خبر من يحمي حرية التنديد؟.. معاريف

الساعة 12:34 م|10 سبتمبر 2009

بقلم: آشر معوز

(استاذ كرسي في معهد الحقوق في جامعة تل ابيب)

نشر في الصحيفة السويدية "أفتونبليدت" في منتصف آب تقرير صحفي زعم فيه ان الجيش الاسرائيلي قتل فلسطينيين، وقطع اعضاءهم وباعها. وزعم المراسل دونالد بوستروم في تقرير صحفي اخر، ان سلطات الصحة في اسرائيل تتصل بسلب الاعضاء الذي كان يرمي الى سد العوز من الاعضاء المخصصة للزرع في اسرائيل. نددت سفيرة السويد في اسرائيل بالتقرير الصحفي. وقالت "لا يزعزع التقرير المتحدث عنه الاسرائيليين فحسب بل السويديين ايضا. توجد حرية تعبير في السويد، لكن لا يمكن ان تستغل استغلالا سيئا. تتحفظ سفارة السويد في  اسرائيل تحفظا شديدا من مضمون الكلام".

حظي تنديد السفيرة نفسه بالتنديد من اتحاد الصحفيين في السويد، ومن محرر صحيفة "أفتونبليدت" بل من وزارة الخارجية. فقط رفض وزير الخارجية ورئيس حكومة السويد التحفظ من التقرير المنشور بزعم ان "حرية التعبير جزء من اساطين الديمقراطية".

بعد النشرة ببضعة ايام نشر الـ د. نيف غوردون وهو محاضر في جامعة بن غوريون في النقب ورئيس قسم العلوم السياسية فيها نشر مقالة في صحيفة "لوس انجلوس تايمز"، يدعو فيها الى مقاطعة اسرائيل لانها دولة "تمييز عنصري". يعبر غوردون في مقالته عن تأييد لخطة المقاطعة التي اعلنت في اسبانيا في 2008، والتي تعتمد على مبادرة لمنظمات فلسطينية قدمت الى مؤتمر دربن الثاني. تدعو هذه المبادرة من جملة ما تدعو اليه، الى فرض مقاطعة ثقافية واكاديمية على اسرائيل. بعقب نشر المقالة نشرت رئيسة الجامعة، البروفيسورة رفقا كارمي، بلاغا يتحفظ "من كلام الدكتور غوردون غير المسؤول والذي يستحق اخلاقيا كل تنديد".

حظي كلام كارمي بقدر كبير من الانتقاد، ووجد من دعوها الى تعليم حكومة السويد حرية التعبير ما هي. في عريضة وقعها 185 من اعضاء الدائرة الاكاديمية دعوا "جميع اعضاء الجامعات في اسرائيل الى الدفاع عن حرية التعبير وعن حرية التعبير الاكاديمية في اسرائيل".

يصعب ان نفهم ما صلة الحرية الاكاديمية ها هنا. فالدكتور غوردون لم يقيد في بحثه الاكاديمي وفي تعليمه. ان رجل الاكاديمية بنشره مقالة في صحيفة لا يختلف عن اي انسان اخر. فكلاهما يستحق حرية التعبير. من الجهة الاخرى، لماذا يطلب الموقعون المس بحرية الرأي والتعبير لكارمي نفسها؟ بل يصعب ان نفهم كيف يرى المحتجون التحفظ من كلام غوردون مسا بالحرية الاكاديمية. والعكس صحيح. ان التنديد بمقالة غوردون هي دفاع عن هذه الحرية. ان الدعوة الى فرض مقاطعة اكاديمية هي التي تمس بالحرية الاكاديمية.

قبل بضعة ايام نشر المستشار القانوني لحكومة السويد مقالة قرر فيها ان النقد لمجرد نشر تقرير صحفي في الصحف اخلال بالدستور حقا، لكن الحكومة من حقها ان توجه نقدا الى مضمونه. اكد المستشار القانوني ان قرار عدم الرد على التقرير الصحفي نبع من دوافع سياسية لا من اعتبارات قانونية. أربما يمكن بعد كل شيء أن نتعلم من السويديين ما هي حرية التعبير؟

أضيف الى توبيخ المستشار القانوني السويدي رد وزير الخارجية الاسباني، ميغيل مورتينوس، على نشر مقابلة صحفية مع منكر الكارثة ديفيد اريفينغ في الصحيفة اليومية الاسبانية "الموندو". في اجتماع وزراء الخارجية الاوروبيين - في السويد خاصة – اختار التنديد بالمقابلة الصحفية وذلك "برغم التأييد التام لحرية التعبير". أربما يمكن ان نتعلم من الاسبانيين ايضا؟