خبر مسيحانية اليسار .. إسرائيل اليوم

الساعة 08:58 ص|09 سبتمبر 2009

بقلم: درور ايدار

لماذا لا نستطيع الوقف، سأل ها هنا أمس يهوشع سوبول، الوقف – اي وقف البناء في المستوطنات. استعير جواب ذلك من ادمان مدخنين مدمنين في مرض مزمن يستنشقون النشقات الاخيرة قبل الهلاك النهائي بلحظة.

وانا أسأل، لماذا لا يستطيع الذكاء الاسرائيلي الوقف، اي وقف الخطأ في اوهام خطرة هي انه قد ينشأ ها هنا حقا سلام على طرز أملاها اليسار الاسرائيلي في عشرات السنين الاخيرة؟ لماذا لا يمكن الاعتراف بالخطأ؟ من ها هنا العقلاني ومن هو الخلاصي؟ من الذي تنوي حكومة اسرائيل عقد اتفاق سلام معه – أفتح؟ أحماس؟ الجهاد الاسلامي؟ القاعدة؟ رأينا اخيرا ما حدث في مؤتمر معتدلي فتح. لم يوجد اي تراجع عن المطالب غير الممكنة مثل عودة ملايين اللاجئين الفلسطينيين الى داخل اسرائيل. لا شيء سوى تصريحات حماسية لم تكن لتخزي حماس ايضا.

يوجد تصور آمنا به مرة، لكنه انهار في العقدين الاخيرين بالدم والنار والمنتحرين في شوارع اسرائيل. ها هنا مذيع يدفع الى زاوية "اليمين المتطرف" مسؤولين كبارا في الليكود ارادوا الاهتمام برخص بناء في المستوطنات اليهودية في يهودا والسامرة. لماذا "اليمين المتطرف"؟ في هذه المستوطنات لا يمكن فتح فصول دراسية اخرى بسبب التجميد. ما الذي حدث حتى جعل رأينا يتشوش الى هذا الحد؟

لا يستطيع جزء كبير من اليسار الاعتراف بالخطأ، وهو متمسك بالقرون العفنة لمذبح سموه مرة "سلاما" ولم يبق منه اليوم سوى آلهة روحانية لقبيلة تسيطر على أكثر مراكز القوى. بدل ذلك يشغلون انفسهم في معسكر الاوهام باغتيال كل من قد يهدد هيمنتهم.

ونحن قد جربنا في الحقيقة. فقد وافقنا على تقسيم البلاد في 1947، ووافقنا على البقاء في حدود 1967 حتى حرب الايام الستة، ووافقنا على اوسلو الاولى واوسلو الثانية، ووافقنا على انسحاب شبه تام على يدي ايهود باراك في كامب ديفيد في سنة 2000، وانسحبنا من غوش قطيف ومن قطاع غزة بثمن باهظ، ووافقنا على يدي ايهود اولمرت على تقسيم نهائي للبلاد – فما الذي حصلنا عليه؟

يزعم البروفيسور معوز عزرياهو ان المشكلة هي ان الحل الذي يقترحه اليمين سهل جدا بالنسبة للناس المحكمين، او من يُتوهم  احكامهم، في اليسار الاسرائيلي، لهذا يحتقرون هذه الافكار. لذلك يحاولون دائما تربيع الدائرة، وان يعتقدوا اننا نحن المذنبون في الحقيقة لاننا لم نتجرد من ملابسنا تجردا كافيا امام الفلسطينيين، ولانه ما تزال ورقة تين وحيدة تغطي عورتنا السياسية والثقافية فاذا ما ازلناها فقط ستنتهي مشكلاتنا. آنذاك سيأتي السلام. سنرى فجأة مخلصا يركب فوق رايات حماس على مبعدة كيلومترات معدودة عن ابراج اكيروف.

الحل هو انه لا يوجد حل. سنتابع البناء بيد ونحارب بيد ثانية. التقاليد القديمة في الشرق الاوسط اقوى من العقلانية الغربية التي يريد اليسار الاسرائيلي ان يعلمها الفلسطينيين. ستظل اسرائيل الى الابد نبتة غريبة بين شعوب المنطقة. اذا ما آمنا بأنفسنا فقط، وبعدل طريقنا، وبحقنا الطبيعي في هذا البلد، وبمنعتنا الاخلاقية فهنالك احتمال لان تسلم شعوب المنطقة لوجودنا. ليس البناء في المستوطنات اليهودية استنشاق دخان سرطانيا، بل استنشاق هواء حياة يستطيع هو فقط ان يجعل السفينة الصهيونية تتنفس كما فعل الى الان في الـ 120 سنة الاخيرة.