خبر لا يوجد في الغرب ولا في الشرق اي جديد.. اسرائيل اليوم

الساعة 12:31 م|10 سبتمبر 2009

بقلم: يعقوب عميدرور

حدث امر قبل ثماني سنين، في 11 ايلول 2001 فقد اختطفت اربع طائرات امريكية وانتحر مختطفوها مع جميع الركاب. انهار برجا التوأمين – رمزا الفخر الامريكي – ومعهما آلاف المواطنين. وأصيبت وزارة الدفاع في واشنطن اصابة شديدة، والطائرة الرابعة التي كان يفترض ان تنفجر في الكونغرس او في البيت الابيض، تحطمت في حقل غير بعيد عن العاصمة الامريكية. كان هذا هو الحادث الذي اثر من كل حادث آخر في سلوك العالم عامة والولايات المتحدة خاصة في العقد الاول من القرن الواحد والعشرين.

اصبحت اجهزة الامن والتحقيق والتنقيب في انحاء العالم غيلانا تشغل مئات الالاف من الناس. ان الصفوف في جميع وسائل النقل العام، ولا سيما في المطارات، اصبحت طويلة مرهقة، وما كان معمولا به في  اسرائيل في كل ما يتصل بالحواجز والفحص في دخول المؤسسات العامة والمجمعات التجارية اصبح من نصيب العالم الغربي.

الجيوش الغربية غارقة حتى الاعناق في حرب لا نهاية لها. احتل العراق برغم انه لم تكن له اي علاقة بالحادث وابعد زعيمه الطاغية. بيد انه الان، قبيل خروج الجيش الامريكي من العراق، يصعب ان نؤمن بأن الهدوء والسكينة سيسيطران على شوارع مدنه. يبدو ان القضاء على الطغيان الذي حكم العراق بيد من حديد اطلق قوى قد تفضي الى حمام دم متصل بل ربما الى انحلال الدولة. ومن الواضح ان حلم ازهار الديمقراطية في انحاء الشرق الاوسط قد كنز.

يوجد في افغانستان اليوم مصابون كثر من حلف شمال الاطلسي وتبدو الحرب بعيدة عن نهاية ناجحة. لا ينجح الغرب في انشاء حكومة تؤدي عملها او ان يتوصل على الاقل الى انجاز عسكري يمنع انصار القاعدة (الطالبان) العودة الى السيطرة على مناطق واسعة.

الحدود المخترقة في العراق وفي افغانستان هي نقط ضعف. وراء الحدود تنتظم قوى جديدة، ومن هناك يأتي مال وسلاح ويهرب الى هناك من تشتعل الارض تحت اقدامهم (يبدو ان ابن لادن نفسه قد نجا بهذه الطريقة).

في ضوء هذا الوضع الصعب يشعر كثيرون في عواصم الغرب بخيبة الامل الشديدة. تغلبت الاصوات الداعية للخروج من العراق، ويكثر الان اولئك الذين يدعون الى الخروج، من افغانستان ايضا بلا نصر او تسوية مريحة.

بمقابلة ذلك يوجد عدد من النجاحات من وجهة نظر القاعدة، الرئيسات منها هي كونها ما تزال تهديدا كبيرا ما يزال يستلزم جهدا أمنيا باهظا وصعبا ومغضبا، يرمي الى منع عمليات اخرى. ونجحت المنظمة ايضا ان تثبت في العراق وفي افغانستان خاصة انه سيكون من الصعب جدا الخلاص منها او تجاهل قوتها.

لكن في رؤية اوسع ليس يقينا ان الغرب خسر وان القاعدة انتصرت. فلن يبدل اي نظام في العالم الغربي في اثر ضغط القاعدة، ولم تصب اي دولة بدوار فقدان السيطرة على بعقب اعمالها (وان تكن توجد في اليمن علامات مقلقة) ولم تنجح في التغلغل الى القلوب على نحو يمكنها من التأثير في سياسة اي دولة مسلمة. وفي الدول التي تتمتع فيها المنظمة بمشايعة اساسية ايضا كالاردن بل كاجزاء كبيرة في العراق، فقدت جزءا منها لقسوتها.

فضلا عن ذلك، لم تنجح القاعدة في احداث عملية ريائية اخرى، لا في الولايات المتحدة ولا في اوروبا. لقد أثرت عمليتان صغيرتان في لندن ومدريد تأثيرا قليلا وهما بعيدتان من أن تبدوا موجة لا يمكن وقفها من الارهاب الدولي المخيف. وفشلت ايضا محاولاتها المس باسرائيل وبالاسرائيليين. النجاحات القليلة التي كانت لها، مهما كانت مؤلمة، كانت في دول مسلمة، فهناك يسهل عليها نسبيا العمل ويسهل على أناسها الاختباء.

السؤال الان هو سؤال القدرة على الصمود زمنا طويلا، وخاصة ما مبلغ استعداد الغرب الديمقراطي لانفاق المال وحياة الانسان من اجل سلب "القاعدة" القاعدة الارضية في افغانستان. بغير قاعدة كهذه تكون قدراتها اقل كثيرا. وليس واضحا ايضا الى اي حد ستظل اجهزة الاستخبارات والحراسة والدفاع وتحديد المواقع والتي هدفها منع العملية القادمة، في تطور، برغم الاثمان الباهظة التي تدفعها الدول في العالم من جهة المال والراحة بل حرية الفرد.

ان الغرب الذي اعتاد حياة الراحة بغير استعداد لبذل الذات، سيصعب عليه ان يواجه زمنا طويلا جهة طريقة تفكيرها مختلفة. فالقاعدة مكونة من أناس لديهم صبر لا ينتهي واستعداد شخصي للمعاناة وللتضحية. في هذا الفرق بين المجتمعين اللذين يواجه بعضهما بعضا تكمن المشكلة، لا في النجاحات التي لم تكن حتى الان للجهاد العالمي بعد 11 ايلول 2001.