ليس واضحا الى اين تسير هذه الحكومة فعلا. رداء الاسمنت والحديد الذي يسعى رئيس الوزراء لالباسه للبلاد ليس هدفا وطنيا ملائما. محاولات وزير العدل لاقتلاع سلطة القانون خطيرة. لذلك وبعد ان انهى بنجاح مرحلة ترسيخ الحكومة والتصدي للمخاطر، يتوجب على رئيس الوزراء ان يسأل نفسه ماذا بعد. ان لم يعرف كيف يقترح على الاسرائيليين مستقبلا من الامل، فمن المحتمل ان يكون هذا المستقبل مستقبل شبيتسر وادلير واراد.