خبر يفقدون الكتل .. يديعوت

الساعة 08:50 ص|09 سبتمبر 2009

بقلم: دوف فايسغلاس

مستشار شارون سابقا

الخلاف الحالي بين اسرائيل والولايات المتحدة في مسألة تجميد البناء في يهودا والسامرة هو مؤشر على عملية فقدان الاعتراف الامريكي بالصيغة العملية لتسوية اقليمية مستقبلية بين اسرائيل والفلسطينيين: اسرائيل تبقي تحت حكمها المراكز الاستيطانية الكبرى في يهودا والسامرة وتصبح باقي الاراضي دولة فلسطينية.

على أساس الافتراض بان هذا هو وجه التسوية المستقبلية، حققت اسرائيل كل تلك التفاهمات والترتيبات – خطيا وشفويا – والتي أتاحت استمرار البناء والتطوير المحدودين في الكتل الكبرى. اصرار الحكومة الحالية على عدم مواصلة التمسك بهذه الصيغة، وامتناعها عن طرحها كمطلب اسرائيلي، سيؤدي في نهاية المطاف ليس فقط الى تجميد البناء، بل وسيؤدي الى فقدان القدرة السياسية على مواصلة الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبرى.

الموقف الامريكي التقليدي كان يرفض من حيث الاساس السيطرة الاسرائيلية في يهودا والسامرة ويعارض على أي حال كل نشاط تطوير وبناء كفيلين بتخليد تلك السيطرة. عندما تثبتت الدولة الفلسطينية المستقبلية كمسلمة سياسية عالمية – حسب خريطة الطريق – ازدادت الحساسية والمعارضة الدولية للنشاط الاستيطاني الاسرائيلي: "الدولة" كما درج الامريكيون على ان يقولوا لنا غير مرة، "تحتاج الى أرض متواصلة ومنطقية في حجومها. وشددوا على انهم لن يوافقوا على واقع يؤدي فيه وجود – واستمرار نمو – البلدات الاسرائيلية في يهودا والسامرة (وفي حينه غزة ايضا) في نهاية المطاف الى خلق دولة فلسطينية تبدو كـ "قطعة جبنة سويسرية".

هذه هي خلاصة علل المعارضة الامريكية لاقامة بلدات جديدة او توسيع بلدات قائمة. حجة اسرائيل بانه مع حلول تسوية دائمة ستخلي مواطنيها، كما تفترض تلك التسويات، لم تحظى بمصداقية كبيرة، في أدنى تعبير.

في عهد ولاية حكومة شارون بدأ يلوح مظهرا لتسوية دائمة اقليمية بشكل أولي، مبدئي وعمومي جدا – صيغة وضعت بالخطوات التالية: اقرار خريطة الطريق والموافقة على اقامة دولة فلسطينية (بشروط مسبقة معروفة ومفصلة)؛ تحقيق خطة فك الارتباط واظهار استعداد لاخلال مناطق فلسطينية مأهولة بالسكان، ليس لاسرائيل فيها مصلحة على المدى البعيد، الصياغة المتفق عليها لكتاب الرئيس بوش الى رئيس الوزراء شارون، والذي تقرر فيه ضمن امور اخرى بان برأي الولايات المتحدة في كل تسوية دائمة ستبقى الكتل الاستيطانية الاسرائيلية تحت سيادة اسرائيل، وما ينطوي عليه ذلك من ان باقي الاراضي – نحو 90 في المائة من مساحة يهودا والسامرة وكامل مساحة غزة ستكون اراضي الدولة الفلسطينية التي ستقوم.

النظرة المشتركة لاسرائيل والولايات المتحدة بشأن المبادىء لترسيم الحدود الدائمة ساعدت في تحقيق التفاهمات بشأن استمرار البناء، وذلك لان تلك التفاهمات والترتيبات ركزت على ذات المناطق التي كان واضحا للجميع بانها ستكون جزءا من اسرائيل في كل صيغة للتسوية الدائمة. بل ان هذا يذكر: في تلك الايام رئيس السلطة الفلسطينية كان ياسر عرفات  - كريه نفس الولايات المتحدة – والسلطة كان تعتبر رمزا للارهاب والفساد؛ والدولة الفلسطينية في حينه بدت كموضوع غير عملي على الاطلاق.

ليس هكذا اليوم: السلطة الفلسطينية تسيطر كما ينبغي على اراضيها، تفرض القانون والنظام وتؤدي وظائفها بشكل معقول جدا ولا سيما في مجال الامن. المطلب الفلسطيني بالاستقلال السياسي مقبول اليوم بقدر أكبر في العالم، والقلق الدولي على وحدة اراضي الدولة الفلسطينية وتواصلها حقيقي أكثر.

حكومة اسرائيل الحالية تمتنع عن تبني "مثابة الخريطة" العامة اياها، التي تميز بين المناطق التي ستسيطر عليها اسرائيل وتلك التي ستسلم للفلسطينيين. وما أن ضاع التمييز بين هذه وتلك، ضاعت الموافقة الامريكية على مواصلة التطوير في "الجانب الاسرائيلي" من "الخريطة". ومع الانتباه الى الوزن المتعاظم للحجة الفلسطينية، وبالمقابل التخفيض المتواصل في قيمة الموقف السياسي لاسرائيل، فان ثمة تخوف بان ليس فقط "حق البناء" في الكتل الكبرى سيضيع، بل مجرد التأييد السياسي لابقائها بيد اسرائيل. حالة اخرى تؤدي فيها الرغبة في الاحتفاظ بكل شيء الى فقدان كل شيء.